تخليدا للذكرى 74 للزيارة التاريخية للمغفور له محمد الخامس إلى مدينة طنجة في 09 ابريل1947 نظمت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير نشاطا احتفاليا مخلدا لهذه الذكرى التاريخية الهامة التي شكلت تحولا مفصليا في تاريخ المغرب وسميت بعدة مسميات كزيارة الوحدة، وزيارة التحدي للرؤوس الاستعمارية المتعددة. وقد حرصت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على تخليد هذه الذكرى بما يليق بها من إكبار وإجلال رغم الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلادنا على غرار باقي دول العالم بسبب تفشي جائحة كورونا – كوفيد 19–واعتماد حالة الطوارئ الصحية وذلك بما تتضمنه من إجراءات احترازية للحد من انتشار هذا الوباء.
وذلك بتنظيم حفل رمزي بالتعاون مع السلطات الإقليمية والمحلية ، والهيئات المنتخبة ، والمصالح الخارجية، والأساتذة الباحثين والمهتمين بتاريخ الكفاح الوطني، وفعاليات المجتمع المدني، وبحضور السادة قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأبنائهم وذوي حقوق المتوفين منهم وذلك بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بطنجة واستهل الحفل بآيات من الذكر الحكيم، ثم استمتع الحضور بوصلة فنية وطنية أدى فيها الفنان محمد الخمليشي النشيد الوطني حيث تفاعل الحضور في أجواء تنضح بالوطنية الصادقة، ثم تم الاستماع إلى كلمة السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدكتور مصطفى الكثيري المنقولة عبر تقنية التناظر المرئي عن بعد و التي تحدث فيها عن مسار الرحلة السلطانية التي تمت في09 أبريل 1947 معتبرا أنها شكلت تحولا نوعيا وحدثا متعدد الدلالات ومتكامل المقاصد هيئ له جلالة المغفور له محمد الخامس بكل حنكة وتبصر وبعد نظر في أفق التأسيس لأسلوب تعامل جديد من سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية ومحطة مفصلية على درب الكفاح الوطني للعرش والشعب من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية والوحدة الترابية. وقد استحضر الدكتور مصطفى الكثيري في كلمته مجموعة من المحطات التاريخية معتبرا أنها السبيل لفهم جدوى ودلالات هذه الرحلة التاريخية، محطات جابه فيها السلطان محمد بن يوسف وزعماء الحركة الوطنية المستعمر بالحجة والبرهان، من خلال دحض ورفض مزاعمه وادعاءاته أمام المنتظم الدولي ،معتبرا أن الزيارة الملكية الميمونة للمغفور له محمد الخامس سنة قد كشفت الوجه الحقيقي للمستعمر الفرنسي وجسدت في نفس الوقت أروع صور الوفاء والالتزام بين العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي في الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية والمقاومات التاريخية والحضارية .
وأضاف الدكتور مصطفى الكثيري أن الرحلة السلطانية الميمونة إلى طنجة في 09 أبريل 1947 شكلت تحديا صارخا في وجه السلطات الاستعمارية التي كانت تعتقد أنها بارتكابها مجزرة رهيبة في 07 أبريل 1947 في الدار البيضاء وقتل الأبرياء ستحول دون لقاء جلالته رحمه الله بشعبه في طنجة وباقي مدن الشمال. وعلى عكس توقعات السلطات الاستعمارية فقد أبى جلالته إلا أن يقوم بزيارة عائلات الضحايا ومواساتهم. ومؤكدا على عزمه على مواصلة رغبته في زيارة مدينة طنجة . وأضاف الدكتور مصطفى الكثيري في كلمته التي بثت من خلال تقنية التناظر الرقمي ، أن جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه أكدمن خلال زيارته إلى طنجة على الوحدة الترابية للملكة والروابط المتينة التي ظلت تجمع منذ قرون سكان المغرب بملوك الدولة العلوية الشريفة، والإعلان عن مطالبة المغرب باستقلاله وتشبثه بانتمائه للمحيطين العربي والإسلامي زيارة مرت بالمنطقة الخليفية للتأكيد على سيادة المغرب على كافة المناطق والتمسك بالوحدة الوطنية بين شمال الوطن ووسطه وجنوبه ودعم حق المغاربة في اختيار المصير الذي يرغبون فيه لوطنهم ..كما تحدث السيد المندوب السامي عن سبب اختيار مدينة طنجة لهذه الزيارة الميمونة معتبرا أنها جاءت للتأكيد على شمول نفوذ جلالته على طنجة بالرغم من خضوعها لنظام الحكم الدولي، بخطاب مفتوح للعالم الخارجي لتذكير الجميع بتشبثه بالوحدة الترابية. مستشهدا بقول جلالته رحمه الله عن طنجة ” وأن نزور عاصمة طنجة التي نعدها من المغرب بمثابة التاج من المفرق فهي باب تجارته ومحور سياسته وعنوان محاسنه الوهاجة وفي صفحات مجده اجمل ديباجة.
