على الرغم من الخطب الرسمية، وتوالي المسؤولين عن إدارة هاته مؤسسة الصيد البحري على أهيتهاالقصوى، إلا أن واقع تصريف برامج كلهاته “الكوكتيلات السياسية” المتعاقبة لم تفلح في إخراج قطاع الصيد البحري من الأزمات التي يعاني منها منذ إحداث الوزارة الوصية وإلى يومنا هذا، فسوء التدبير انعكست أثاره السلبية على معظم الإدارات والمؤسسات التابعة لهاته المصلحة.
في ظل هذا الوضع لا زال هذا القطاع يعيش حالات تعتيم وعدم وضوح في تدبير معظم القضايا العالقة وأهمها الملف الاجتماعي، وما تطرحه الوضعية السوسيو اقتصادية لليد العاملة البحرية من إشكالات كبرى، لا زالت عالقة إلى يومنا هذا.
إن سوء التدبير ظهرت تجلياته بشكل واضح في التعاطي مع الملف الاجتماعي وخاصة في التعامل مع موضوع اليد العاملة البحرية، إذ شكل هذا الملف، ولا يزال، أساس أزمة عميقة في القطاع البحري، رغم كل القوانين والمشاريع المتعاقبة التي تبنتها الوزارة الوصية في هذا الشأن، ولعل آخرها مشروع الضمان البحري، إلا أنه لم يلق إقبالا من طرف غالبية رجال البحر.
وما يمكن قوله، وفق ما نقله لنا المعنيون من أبناء البحر، فإن مقاربة الملف الاجتماعي من منظور سوسيولوجي تحيلنا على تشخيص وضعية اليد العاملة البحرية، ومدى تأثير السياسات العمومية المسطرة في هذا الشأن على واقعها المعيشي، في واقع متسم بتكريس وضعية طبقية تظهر معالمها بجلاء من خلال توزيع اليد العاملة بين مختلف فروع الصيد (الصيد التقليدي- الصيد الساحلي- الصيد في أعالي البحار- صناعة الصيد).
كل هاته العوامل وغيرها تبين بعض مظاهر أزمة قطاع الصيد البحري، ومدى انعكاساتها العامة على كل مكونات هذا القطاع الحيوي، ولعل أهمها إشكالية الملف الاجتماعي، وارتباطها بالواقع السوسيو اقتصادي لليد العاملة البحرية، لا سيما وأن هذه الإشكالية تمثل جوهر الخلل الذي يشكو منه القطاع البحري، فهل ستعمل حكومة “أخنوش” على إيجاد مقاربة حل واقعية تستجيب لمطامح هاته الفئة المجتمعية العريضة؟.
وفي اعتقادنا الراسخ أن كل الفاعلين كيفما كانت انتماءاتهم، أصبحوا يعون مدى الأهمية الإستراتيجية لهذا القطاع في إنتاجية الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل تدهور القطاع الفلاحي في الفترات الأخيرة. وفي المقابل أصبحت وضعية رجال البحر تشكل مثار اهتمام ليس فقط الفاعل الإداري، وإنما أيضا كل تنظيمات المجتمع بمختلف تلاوينها.
لعذا فإن الوقت قد حان لكي نزيح النقاب عن واقع اليد العاملة البحرية، وان نتجاوز كل الخلفيات الإيديولوجية التي تبعدنا عن الاهتمام بأوضاع هذه الفئة من المجتمع المغربي، وما تعانيه من فقر وحرمان، رغم ما تجلبه سواعدها القوية من ثروات بحرية ذات قيمة عالية.
مع العلم اننا أمام إشكال اجتماعي وجب على كل الفاعلين الوقوف على تفاصيله الدقيقة، لعلنا نخرج بهذا القطاع من أزماته المتكررة، والتي بدون شك لها تأثير سلبي على كل فروعه الإنتاجية، وبشكل خاص على الطبقة العاملة، التي تشكل الأداة الفعالة لاستخراج وتثمين الثروة البحرية، وبدونها لا يمكننا الحديث عن قطاع اسمه الصيد البحري.
التعليقات مغلقة.