أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

المعطيات الاجتماعية وتفاقم الجريمة بالمغرب

بقلم الصحافي : حسن مقرز . بروكسيل .

أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني نهاية السنة الماضية ، أنّه في مجال مكافحة الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن، عالجت مصالحها سنة 2020 ما مجموعه 851 ألفاً و343 قضية زجرية، جرى استجلاء حقيقة 817 ألفاً و259 قضية منها، وذلك بزيادة تناهز 33 في المائة، مقارنة بعدد القضايا الزجرية التي سُجِّلَت سنة 2019.

و 2.1 جريمة لكل 100 ألف نسمة، هو معدّل انتشار الجريمة في المغرب، حسب التقرير الأخير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وهو رقم يبيّن تصاعد الجرائم في المغرب،الكل يعلم انه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فُقد الأمن، لذلك قدمت نعمة الأمن على نعمة الرزق في الآية الكريمة { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } سورة البقرة الآية 126
والأمن مطلب أكثر الناس بل هو مطلب العالم بأسره، فكيف يعيش المرء في حالة لا يؤمن فيها على نفسه، فلا تتحقق أهم مطالب الحياة إلا بتوافر الأمن.

هل هناك مبالغة في ظاهرة الإحساس بانعدام الأمان ام انها حقيقة مرة لا بد من معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها؟
فالعنف اصبح في الشارع وفي المنزل وحتى في المدارس و الجامعات حيث اصبح المدرس عرضة للتعنيف المادي والمعنوي بشكل مثير للفزع
والظاهرة الأخرى التي تفشت في مجتمعنا والتي تدق ناقوس الخطر هي التفاقم المرعب للجريمة مع سبق الاصرار.
فالمجرم اصبح “يتفنن” في تنفيذ جريمته ودون أدنى خوف للوصول إلى مبتغاه
من ذلك مثلا جريمة آسفي، جريمة قتل و طعن على المباشر، و في اكادير عن الشرطي الذي تلقى طعنات في الظهر و..و.. لا ننسى الجريمة الشنعاء التي تعرض لها الطفل عدنان و…ما أكثرها الجرائم التي استهدفت البراءة.وكثيرا ما اهتز المواطنون على وقع جرائم قتل مروعة، ارتكبها الجاني في حق أحد من أفراد أسرته أو أقاربه، مثل المجزرة الدموية التي وقعت بضواحي الجديدة ، حيث أقدم الجاني على قتل عشرة أفراد من عائلته ضمنهم والديه وزوجته، يضاف إليها جريمة قتل شرطي لزوجته بالبيضاء، وقبلها مجزرة مسجد تطوان التي راح ضحيتها أربعة مصلين ضمنهم إمام المسجد، إلى جانب جرائم قتل بشعة أخرى نفذها الجناة في حق والديهم أو زوجاتهم أو أولادهم وغيره. وهي جرائم وقعت نتيجة مجموعة من الأسباب يرجع أغلبها إلى معاناة الجناة من أمراض عقلية، إضافة إلى أسباب أخرى .

من الاسباب في انتشار الفوضى في وطننا وهو تفشي ظاهرة التهريب وبالذات المخدرات بجميع أنواعها ومنها حبوب الهلوسة والهوس”القرقوبي” التي تتسبب في اضطرابات نفسية وجسدية فتجعل الإنسان لا يفقه شيئا حتى أنه لا يشعر لا بالألم ولا بالخوف مما يؤدي به الى ارتكاب جرائم فظيعة كالتي سبق ذكرها، وهذه الآفة تترك آثارا مدمرة ليست على المدمنين وأسرهم فحسب وإنما تمتد تداعياتها إلى المجتمعات والدول. فالمخدرات وبالأخص القرقوبي (حبوب الهلوسة)، فالشخص الذي يتعاطي الأقراص المهلوسة تجعله يفقد السيطرة على روحه ويصبح عدوانيا بطريقة خطيرة، وعدوانيته إن لم يجد ضد من يوجهها، فيوجهها ضد نفسه، لذا دائما نجد أذرعهم مجروحة “مشرطة”، وهذا بحد ذاته إشكالية.

والسؤال المطروح : كيف يمكن معالجة هذه الوضعية الخطيرة المتفاقمة لانعدام الإحساس بالامان وإيجاد الحلول المناسبة   لها ؟

بكل بساطة هي مسؤولية الجميع الاحزاب التي أصبحت و للاسف آلية للوصول إلى السلطة ،المجتمع المدني فنسبة كبيرة ولا اعمم تسعى إلى ربح المال و البحث عن الدعم ،الاعلام و للاسف كذلك فغالبيته تبحث فقط عن زيادة نسبة المشاهدة و ربح المال .ولا ننسى دور الأسرة و المدرسة :فالتأطير، التكوين،التربية،المحاسبة هي مفاتيح و حلول المعضلة فالمجتمع محتاج إلى بناء مدارس و مؤسسات تكوينية ولا إلى بناء السجون و الزيادة في قوات الأمن .فاستفحال الإجرام عند الشباب، يعود كذلك إلى انعدام أو ضعف الوازع الديني دون ان ننسى ”الدور السلبي الذي تلعبه بعض مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها وطنيا ودوليا في نشر ثقافة الإجرام والتطبيع معها”.

فالجريمة تفاقمت بشكل كبير وذلك راجع إلى عدة معطيات اجتماعية بالخصوص، كالبطالة، وعدم وجود الأندية وتفريغ الطاقة، ودور الشباب وملاعب رياضية، كلها عوامل، تدفع بالشخص إلى تعاطي للمخدرات كحل للهروب من الواقع، وبالتالي يصبح مدمنا عليها.

و كذلك هناك قضية يجب أن يعاد فيها النظر، وهي المنظومة الزجرية “لأنه يمكن أن تصنع لنا مجرمين ، إذ ما معنى أن يتم اعتقال شخص “مقرقب” وبعد قضائه لستة أشهر تقريبا يخرج من السجن، ثم يتم اعتقاله مرة أخرى وهو “مقرقب” ومعتدي على شخص آخر وتسبب له في عاهة”، مؤكدا أنه بدخول هذا الشخص  للسجن سيزيد إدمانه على حبوب الهلوسة وبعد قضائه لعقوبته السجنية يخرج مرة أخرى، وهكذا يصبح متعودا على الأمر، وبالتالي وجب إعادة النظر في المنظومة الزجرية.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. إذا أصيب القوم في أخلاقهم…فأقم عليهم مأتما وعويلا..

نسأل الله العلي العظيم أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان وأن يحفظ قادتنا وأولياء أمورنا ويحفظ وطننا الغالي الذي تربع على القمة وأصبح مضرباً للأمثال.
حسن مقرز بروكسيل

التعليقات مغلقة.