ووقف السيد المندوب السامي عند مظاهر الاحتفال بالزيارة الملكية الميمونة والغبطة والفرحة العارمة لساكنة طنجة فرحا بقدوم جلالته رحمه الله ذاكرة وصف العلامة عبد الله كنون للزيارة السلطانية التي وصف فيها ذلك المشهد التاريخي ،كما تحدث عن خطاب 10 أبريل الذي وصفه بالقنبلة التي انفجرت وسط الإدارة الاستعمارية في تأكيد صريح على عدالة وشرعية القضية الوطنية، ورغبة المغرب في الاستقلال واستعداد أبنائه لبذل الغالي والنفيس في سبيل الحرية والاستقلال والتشبث بالمحيطين العربي والإسلامي ذاكرا قول جلالته رحمه الله” اذا كان ضياع الحق في سكوت أهله عنه فما ضاع حق من ورائه طالب إن حق الأمة المغربية لا يضيع ولن يضيع فنحن بعون الله وفضله على حفظ كيان البلاد ساهرون ولضمان مستقبلها الزاهر عاملون ولتحقيق تلك الأمنية التي تنعش قلب كل مغربي سائرون.” وأضاف السيد المندوب السامي الدكتور مصطفى الكثيري أن الجانب الروحي المتجسد في الخطبة التي ألقاها الملك الراحل بالمسجد الأعظم بطنجة حيث أم المؤمنين والتي حث فيها الأمة المغربية على التمسك برابطة الدين باعتباره الحصن الحصين لأمتنا ضد مطامع الغزاة .
واعتبر الدكتور مصطفى الكثيري على أن الرحلة السلطانية كان لها وقع الضربة القاضية على سلطات الحماية الفرنسية والتي أربكت حساباتها ومخططاتها ، وهو ما جعلها تقدم على عزل المقيم العام ايريك لابون وتنصيب الجنرال جوان الذي بدأ حملته المسعورة على المغرب بتضييق الخناق على القصر الملكي العامر، وتنفيذ مؤامرته الدنيئة في 20 غشت 1953 بنفي أب الأمة ورمزها جلالة السلطان سيدي محمد بن يوسف وأسرته الشريفة إلى المنفى السحيق وهو ما جعل الانتفاضات العارمة تجتاح المدن والقرى والجبال والسهول وهب الشعب المغربي بمختلف شرائحه للذود عن البلاد.
وأضاف الدكتور مصطفى الكثيري على أن أبناء طنجة وعلى مألوف عادتهم كانوا في طليعة الملتحقين بحركة المقاومة الفداء، والمشاركة والانخراط في المحطات النضالية التي شهدتها المملكة إلى أن تحقق النصر المبين وعاد الملك المجاهد إلى أرض الوطن حاملا لواء الحرية والاستقلال وداعيا إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر .
