أصوات من الرباط
ويأتي محور الندوة، التي انطلقت أمس الأحد، حول موضوع “الاستطاعة في الحج والمستجدات المعاصرة”، بالنظر إلى الحاجات الملحة التي بات يفرضها العصر الراهن مع تزايد التحديات الصحية والتنظيمية والبيئية، إلى جانب ارتباط أداء هذه الشعيرة بمدى القدرة العلمية والتنظيمية، ناهيك عن الاستطاعة البدنية والمالية.
وتأتي هذه الندوة، التي دأبت وزارة الحج والعمرة السعودية على تنظيمها سنويا، في سياق تسليط الضوء على مفهوم الاستطاعة في الشريعة الإسلامية، ومناقشة أبعاده الفقهية في ظل المستجدات المعاصرة، بما يسهم في تيسير أداء الشعيرة وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية.
وأكد المشاركون في جلسات الندوة، المنظمة بالشراكة مع هيئة كبار العلماء ودارة الملك عبد العزيز، على ضرورة توضيح المفهوم الصحيح للاستطاعة، وتوعية الحجاج بمعانيها وأبعادها، بما يكفل أداء الفريضة على الوجه الأكمل، دون مشقة أو تفريط، وكذا الحرص على تبصير الحجاج بالأنظمة والتعليمات المرتبطة بأداء شعيرة الحج، معتبرين أن هذا المفهوم يعد جزءا من الاستطاعة الشرعية.
ودعا المشاركون في الندوة، في بيانهم الختامي، إلى تعزيز أعمال البحث العلمي والدراسات الشرعية التي تعالج مسائل الاستطاعة وفق المتغيرات المعاصرة، وتفعيل دور الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث في هذا المجال، بما يعزز الفهم المقاصدي للشريعة ويحقق مبدأ التيسير ورفع الحرج، مؤكدين على حرمة مخالفة الأنظمة المنظمة لشؤون الحج، لما قد يترتب عن ذلك من أذى للحجاج، وإخلال بسلامة الخدمات المقدمة.
وأشاد العلماء المشاركون بالمبادرات التي أطلقتها المملكة العربية السعودية لتيسير الحج، ومنها “مبادرة طريق مكة” التي أدت إلى تسهيل الإجراءات على الحجاج قبل قدومهم، وكذلك منصة “نسك” الرقمية، التي تقدم باقة متكاملة من الخدمات لتيسير رحلة الحاج بشكل رقمي.
وتجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية أطلقت مبادرة “طريق مكة”، لتيسير إجراءات الحجاج من بلدانهم، من خلال استكمال كافة إجراءات الدخول من المطارات في الدول المستفيدة.
واستفادت من مبادرة “طريق مكة” 8 دول إسلامية من بينها المغرب، إلى جانب إندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وبنغلاديش، وتركيا وكوت ديفوار، و المالديف. وقد استفاد 12 ألف حاج مغربي من هذه المبادرة هذا العام.
ومن جهة أخرى، شهدت أشغال الندوة إعلان الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز رئيس اللجنة العليا لمشروع “تاريخ الحج والحرمين الشريفين”، عن الإطلاق الرسمي لملتقى “تاريخ الحج والحرمين الشريفين”، الذي سينظم في شهر نونبر المقبل.
وتضمنت الندوة عدة جلسات علمية من بينها جلسة وزارية بعنوان “تيسير الشعيرة وتمكين القاصدين وفق رؤية المملكة في خدمة الحجاج”، بمشاركة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين منهم، على الخصوص، وزير الحج والعمرة السعودي توفيق بن فوزان الربيعة، ووزير الصحة فهد الجلاجل، ومدير الأمن العام الفريق محمد بن عبد الله البسامي.
كما عقدت جلسة علمية ثانية، تحت عنوان “مفهوم الاستطاعة في الإسلام وأثره في تيسير شعيرة الحج.”
يذكر أن النواة الأولى للندوة انطلقت عام 1977، كمنصة معرفية تهدف إلى تعزيز التواصل العلمي والفكري بين علماء ومفكري العالم الإسلامي، مع التركيز على البعد الديني والثقافي والاجتماعي لفريضة الحج، وإبراز المنجزات التي تم تحقيقها خدمة للحجاج، وترسيخ الحوار الفكري لمعالجة التحديات المعاصرة.
التعليقات مغلقة.