أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

المغرب للجزائريين حبيب / 24

الرباط : مصطفى منيغ

ليس القلق مَن جفاني النوم بسببه، بل ازدحام الترتيبات لتتواصل حلقات السلسلة لغاية اختتام العملية في سلام، منها تزويد الأخ “الشيوعي” بآخر اللمسات للعمل الذي سيقدِمُ عليه بالرَّغم من خطورته، إن تململ عن تعليماتي المحدَّدة من أَلِفِها إلى يائِها ، مسافة خطوة واحدة تائهة عن خطِّ مسارها ، ذاك العمل الجاعل عقل الرئيس الهواري، يستوعب الدَّرس جيداً ويتيقَّن أنه  تعامل مع السَّراب ومِن حوله مهما بلغت حراستهم لمقامه لن ينفعوه، فما عليه إلاّ مراجعة تقنيات رُؤاه لما خطَّط برغبة إزاحة المملكة المغربية، عن طريق طموحاته التي لن تتحقق ما دامت على باطل، وليبدأ بقراءة التاريخ المغربي قراءة متأنِّية مصحوبة بفهم مؤكدٍ لمجريات أحداثه، ليقفَ على حقيقة تهمه من عديد حقائق ، أنّ المغرب وصلت لحدوده “تركيا” وعادت لحال سبيلها ، لأنها تمكَّنت من قراءة نفس التاريخ لتحظى  بنفس الفهم الغائب على فخامة الهواري بومدين. القوة مهما بلغت لا تفي بالغرض، إن استُهلِكَت في هجوم، قد يحرق اليابس والأخضر لكنها إلى سلّة المهملات مصيرها في تاريخ لا يرحم، فإلى أي مستقبل وصل إليه “أدولف هتلر”، أليس للانتحار المُخزي؟؟؟،  وتشريد الملايين من الألمان، وتقسيم ألمانيا، لتكون تلك المرحلة الألعن لدى العقلاء عبر العالم ، فعلى المقلِّدين لهتلر ذاك، أن يسحبوا ذاك التَّقليد من مخيِّخِهم إن أرادوا الخلاص من وهمِ العظمة المبنية على التدخُّل في شؤون الغير، كما يفعل الهواري بومدين الآن مع المغرب. الصديق “الشيوعي” مكلّف من طرفي ليشرف على “ساعية بريد” توصل رسالة خطيّة مبعوثة من المواطن المغربي مصطفى منيغ، بأسلوب وطريقة يجعلان وجهتها وتوجهها لا يتوقفان إلاّ و ذاك الرئيس المتربّع على أريكة مستوردة من فرنسا خصيصا لتلك المناسبة، يقرأ منها ما يقطع أنفاسه للحظات ما رَغِبَ أن يحيا ليعيشها ولو في الأحلام.

… هناك جزئيات تظل بعيدة عن اهتمامات جهاز المخابرات المتيقن أنه قابض على زمام أي زاوية في مربع مهما اتسع فضاؤه ، متحكِّم بما يتوفر عليه من نخب مدربة على أعلى مستوى يعوّل عليها حسب المطروح كمضمون يستحق الأقصى من التركيز. من هذه الجزئيات تشديد الثقة دون التأكد فيمن يتمتع بها، ومادام لكلٍ نقطة ضُعف، يبقَى التمكُّن من التسلّل عبر الملتصقة بصاحب علة، قد يُشْفَى منها مقابل تعامل خاطف، للحظة مخطوفة محسوبة كانت في توقيت مَن يُفاجَأ بما حصل أثناءه بعد فوات الآوان. صداع حراسة  قائمة على إبراز مظاهر تجعل الحيطة ذاتها تحتاط، مجرَّد جعجعة في كأس زجاجه مشقوق في جانب لا يلاحظ بسهولة، فثمة فرق بين جماعة تحرس الموجود من اقتحام مجهول، وفرد موجود للتحرك صوب الموجود مزود بما يعينه على قضاء مهمته من معلومات خلاف تلك الجماعة المسلحة بما هو اصطناعي وما هو طبيعي كالعقل لكنها ناقصة ما هو أهم من هذا وذاك “الذكاء” ومهما تضاعفت حدّته كان أحسن، لا يعني هذا التقليل من أهمية جهاز المخابرات الجزائري ولكن هي ملاحظة قد تبدوا متواضعة لكن في مثل الحالات لا تختلف عن الأساسية الواجب أخذها بعين الاعتبار، الشعب الجزائري في معظمه محب للمغرب وشعب المغرب، يتجلى هذا في الشريط الذي أعرفه شخصيا طرقا رئيسية وثانوية ومنابع ماء وكثبان رمال وأسر على رأس قبائل يُضرب بها المثل في المروءة والكرم وعزة النفس والدفاع عن الشرف، الشريط الممتد ، طولا من “بور سَايْ” غرباً، إلى “القْنادْسَة” و”عين الصفراء” و”بني ونِّيفْ”ّ شرقاً، وعرضا من أي نقطة من النقط المذكورة لغاية “وهران” محور التعاطف البشري الاجتماعي المغربي الجزائري، المقابل لوجدة،   مثل هذه الوضعية حُرَّاس النِّظام من مخابرات ومشتقاتها الأمنية، لا يعيرونها أية أهميّة، يتصرَّفون مع الجزائريين كجزائريين وكفي، وما دونهم مجرَّد خاضعين لدولة أجنبية، وهذا في حد ذاته ركن من أركان الفشل القائم عليه ذاك النظام بصفة عامة.

