الناقد سعيد يقطين يقارب: النص الترابطي، الإنسانيات الرقمية، الإبدالات المعرفية الجديدة والشعر الرقمي
اختارت دار الشعر بمراكش، ضمن برمجتها الشعرية والثقافية للموسم الجديد، أن تنظم تظاهرة شعرية ونقدية ومعرفية جديدة ضمن فقرة ندوات وسمتها ب”محاورات”. الأكاديمي والناقد سعيد يقطين افتتح هذه اللحظة المعرفية، في محطتها الأولى، بمقر دار الشعر مراكش، الجمعة 25 فبراير الحالي، واختارت الدار أن يكون محور اللقاء “النص التفاعلي.. الشعر ورهانات الرقمنة”، ضمن فقرة ندوات، والتي حرصت دار الشعر بمراكش أن تستقصي من خلالها قضايا وأسئلة تتعلق براهن الخطاب الشعري، وتعالقات الشعري والجمالي والرقمي.
وافتتح الأكاديمي والناقد سعيد يقطين تظاهرة “محاورات”، عبر استقصاء لموضوع “النص التفاعلي الشعر ورهانات الرقمنة”، كأحد القضايا المركزية اليوم في خطابنا النقدي. ولعل اختيار الدار لأحد إشراقات مشهدنا النقدي المغربي والعربي، نابع من التراكم الذي حققه الناقد سعيد يقطين، ضمن مساره البحثي في رصد علاقة الأدب بالثورة التكنولوجية وما خلفته من أثر على بنية وهوية الأدب نفسه. سعيد يقطين تجربة نقدية وأكاديمية ومسار طويل من البحث، ولعل الكثير من الأسئلة والقضايا التي ترتبط بموضوع الأدب وعلاقته بالرقمنة، يدين بهذا الأثر الفياض للباحث المرموق، مما جعله مرجعا أساسيا في ثقافتنا العربية.
لقد سبق للناقد الدكتور سعيد يقطين، أن أصدر كتابا وسمه ب”النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية نحو كتابة عربية رقمية” (2008)، وهو استكمال لمشروع بحث انطلق ب “من النص الى النص المترابط، من أجل نظرية للإبداع التفاعلي” (2005)، ليواصل من خلاله، الباحث الألمعي دراساته الرصينة التي انطلقت بتحليل الخطاب الروائي، محللا النظريات السردية، بتركيز على تحليل النصوص (القراءة والتجربة، تحليل الخطاب الروائي، انفتاح النص الروائي، الرواية والتراث السردي، ذخيرة العجائب العربية، الأدب والمؤسسة والسلطة، قضايا الرواية العربية،…). انتقال واعي من المناهج النقدية الحديثة، المتعلقة بالسرد، الى الكتابة الرقمية والأدب الرقمي، من خلال مرجعيات معرفية. دينامية نقدية لافتة، وانشغال عميق بتنويع طرق الاشتغال، انطلاقا من المعطى النصي وإدراكا لخصوصيته وطبيعته، في أفق استقراء لجماليات هذا الإبداع التفاعلي.
أمام هذه الرؤية الجديدة للفكر والثقافة، في محاولة تجاوز قصورنا في استيعاب هذه التطورات الرقمية المتواصلة وأيضا لتجاوز التباسات المفاهيم التي يطرحها الإبداع الرقمي، ولعل مفاهيم، من قبيل “الترابط النصي والوسائط المتفاعلة والمتعاليات النصية…” وغيرها، يجعل من لحظة التفاعل الممكنة لحظة للانتقال الى مستويات التأويل الأشمل. وارتباطا بالشعر، فإن المزاوجة التي يقترحها الناقد سعيد يقطين، أحد أبرز منظري الكتابة الرقمية والنص المترابط في العالم العربي، ما بين الإلقاء الشعري والتشكيل البصري، في لحظة مزاوجة خلاقة، تمكن هذه الوسائط المتفاعلة من اختزال حقب شعرية بأكملها (النص الرقمي المركب).
وتتغيا تظاهرة “محاورات”، تحيين نوع من الجدل والنقاش العلمي الرصين، لإعطاء روح جديدة لخطابنا النقدي في انفتاحه على أسئلة وقضايا تهم راهن الشعر والأدب والثقافة. وضمن هذه الاستراتيجية، التي أطلقتها دار الشعر بمراكش منذ التأسيس (2017) بموجب بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة والاتصال بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بحكومة الشارقة، في محاولتها لملمة الكثير من الأسئلة والقضايا التي تهم الخطاب الشعري المغربي والعربي والكوني، وأيضا مسوغات هذه الأسئلة، ضمن شبكة تقاطعاتها، مع الكثير من الأسئلة المركزية التي تهم الأدب والثقافة والفنون.
التعليقات مغلقة.