أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

تحديات المناخ وآثاره على الفلاحة المغربية: إشكالية إدارة الموارد المائية

بدر شاشا / باحث بجامعة ابن طفيل القنيطرة

بدر شاشا / باحث بجامعة ابن طفيل القنيطرة

 

في خضم الحديث عن تغير المناخ وأثره على مختلف جوانب حياتنا، لا يمكنني إلا أن أتوقف عند موضوع الموارد المائية ودرجات الحرارة والفلاحة المغربية. إنه حوار بين الطبيعة والإنسان، بين الأرض والسماء. حيث تنعكس تقلبات المناخ بشكل مباشر على الزراعة، التي تعدّ عصب الحياة في المغرب.

 

في المغرب، تعتبر الفلاحة واحدة من القطاعات الحيوية التي تعتمد عليها البلاد في تأمين غذاء السكان وتعزيز الاقتصاد الوطني. إلا أن الفلاحة تواجه اليوم تحديات كبيرة نتيجة تغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة.
إن زيادة درجات الحرارة تؤدي إلى تبخر المياه بشكل أسرع، مما يؤثر سلباً على الموارد المائية التي أصبحت تعاني من شح واضح. نحن نتحدث عن أزمات مياه تلوح في الأفق، في ظل تناقص معدلات التساقطات المطرية وتغير نمط الأمطار. حيث أصبحنا نشهد فترات جفاف أطول وموجات حر أقسى.

منذ زمن، كانت الأمطار تأتي في موعدها، وتروي الأرض، وتمنح الفلاحين أملاً في محصول وفير. اليوم، بات هذا السيناريو حلماً بعيد المنال.

أصبحت الأمطار قليلة ومتفرقة، ولم يعد الفلاحون يعتمدون عليها بالقدر الذي كانوا يفعلونه من قبل. هذا الوضع يفرض عليهم اللجوء إلى مصادر مياه أخرى كالآبار والمياه الجوفية، التي بدورها تتعرض للاستنزاف نتيجة الاستخدام المفرط. ولكن إلى متى يمكننا الاستمرار في هذا النهج دون أن نواجه أزمة حقيقية في الموارد المائية؟

عندما نتحدث عن تأثير تغير المناخ على الفلاحة المغربية، نحن نتحدث عن واقع مرير يعيشه الفلاحون يومياً. إنهم يشاهدون محاصيلهم تجف وتذبل أمام أعينهم بسبب نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة التي تؤدي إلى إجهاد النباتات وتراجع إنتاجيتها. هذا الواقع لا يؤثر فقط على الفلاحين أنفسهم، بل يمتد تأثيره إلى كافة شرائح المجتمع. حيث يرتفع الطلب على المنتجات الغذائية في ظل تناقص العرض، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الضغط على الفقراء والمحتاجين.

ومن هنا، لا بد أن نتساءل: ما الحل؟ كيف يمكننا التكيف مع هذه التغيرات المناخية والمحافظة على مواردنا المائية واستدامة فلاحتنا؟

أعتقد أن الحل يكمن في تبني تقنيات الزراعة المستدامة التي تعتمد على استخدام المياه بشكل أكثر كفاءة. والبحث عن مصادر جديدة للمياه، مثل تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه المعالجة. كما أن الاستثمار في البحث العلمي والتطوير في مجال الزراعة يمكن أن يساهم في إيجاد حلول مبتكرة تساعد الفلاحين على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.

يجب علينا كمجتمع أن نرفع مستوى الوعي بأهمية المحافظة على الموارد المائية وعدم الإسراف في استخدامها. إنها مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الجميع، بدءاً من الفرد وصولاً إلى المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية.

يمكنني القول إن التحديات التي نواجهها اليوم هي دعوة لنا للتفكير بعمق في كيفية إدارة مواردنا الطبيعية بشكل أكثر حكمة واستدامة. علينا أن ندرك أن الفلاحة في المغرب ليست مجرد مصدر للرزق، بل هي جزء من هويتنا وتراثنا الثقافي. ومن هنا تأتي أهمية العمل الجاد والمستمر لضمان استدامتها في مواجهة التغيرات المناخية والتحديات البيئية المتزايدة.

التعليقات مغلقة.