وذكر الدكتور مصطفى الكثيري باللقاءات التواصلية للأمراء الأجلاء مولاي الحسن ومولاي عبد الله ولآلة عائشة، مع المواطنين والإنصات لتطلعاتهم وانتظاراتهم، وامتزاج آرائهم حيث أبان المغفور له الحسن الثاني وهو ولي للعهد آنذاك في لقائه مع ساكنة طنجة وشبيبتها في الكشفية وناشئتهم وطلائعها في التربية والتعليم، عن حصافة الرأي وقوة الشخصية والقدرة العالية على تحليل أوضاع البلاد وما تستلزمه المرحلة السياسية من تمسك بالهوية الوطنية، وبالمقومات الحضارية، وتحصيل العلم والمعرفة وتضافر الجهود، للقضاء على مظاهر الجهل والتخلف مشددا على أن الوحدة الوطنية الجغرافية حق يعلو ولا يعلى عليه وسيتحقق في القريب العاجل كما كان للخطاب الذي القته الأميرة لآلة عائشة بدار المخزن بالقصبة يوم 11 ابريل 1947 يقول الدكتور مصطفى الكثيري ، الأثر البالغ والوقع العميق في نفوس نساء وفتيات طنجة حيث ركزت سموها على واجب إشاعة العلم ونشر المعرفة وتعميم التمدرس في صفوف الفتيات والنساء المغربيات بكافة أرجاء البلاد باعتبار الدور الذي يضطلعن به في المجتمع كأمهات ومربيات .
كما تحدث الدكتور مصطفى الكثيري مخاطبا الحضور الكريم أن الاحتفال بهذه الذكرى الوطنية الغالية نستحضر بكل إجلال و إكبار الجهاد المقدس، والملاحم البطولية التي خاض غمارها الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجاهد من أجل الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة ويحق لنا الاعتزاز بهذه المكارم والمفاخر واستلهام ما تطفح به من دروس وعبر وعظات وما أحوج الناشئة والأجيال الجديدة اليوم أكثر من ذي قبل إلى النهل من ينابيعها الفياضة ومعينها المتدفق واستلهام ما يزخر به موروثنا التاريخي والحضاري من دلالات عميقة وقيم وطنية وأبعاد رمزية في مسيرات الحاضر والمستقبل صونا وتثبيتا للمكاسب الوطنية وتعزيزا للوحدة الترابية المقدسة بقيادة عاهل البلاد الملك محمد السادس نصره الله الذي لا يألو جهدا ولا يدخر وسعا في سبيل بناء وإعلاء صروح المغرب الحديث وتأهيله لمواجهة تحديات العصر وكسب رهانات الحاضر والمستقبل مستشهدا بما ورد في الخطاب السامي لجلالته في بمناسبة الذكرى 19 لعيد العرش المجيد يوم 29 يوليوز 2018 حيث قال فيه حفظه الله ” لقد من الله على المغرب عبر تاريخه العريق بنعمة الوحدة والتلاحم في كل الظروف والأحوال وما الاحتفال بعيد العرش الذي نخلد اليوم ذكراه 19 إلا تجسيد للبيعة التي تربطني بك والعهد المتبادل بيننا على والوفاء الدائم لثوابت المغرب ومقدساته والتضحية في سبيل وحدته واستقلاله ..
مضيفا حفظه ألله إن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة، والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف رغم قساوتها أحيانا بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب ورفع التحديات.
