أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

اليمن بين التعددية الحزبية، وكماشة العنصرية.

هارون الواقدي
في مختلف الدول المتقدمة الديمقراطية منذ القدم، وعبرت  عنها بطرق مختلفة، ومن خلالها سبرت أغوار حياتها على المنهاج المتحرر من القيود التي تكبل تفكيرها وطرق معيشتها.
وفي ظل التطور المتسارع والطفرات التكنولوجية في العالم، ومع التقدم الهائل في تقنيات العصر الحديث تطور الإنسان وطور أفكاره وسلوكياته وطريقة معيشته محاولاً استغلال تلك الوسائل الحديثة لإشباع رغباته وتطلعاته، وعملت على توسيع مجال الديمقراطية كاسرة لكل الحواجز التي أعاقت التفكير وحرية الرأي والتعبير.
استفادت الدول المتقدمة وخصوصاً الدول العظمى والكبرى من التقدم المتتابع لتكنولوجيا العصر، وسخرت تلك الوسائل والمعدات التقنية لمصلحة سياساتها واقتصاداتها وتنمية المواهب والابتكارات لدى شعوبها، وجعلت من الديمقراطية شعاراً لها، واتاحت لمواطنيها التعبير عن آرائهم، وعكست تلك الآراء والتعبيرات على واقعها السياسي  بتعديل أنظمتها السياسية وتحقيق ما يطمح إليه المواطن.
بنت الدول المتقدمة نظمها السياسية على العمل والتطوير والتعاون بينها ومواطنيها، وأوجدت المؤسسات التي على عاتقها تقوم الدولة ومن خلالها تنهض وتنافس على كافة الأصعدة، بدءاً من الصعيد السياسي والإقتصادي والتنموي، وختاماً بالصعيد الإجتماعي الذي يعد مرآة عاكسة لكل الأصعدة الأخرى.
التعددية الحزبية هي إحدى نتائج الديمقراطيّة، رسمت الدول المتقدمة سياساتها على أسس التعددية والمشاركة في الحكم والسلطة بطرق سلسة؛ لأنها صنعت من تراب الديمقراطيّة لبنات قوية شيدت منها مؤسسات فاعلة جعلت تلك الدول تسيطر على العالم سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، ورمت لنا بغبار ورماد الديمقراطيّة التي ارهقت الشعوب العربية وهي تحاول تجميعها لتصنع منها ولو لبنة واحدة.. ولو تمكنت شعوبنا من صناعة لبنة أو بالأحرى التفكير في صناعتها سرعان ما تنهار عليها معاول الهدم، فتفتتها وتسحقها بقوتها العسكرية ومعاونيها.
في بلادنا -اليمن- توجد تعددية حزبية ولكن لا توجد ديمقراطية.. فما الفائدة إذاً من وجودها؟
فوجود التعددية الحزبية في اليمن مثل وجود السمك في الصحراء!
ظل النظام السابق يتغنى بالديمقراطية ويمارس القمع والإستبداد، ويدندن بالتعددية الحزبية ويعمل بكل وسائله المتاحة على أن يستحوذ ويتفرد بالسلطة.. يرشو المواطن الفقير في الانتخابات كي يمنحه صوته، ويسيطر على اللجنة العليا للانتخابات، ويستبدل الصناديق و… إلخ.
بلا شك أن التعددية الحزبية وجدت في اليمن قبل وجود النظام السابق -النظام العائلي- ولكن حب التسلط والديكتاتورية المفرطة، والحقد على الحرية والعدالة والمساواة دفع بهذا النظام لتفريخ الأحزاب المعارضة له، فجعل لكل حزب حزب موازي، يدعي سياسة الحزب المنتحل ويعمل لمصلحة أهداف النظام الحاكم.. هكذا حكمنا النظام السابق بذريعة التعددية الحزبية والإنتخابات.
النظام السابق الممثل بحزب المؤتمر الشعبي العام والذي أسسه عفاش حسب ادعائه، والذي ما يزال عفاش متشبثاً بترأسه رغم انشقاق معظم قياداته وأعضائه يعد الحزب الذي استغله المخلوع فقتل من خلال جناحه فيه الديمقراطية في اليمن، وأصاب التعددية بجراح عميقة، استغل الجهل والأمية والفقر لتجنيد كثير من المخدوعين للدفاع عنه وعائلته، والتحشيد للتجمهر معه وتسويق حزبه على أنه ما يزال يتمتع بقاعدة شعبية من خلال توظيفه للمتمصلحين والنافذين في استغلال بعض المواطنين البسطاء للتصفيق له لقاء وجبة غداء وتخزينة قات، والتي لا تتجاوز في الغالب ألفي ريال.
 الديمقراطية شيء جميل، والتعددية الحزبية أجمل، لكن ما يؤلمنا هو احتقار عقول الشعب وعدم احترامها من خلال التضليل المتعمد والتجهيل الممنهج تحت يافطتي الديمقراطية والتعددية.

التعليقات مغلقة.