المنجزات الاستثنائية لفاطمة الزهراء عمور لعام 2023: سنة سياحية دولية شبه بيضاء لحكومة تحاول تبييض الحصيلة
زوبير بوحوت/ خبير في المجال السياحي
سجل المغرب خلال الإحدى عشر شهرًا الأولى من عام 2023، توافد أكثر من 13 مليون و250 الف زائر، وهو ما يمثل نسبة نمو تقدر ب +11٪ مقارنةً بنفس الفترة من عام 2019، حيث بلغ عدد الوافدين حوالي 11 مليون و940 الف، وخلال نفس الفترة من عام 2023 ، بلغ إجمالي ليالي المبيت في مؤسسات الايواء السياحي المصنفة حوالي 23 مليون و700 الف مسجلاً زيادة بنسبة +11٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
وتعتبر هاته النتائج استثنائية بالنسبة للمغرب، خاصةً وأن السياحة العالمية لم تستعد سوى نحو 90 ٪ فقط من مستوياتها قبل الجائحة، كما أن مداخيل السياحة الدولية من العملة الصعبة ارتفعت إلى 88.4 مليار درهم مع نهاية أكتوبر 2023، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة بنسبة +32 ٪ مقارنة بعام 2019.
هذا وقد حرصت وزارة السياحة على تقديم هذه الأرقام بكل فخر وابتهاج، مع ما صاحبه كالعادة، من إخفاء للمؤشرات الرئيسية للقطاع السياحي، بدلاً من تقديمها بشكل صريح وشفاف.
كما يبدو أن السيدة الوزيرة اختارت تجاهل الرسالة المفتوحة التي وجهت إليها في 27 يونيو 2023، والتي نقلت على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام حيث تم تنبيها الى أنه في كل مرة تحاول فيها التحدث عن التطور في القطاع، يصبح واضحًا أنها تسعى كذلك وبشكل متعمد إخفاء التراجعات، خاصة فيما يتعلق بعدد ليالي المبيت حسب الجنسيات بمؤسسات الايواء السياحي المصنفة.
إلا أن عملية فحص الإحصائيات بعناية في نهاية نوفمبر 2023، يظهر بوضوح أن الزيادة في عدد الوافدين بين الإحدى عشر شهرا الأولى من عام 2019 ونفس الفترة من عام 2023، مرده أساسا إلى الوصول المكثف للمغاربة المقيمين بالخارج الذين زاد عددهم بمليون و267 الف، حيث قفز من 5,47 مليون في عام 2019 إلى 6,73 مليون في عام 2023، وهو ما يمثل زيادة بنسبة + 23 ٪.
وبهذا يتلاشى الأداء المشرق بخصوص السياحة الدولية، حيث لم يزد عددها الا بحوالي +57 ألف وافد، أي بزيادة ضعيفة جدا بنسبة +0،7 ٪.
وفيما يتعلق بليالي المبيت، فقد زاد حجمها بنسبة 11٪ لتصل إلى 23،7 مليون، في حين لم يتم الإشارة إلى حجم ليالي المبيت المسجلة من طرف السياح الدوليون أو تلك التي قضاها المواطنون المغاربة (في محاولة لإخفاء مؤشرات السياحة الداخلية).
وللحصول على حجم ليالي المبيت الخاصة بالسياح الأجانب أو ليالي مبيت المغاربة المقيمين، اضطررنا إلى العودة إلى أحدث الإحصائيات الجهوية المتوفرة (في نهاية سبتمبر 2023) والتي تعطينا ليالي المبيت حسب الجنسيات، وهي المؤشرات التي لا توفرها جداول الاحصائيات الوطنية اضطررنا إلى إعادة الحساب عن طريق جمع الليالي حسب الجنسيات الرئيسية في الجهات 12 بالمغرب، وهنا نكتشف المفاجأة الغريبة التي تحاول الوزارة إخفاءها بكل اصرار وترصد.
هنا نكتشف أن إجمالي ليالي المبيت بلغ نهاية سبتمبر 2023 حوالي 19 مليون و456 الف، وهو ما يمثل زيادة بنسبة +1 ٪ مقارنة بـ 19 مليون و234 الف المسجلة سنة 2019.
كما نلاحظ كذلك ان هذا الارتفاع يعود بالأساس الى زيادة بنسبة +10٪ في ليالي مبيت المغاربة المقيمين، التي ارتفعت من 6 مليون و128 الف عام 2019 إلى 6 مليون و758 ألف عام 2023، بينما انخفضت ليالي السياح الدوليين من حوالي 13 مليون و106 ألف عام 2019 إلى 12 مليون و698 الف فقط عام 2023، مسجلا انخفاض بنسبة ناقص 3٪.
وفي التفاصيل، فقد سجل السوق الفرنسي تقدمًا بنسبة +4%، في حين تم تسجيل +18% للسوق البريطاني، و+15% للسوق الإسباني، بينما شهد السوق الألماني انخفاضًا بناقص 53%، وناقص 16% للسوق البلجيكي، وناقص 8% للسوق الهولندي.