وأضاف الدكتور مصطفى الكثيري إن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ومع أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وهي تخلد الذكرى 74 للرحلة السلطانية رحلة الوحدة إلى مدينة طنجة تتوخى استحضار ملاحم وفصول الكفاح الوطني والتضحيات الجسام التي أسداها بسخاء ووفاء الشهداء الأبرار والإشادة ببطولاتهم والتعريف بإسهامات جميع شرائح المجتمع المغربي بقيادة العرش العلوي المنيف في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة واستلهام القيم الوطنية والمثل العليا ومكارم الأخلاق التي تزخر بها هذه الذكرى وغيرها صونا للذاكرة التاريخية والوطنية والمحلية وعملا بالتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي اكد في اكثر من مناسبة على ضرورة إيلاء المزيد من العناية بتاريخنا الوطني المجيد والتزود من ينابيعه الفياضة والمتنوعة لتعزيز مسيرات الحاضر وما المستقبل ومن ذلك ما جاء في خطابه بمناسبة الذكرى 50 لعيد الاستقلال والأيام الثلاث المجيدة حيث قال جلالته قوله المأثور” وإذ نستحضر هذه الصفحات المشرقة من تاريخ المغرب فليس للإشادة أو التبجيل وإنما لاستخلاص العبر والدروس من دلالات الإرث السياسي والوطني والوقوف على ما بذلته الأجيال المتعاقبة من جهود وتضحيات جسام وكذا على المكاسب الرائدة التي حققتها بلادنا وذلك بإسهام جميع المغاربة كل كمن موقعه مخلفين لنا مغربا حرا متمتعا بسيادته .واحتفاء بهذا الحدث التاريخي المجيد بما يليق به من مظاهر الاعتزاز والوفاء والبرور، أعدت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة ومعها النيابات الإقليمية وفضاءات للمقاومة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، برامج أنشطة فكرية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة الوطنية بشقيها الوطني والمحلي وعلاوة على تنظيم أنشطة تربوية وثقافية متعددة ومتنوعة وزيارات حضورية وافتراضية لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالجهة، و بمشاركة أسرة المقاومة وجيش التحرير وفعاليات المجتمع المدنية والعمل الجمعوي، توجت فعاليات البرنامج الاحتفالي المخلد لذكرى 9 أبريل بتنظيم ندوة فكرية موسومة بعنوان “إضاءات حول الرحلة السلطانية إلى طنجة” بمشاركة رئيس المجلس العلمي المحلي بطنجة الدكتور محمد الحسني كنون ، وخبير علوم الإعلام والتواصل وأستاذ الإعلام والتواصل والتاريخ المعاصر بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة الدكتور الطيب بوتبقالت والدكتور بدر الزاهر الأزرق الباحث في التاريخ الدبلوماسي وقانون الأعمال والدكتورة خديجة القباقبي اليعقوبي الباحثة في التاريخ المعاصر والراهن ورئيسة مركز الفكر للدراسات وحوار الثقافات . والتي بثت من خلال تقنية التناظر الرقمي .وفي المجال الاجتماعي والتاريخي وحرصا من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، على تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية والمعيشية للمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير ، وخاصة العائلات الأكثر احتياجا في الظروف الاستثنائية التي تجتازها بلادنا وسائر بلدان العالم إثر تفشي جائحة كوفيد 19 ، عملت المندوبية على تخصيص إعانات مالية بغلاف مالي إجمالي قدرة 59.000 درهم وهي كالتالي :-إعانة على إحداث مشروع اقتصادي ذاتي لأحد أبناء المقاومة وجيش التحرير-إعانتان ماليتان برسم واجب العزاء لأرملتي مقاومين متوفين رحمهما الله21 إعانة مالية بمثابة إسعاف اجتماعي لعائلات واسر من ذوي الاحتياجات الخاصة
وفي ختام هذا الحفل قام الوفد الرسمي بجولة استطلاعية بمختلف أروقة فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بطنجة والاستمتاع بما يزخر به الفضاء المتحفي من تحف ومعروضات ، كما تم تعريفهم من طرف السيدة القيمة على فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بطنجة الأستاذة : حميدة الجازي على الأنشطة الرقمية المتنوعة التي تهدف إلى صيانة الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية وتعريف الناشئة بتاريخنا المجيد الطافح بالدلالات والعبر والتضحيات الجسام التي قدمها شهداء هذا الوطن في سبيل نيل الحرية والاستقلال.
التعليقات مغلقة.