المشهد الثقافي بجهة الشمال: دينامية محلية تصارع اعتباطية المركز
المشهد الثقافي بين المثقف وأشباه المثقفين معطلي كل تغيير في المشهد القائم
سومية نوري: صحافية متدربة
ونحن نودع سنة 2022؛ لا بد لأي متتبع للشأن العام أن يستحضر سلسلة من الأحداث الكبرى؛ سواء تلك التي تتعلق بالجهة التي ينتمي إليها، أو على المستوى الوطني؛ ولعل من بين هذه الأحداث ما شهدته الساحة الثقافية بجهة طنجة- تطوان- الحسيمة، والتي تعززت بمجموعة من المشاريع المهيكلة، وخلق أو تجديد العشرات من المؤسسات الثقافية، ناهيك عن الأنشطة والبرامج الرامية الى خدمة الثقافة في شموليتها ومختلف أبعادها.
ولكن بالمقابل؛ هناك الوجه الخفي لهذه الدينامية الثقافية والسائر بالتوازي معها؛ وهو المتعلق بمحاولة احتكار القرار الثقافي مركزيا؛ وعدم استيعاب بعض المسؤولين لمفهوم الجهوية المتقدمة؛ بل منهم من أبان عن انزعاجه من تنزيل مضامين هذه الجهوية، موقعا بذلك تحالفا ضمنيا مع بعض المتضررين من الإصلاح ونهج الشفافية، ومع “أشباه مثقفين” أغضبهم فقدان امتيازات كانوا يحصلون عليها من خارج القانون.
ويرى بعض الملاحظين أنه من حسن ما طبع هذه الدينامية في المشهد الثقافي بجهة الشمال، أن الكثير من المشاريع حظيت بالعناية المولوية لصاحب الجلالة، ووفقا لرؤيته الرشيدة التي تهدف إلى صون الروافد المتعددة للهوية المغربية، وفي نفس الوقت الحفاظ على الخصوصية الجهوية والمحلية، وهي إحدى مكامن القوة التي تفردت بها الحضارة المغربية ومنحتها تميزا قل نظيره.
فقد عرف قطاع الثقافة بجهة طنجة- تطوان -الحسيمة خلال فترة المدير الجهوي السابق، الأستاذ كمال بن الليمون، استكمال وتتمة مجموعة من المشاريع الكبرى، خاصة تلك المبرمجة ضمن برنامج “طنجة الكبرى”، “الحسيمة منارة المتوسط”، و”التأهيل الحضري لمدينة تطوان” وذلك وفق مقاربة تشاركية شملت العديد من الشركاء مثل “وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال” وولاية الجهة؛ والجماعات الترابية.
وكمثال على هذه الدينامية فقد عرفت الجهة، خلال هذه الفترة، إطلاق برنامج تكميلي لتأهيل وتثمين المدينة العتيقة ل”تطوان”، إلى جانب إبرام خمس اتفاقيات متعددة الأطراف لتأهيل وتثمين المدن العتيقة ل”شفشاون”، “وزان”، “القصرالكبير”، “العرائش”، “طنجة”؛ وتثمين مجموعة من المواقع الأثرية بالحسيمة؛ كما شكل الإهتمام بالنسيج العمراني إحدى المحاور التي أبلى في تنفيذها، المدير الجهوي للثقافة، بلاء حسنا، وبالخصوص مشروع المنتزه الحضري “بيرديكاريس” ومغارة هيرقل”.
هذا؛ الى جانب العناية التي حظيت بها “دار النيابة” و”سجن القصبة” و”فندق الصياغين” و“برج النعام” و”برج بن عمار”، وضريح “ابن بطوطة” والمعبد اليهودي “الصياغ”، وعدد من الأبراج التاريخية على أسوار القصبة؛ كما تعززت البنيات الثقافية بافتتاح مركز التعريف بالتحصينات التاريخية ب”برج دار البارود”…، وترميم قلعة “أربعاء تاوريرت”، و”قلعة طوريس”، والموقع الأثري “المزمة” بمدينة الحسيمة… .
التعليقات مغلقة.