النجوم..او بالامازيغية..اثران..في الثقافة وفي الثرات الشعبي الامازيغي..
الحسن اعبا
من السماء استقى الإنسان دروس حياته ومبادئه الخلقية، ومثالها نظرية المثل لأفلاطون [427- 347 ق-م] التي اعتبرت كل ما على الأرض [ظلا وانعكاسا] للأصل والمثال الثابت الكائن في العالم العلوي/السماوي-[ابراهيم 24؛ الحجر 21].
بينما تلوث أبناء المدنيات في صراعات السياسية والمعيشة، استمر الصحراوي في تأملاته وتطلعاته السماوية.
وكانت النجوم والنيازك وتعاقب الليل والنهار ودوران الشمس والقمر، والضوء والظل المنعكس على خط –الزوال- مادة تأملاته وارضية فرضياته واشتقاقاته الذهنية.
البدوي الأصلي، الصحراوي الأصيل هو الذي يعيش بعقله ولا يكاد يخرج من ذهنه – صندوق الرأس الذي فيه العينان-، أكثر من معيشته في الواقع ومعاملات الغريزة والمادة والمعيشة، فتراه يقنع بالبسيط من الطعام والثياب والمظاهر العامة، ولكنه لا يتهاون في قيمه الفكرية ومبادئه الروحية.
وقد انعكست هاته الحالة في ارتباطه باللغة والمنطق والتجريد الفكري، وأولوية كل ذلك على الواقع المادي الذي يصوغه البدوي ويخضعه لمنظوره الفكري وليس العكس.
أما عالم الغرب فهو الصورة العكسية من عالم الشرق الصحراوي، الغربي يشتق قوانينه ومبادئه الأخلاقية والسياسية والاقتصادية من واقع بيئته وحاجات جسده ومستلزمات اجتماعه السياسي المتمثل بفكرة السيادة والهيمنة الامبراطورية.
ومن تلك المعتقدات اعتبار النجوم رموزا للملائكة، واعتبار الملائكة – بحسب ميثولوجيات قديمة- تقوم بوظائف إدارة الكون وتنظيم الحية الأرضية، والملائكة التي ظهرت في الفكر الكتابي، هي الآلهة من الطبقة الثانية والثالثة في الفكر الوثني، تحت إمرة الاله الاكبر او الأب، مثل زيوس عند الرومان.
وقد شاع بين البابليين والفرس أن روح الميت البار بعد اكتمال تظهرها –حسب الهندوس والرومان- ترتفع الى السماء وتتحول الى نجم أو كوكب أو قمر بحسب مكافأته.
وقد اشتهر المجوس والمندائيون بالدرجة الاولى بين خريجي المدرسة البابلية في الفلك والميثولوجيا، وبالدرجة التالية كان العبرانيون –يهود بابل- مما انعكس في عقائدهم وثقافاتهم وتصانيف كتبهم التي تعتمد الرمزية والباطنية، وهو أمر لا يتكشف لغير أحبارهم، ولا يعرف به امام الاخرين، فيأخذ العامة بظواهر ما في تلك الكتب وتحويله الى اسس واصول عقيدة في سبيل اقتناء البركة واكتساب الحماية الروحية وأمور الثواب والسعادة التي مازالت حوائج سائدة لدى جمهور الدين الذين وصفهم القرآن بعبارة بلية: (يعبدون الله خوفا او طمعا)-.
ولولا الطمع والخوف، ما التزم الأغلبية بأداء الفروض الدينية ومنح الزكوات والصدقات وطاعة رجال الدين والائتمار بالنواهي والروادع، وكلها أمور تتنافى مع جوهر العبادة الروحية الخالصة. إن نفس الشيء ينطبق عند امازيغ ايت واوزكيت الذين يعتقدون ذلك.أن النجوم والابراج السماوية، لا تقتصر على جماعة معينة أو ممارسة معروفة عند جماعة أو بلد معين، وإنما هي لدى الجميع بما فيهم اتباع الديانات الكتابية .
إن الامازيغ شانهم في ذلك شأن الشعوب الاخرى فيما يتعلق بالنجوم.والنجم في اللغة الأمازيغية هو ..ءيتري..والنجمة..تيتريت..
فكيف إذا يرى المعتقد الشعبي الامازيغي الى النجوم.لكن قبل هذا وذاك كيف نظرت الحضارات القديمة الى النجوم…
عدد النجوم الموجودة في الكون كبيرٌ جدا، كبير إلى درجة أن ثمة قولا متناقلا بين علماء الفلك يقول إن «عدد النجوم في الكون يزيد عن عدد حبات الرمل في كلّ شواطئ العالم مجتمعة». والواقع أن هذا القول لا ينطوي على أيّ درجة من المبالغة، بل هو دقيقٌ علميًا بدرجة أو بأخرى.