… مع الفجر وصل الأخوين المغربيين حيث انتظرتهما ومعي سيارتين احداها مخصَّصة لنقلمها حتى نقطة العبور إلى المغرب، والثانية موضوعة رهن إشارتي، وهما يرتِّبان حاجياتهما في صندوق السيارة انفردتُ جانبا ب(ب/ي)  لأسأله عن ذاك القيادي في جماعة البوليساريو، فأخبرني أن المسألة مرَّت، وذاكرته فارغة أصبحت، من كل مخزونها السري، بما يُعري تلك الراغبة في تأسيس دولة داخل دولة الجزائر، مِن غطاء كل المغالطات الملحقة بالقضية ككل من طرف هؤلاء المرتزقة، لقد تركناه نائماً بعدما شرب لوحده ثلاثة أرباع تلك القنينة ذات اللترين من أجود شراب فاخر مستورد من بلاد الضباب، ممّا نبّهني لاستفسر عن مصير القنينة الفارغة ، وكم كان اندهاشي مِن داك الخطأ الفادح المُرتكب (بترك تلك القنينة بجانب النائم المذكور) من طرف عقلين يعيان أن حياه صاحبيهما قد تكون معلَّقة لأشرس انتقام بأقّل منه، فشرحتُ له الموقف في عجالة موضحا له، أن المخابرات ستبحث في كل مكان عن أدلة تفسح لها المجال لإتباع أي خيط يوصلها لمعرفة حقيقة ما جرى، والقنينة تمثل خيطا رفيعاَ يقحم حتى القنصل العام المغربي، المطبوعة بصماته فوق سطحها، وحتى إن مسحها ماسح فمعروف مصدرها  أحد المؤسسات الدبلوماسية، وفي الحالة ليس هناك معنية لدى أجهزة تلك المخابرات إلا المغربية كالقنصلية العامة التي زرناها والعيون جاحظة اتجاهنا، لذا طلبتُ منه العودة لإحضارها وبسرعة، التحقَ بي على بعد أمتار (ب/ع) راسماً فوق وجهه حيرة ينتظر مني إيقاف توسُّعها على كامل حواسه بتفسير ما وقع حتى عاد (ب/ي) راكضاً من حيث أتى، ولما علِم بالأمر هدأَ واعترف بالخطأ المرتكب من كليهما معاً، بالمناسبة اغتنمتُ الفرصة لأبلغه أن السائق لا يهمه من الأمر شيئاً بعدما توصَّل بثمن عمله مُسبقاً، لكن يبقى الحذر واجباً، فليكن حديثهما إن تَمّ على أضيق حيّز، أما آخر ما يستطيعان الانشغال به فهو النَّوم ثم النوم، وعند الوصول قبل الاتجاه للشرطة الجزائرية لتقديم جوازي سفرهما كمسافرين عادين عائدين لوطنهما المغرب، أن يتمعنا ناحية “الخندق” لبضع دقائق، إن رآني استمرا في الإجراءات الرسمية مع الجانب الجزائري، وإن تأكَّدا من غيابي فليتّجها للعبور بإتباع مسلك اطلعتُ عليه محدّثي بحضور الصديق الآخر، وبين يديه القنينة التي طلبتُ منه الوقوف لقضاء حاجة في الطريق بعيداً من العاصمة ويكسرها تكسيرا يعيِّب به ملامحها بالمرة، تعانقنا بحرارة وتعاهدنا على اللّقاء حيث الخير في بلاد الخير يَنتظرنَا.(يتبع)

 

التعليقات مغلقة.