ورغم أن الأداء إلى نهاية سبتمبر 2023 يعتبر ضعيفا (سالبا بالنسبة للسياحة الدولية)، خاصةً بسبب زلزال الحوز حيث تم تسجيل انخفاض عدد الوافدين وليالي المبيت بناقص 17٪ بالنسبة لمراكش، إلا انه تم استرجاع نشاط قوي بالمدينة في شهر أكتوبر 2023، بمناسبة انعقاد الاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومؤتمرات أخرى، وهو ما سيؤدي إلى تحسين نسبي لمؤشرات القطاع بشكل خاص بفضل السياحة الدولية وكذا المغاربة المقيمين في الخارج الذين يُتوقع أن يمثلوا أكثر من 50% من العدد الإجمالي للوافدين نهاية عام 2023 والتي من المحتمل أن تصل الى 14 مليون و200 الف وافد.
كما يُتوقع أن تتزايد نسبة الليالي الإجمالية بنحو 12% نهاية 2023، مع مساهمة كبيرة من ليالي السياحة الداخلية (حوالي +10%) ومساهمة ضئيلة من ليالي السياح الأجانب (+2 إلى 3%).
من ناحية أخرى، تُظهر تحاليل الأداء على مستوى الجهات في نهاية سبتمبر 2023، إلى اختلافات كبيرة سواء من حيث حصص الأسواق أو التطورات المسجلة بمختلف الجهات.
ففي الوقت التي يتم تسجيل تحسن واضح في حصص جهة مراكش-آسفي من حيث عدد الوافدين، حيث زادت من 33،41% في 2019 إلى 35،06% في 2023، وكذلك حصة الليالي التي زادت من 37،72% إلى 39،61% في نفس الفترة، يتم تسجيل انخفاض حصص جهة سوس ماسة من 13،89% إلى 13،57% من حيث الوافدين، ومن 24،84% إلى 22،19% من حيث الليالي.
كما تراجعت حصص جهة الدار البيضاء-سطات، مسجلة انخفاضًا من 15،28% إلى 13،57% ومن 10،89% إلى 9،82% من حيت عدد الوافدين وليالي المبيت بين 2019 و2023، لتفقد بذلك المرتبة الثالثة، لصالح جهة طنجة تطوان الحسيمة التي تحسنت حصصها من 12،26% إلى 13،64% ومن 9،05% إلى 11،01% على التوالي من حيث عدد الوافدين وليالي المبيت.
وانخفضت كذلك حصة جهة فاس-مكناس من حيت عدد الوافدين وليالي المبيت من 9،25 % إلى 8،23 % ومن 6،03% إلى 5،58% على التوالي، بينما عرفت جهة الرباط-سلا القنيطرة تحسنا نسبيا لحصصها من 5،3% إلى 5،55% ومن 3،75% إلى 4،17% (الوافدين وليالي المبيت).
تجدر الإشارة إلى أن الخاسر الأكبرهي جهة درعة تافيلالت التي فقدت 30% من نشاطها، حيث تراجعت حصتها من 4،58% إلى 3% فقط من حيث الوافدين، ومن 2،21% إلى 1،53% من حيث الليالي، حيث أدى هذا الانخفاض إلى فقدانها لمركزها في الترتيب لصالح منطقة الشرق التي تطورت حصتها خاصة في عدد الوافدين الذي انتقل من 3،2% إلى 3،92%، ومن 3،5% إلى 3،57% من حيث عدد ليالي المبيت.
وشهدت جهتا بني ملال-خنيفرة والداخلة وادي الذهب تحسنات طفيفة، حيث ارتفعت حصة جهة بني ملال خنيفرة من 1،41% إلى 1،65% بالنسبة للوافدين، ومن 0،79٪ إلى 0،89% بالنسبة لليالي المبيت، كما انتقلت حصص جهة الداخلة واد الذهب لعدد الوافدين وليالي المبيت من 0،44% إلى 0،71% ومن 0،66% الى 1،02٪.
من جهة اخرى حققت جهة العيون الساقية الحمراء تحسنًا في حصتها من حيث الوافدين والليالي، حيث ارتفعت من 0،47% إلى 0،57٪ ومن 0،29% إلى 0،33% على التوالي، وتمكنت من إزاحة جهة كلميم واد نون (من حيث الليالي) التي أصبحت في المرتبة الأخيرة بنسبة 0،52% في حصة الوافدين في عام 2023 مقابل 0،5% في عام 2019 فيما ضلت حصتها في ليالي المبيت دون تغيير في حدود 0،27%.
أمام هذه الحقائق المثيرة للقلق، أسمح لنفسي بدعوتكم لبدل المزيد من الجدية والاجتهاد لتحسين أداء القطاع، خاصة على مستوى السياحة الدولية، ولا سيما على مستوى الأسواق التي لا يزال أداؤنا فيها ضعيفا، كما أدعوكم أيضاً إلى إيلاء المزيد من الاهتمام وبذل المزيد من الجهود لصالح الجهات الأقل حظاً من اجل ضمان عدالة مجالية.
كما أدعوكم لإعتماد شفافية مثالية في التواصل المتعلق بالنشاط السياحي، فبصفتكم وزيرة للسياحة، فإن مسؤوليتكم هي تقديم معلومات دقيقة وشاملة ليتمكن المهنيون وجل الفاعلين في القطاع من اتخاذ قرارات مستنيرة وتنفيذ إجراءات مناسبة لضمان انتعاشة مستدامة للقطاع.
لذا، أناشدكم بأن تضعوا حدًا لهذه التصرفات والتكتيكات المتعمدة لإخفاء الأرقام والمؤشرات الرئيسية للنشاط السياحي وأن تتحلوا بالصدق والشفافية في احترام تام لواجبكم إتجاه الشعب المغربي، مع حرصكم على الاستثمار الامثل للمال لعام من اجل تطوير السياحة المغربية.
التعليقات مغلقة.