وبالتأكيد لو نظرتَ إلى السماء في ليلة صافية من مكانٍ بعيد عن أضواء المدن، مثل بقعة منعزلة في الصحراء، فسوف تتفاجأ من عدد النجوم الهائل الذي يُغطّي صفحة السماء، بالرغم من أنَّ عينك المُجرَّدة ليست قادرة إلا على رؤية عدد قليل جدا من النجوم الموجودة فعلا.
وقد يبدو لك أن من المستحيل تمييز أيّ نجم عن غيره وسط هذا الزّحام الهائل، إلا أن علماء وهواة الفلك يهتمون جدا بأن يكونوا قادرين على تمييز كل بقعة في السماء عن غيرها، ولمساعدتهم على ذلك، فهُم يحفظون «أشكالا» و«صورا» تصنعها هذه النجوم.
في الوقت الحاضر، يتفق علماء الفلك -في دراساتهم للفضاء وأجرامه- على الرجوع إلى خريطة ثابتة تُقسّم كل النجوم التي نراها في صفحة السماء إلى 88 مجموعة، لكلّ منها اسم وشكل خاص بها. ولكن هذا الاتفاق لم يكن موجودًا دائمًا، فكل حضارة من حضارات الإنسان القديمة كانت ترى السماء بطريقةٍ مختلفة خاصّة بها، وكانت تنسجُ حولها قصصًا وحكايات مختلفة تماما عن غيرها من الحضارات.
الصورة الحالية للسماء مبنية –في معظمها– على معتقدات الإغريق، التي وثَّقها الفيلسوف اليوناني بطليموس في كتاب للخرائط النجميَّة، أورد فيه 48 مجموعة نجمية.
من الصَّعب علينا أن نعرف تماما كيف كانت جميع الحضارات والشعوب القديمة تتصور النجوم، لأنَّ تاريخ الكثير منها قد اندثر ولم يُحفظ بالطريقة المناسبة، إلا أننا نعرف -على الأقل- أن الكثير من تلك الحضارات كانت تتخيل السَّماء على هيئة مجموعات مترابطة من النجوم، وأن كل واحدة من هذه المجموعات كانت تمثّل -بالنسبة للإنسان القديم- صورة شخص أو كائن خياليّ موجود في معتقداته.
أما في الاساطير الامازيغية .فهناك الكثير من المعتقدات الشعبية التي تبين لنا أهمية هذه النجوم حتى ولو كانت خرافية فاليكم اسطورة طريفة والتي تقول…عندما يزداد الانسان أي قبل أن يولد تزداد معه نجمته في السماء لكنه بالمقابل لما يموت تموت معه نجمته.أجل نفس الاسطورة نجدها عند الشعوب الأخرى ولاسيما عند الروس. وهناك ايضا اسطورة ..الثريا..او بالامازيغية ..تيمانارين..وهناك من يطلق عليها تسميات أخرى كثيرة.
ففي المعتقد الشعبي السائد هنا بايت واوزكيت فان الثريا او تيمانارين..هن ستة أخوات وكلهن إناث كن في بداية خلقهن اداميات بشر لكن لعنة ما اصابتهم وطلعن الى السماء.هذا ما تعتقده الاسطورة الامازيغية السائدة هنا.
وردت أساطير السّماء بروايات وأساليب كثيرة على مرّ التاريخ. فقد خصَّصت بعض الحضارات لكل مجموعة نجمية في السماء تقريبا قصّة خاصّة بها، وقد كثرت وتفاوتت تخيّلات الشعوب القديمة لهذه المجموعات، بل وقد تفاوتت الروايات الواردة عن كل مجموعة في الثقافة الواحدة، ما يجعل حصرها صعبا جدا. ورغم أن معظم الأساطير الواردة في هذا المقال مستمدّة من الثقافة اليونانية، إلا أنّه ثمة أيضا أساطير أخرى من جميع حضارات العالم، مثل الهندية والصينية..
ومع أن هذه الحكايات قد تبدو غريبة لطبيعتها الخيالية، لكنها -فضلا عن أنها تُمثّل إرثا ثقافيا مهما- فهي تساعد في إضفاء صبغة إنسانية على صورة السّماء الجامدة، فبمساعدتها، يصبح تعرّف السماء بالنسبة لهواة علم الفلك ومُحبّيه أمرا يسيرا وممتعا.
– المراجع..
– المعتقد الشعبي والاساطير الامازيغية السائدة في الداكرة الجماعية بتازناخت
– نشرت بجريدة تاويزا الورقية 1997
– نشرت بجريدة تامازيغت الورقية 1999
– نشرت بجريدة تيفاوت 1998
التعليقات مغلقة.