أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الهيمنة على تنظيم المهرجانات والمؤتمرات.. الحقيقة خلف الستار والإعلام المأجور

بقلم الأستاذ محمد عيدني

أصوات من الرباط

تعيش فضاءات التظاهرات الثقافية والفنية والاقتصادية في المغرب على وقع سلاسل من التساؤلات حول من يقف وراء تنظيم أكبر المهرجانات والمعارض، خاصة تلك التي تفرض نفسها بإصرار على الساحة، مثل مهرجان موازين، ومعرض الفلاحة بمكناس، وغيرها من التظاهرات الكبرى التي شهدت في السنوات الأخيرة تقريبًا سيطرة كاملة لشركة أو كيان واحد، لا يُعرف حتى الآن هويته بشكل واضح.

سواليف ما وراء الكواليس

المتبع للشأن العام يلاحظ بشكل جلي غياب أي منافس حقيقي لهذه الشركة، التي باتت تسير كل شيء، من تنظيم المهرجانات إلى إدارة المؤتمرات، بطريقة تثير عدة تساؤلات عن من يقف وراءها، وكيف تمكنت من احتكار كل هذه الموارد والفرص، وحتى في المدن الكبرى كالرباط ومراكش وسلا، لا يُسمح بوجود لاعبين آخرين، بل تُمنح كل التظاهرات إلكترونيًا باسمها، وتُعطى التنظيمات لتلك الشركة دون اعتراض أو منافسة.

من هو صاحب هذا النفوذ الاقتصادي؟

لا تظهر أسماء واضحة، وتنتشر بين الناس شائعات أن هذه الشركة مرتبطة بجهات رسمية أو شخصية نافذة، تبتلع رؤوس أموال كثيرة، وتُقصي خصومها ومحترفي تنظيم الفعاليات، حتى باتت وكأنها المهيمنة عنوة على المشهد، تكرّس سيطرتها عبر إعادة تسمية وتنظيم لوائح بشكل دوري، في محاولة للهروب من المحاسبة أو الرقابة، بينما الحقيقة أن المؤسسات الكبرى والشخصيات الرسمية التي تُفترض أن تكون لها كلمة الفصل، تصمت أو تلتزم الصمت إزاء هذه الآليات التي تخنق المنافسة الحرة.

دور الإعلام والمجتمع في تغطية الواقع

وفي ذات السياق، يلاحظ المتابع أن كثيرًا من وسائل الإعلام، خاصة تلك التي يُطلق عليها “الصحافة الصفراء”، تلعب دورًا لا يخدم المهنة أو الحقل الإعلامي، بل يُسهل تمرير هذه التفاهمات غير الرسمية، من خلال تغطيات غير مهنية، تعتمد أساسًا على نقل صور الاستهتار والارتزاق، من خلال تصوير الفنانين والمغنين، واستعارة “البوس” والصور مع المشاهير، في حين يهمل الإعلام قضية الشفافية والنهوض بالمهنة، وما يعانيه الصحفيون الحقيقيون من مشاكل مالية وقانونية، فضلاً عن أعباء الضرائب وكثرة التحملات التي تثقل كاهلهم.

هل أصبح الصحافة مجرد مصالح شخصية؟

الواقع أن الكثير من وسائل الإعلام فقدت دورها الرقابي، وتحولت إلى أدوات في خدمة أصحاب النفوذ، بدل أن تكون حارسًا على الحقيقة، ومساندًا للمجتمع. ومع ذلك، يظل بعض الإعلاميين الصادقين يحاولون إظهار الحقائق، لكن هؤلاء يواجهون مقاومة شرسة من أصحاب المصالح، وأصحاب الشركات الصغيرة أو الكبيرة الذين يهيمنون على الفضاء الإعلامي، ويصنعون تواطؤًا يتلاعب بالجهود المهنية، ويعطّل حركة التنمية الثقافية والفنية.

وفي النهاية، فإن الواقع يدعونا إلى ضرورة تكثيف العمل على تعزيز البنية التحتية للمنافسة، وتحقيق الشفافية، ومحاربة كل أشكال الاحتكار، سواء في تنظيم المهرجانات أو عبر تفعيل دور المؤسسات الرقابية على المال العام والخاص، وتوعيه الإعلام بأهمية مهنية الصحافة والابتعاد عن المصالح الشخصية.

كما يُطالب المهنيون الحقيقيون بضرورة إعادة الاعتبار للعمل الصحفي الشريف، وتحرير القطاع من هيمنة بعض الجهات، التي تسعى إلى سرقة الفرح الجماعي وتدمير فرص الابداع الحر، في حين أن الحل يكمن في إحياء روح المنافسة الشريفة، ودعم المبادرات المستقلة، لضمان أن يظل الوطن فضاءً نابضًا بالإبداع والشفافية.

التعليقات مغلقة.