وتمكن اليمين النرويجي من كسب هذا الاستحقاق الانتخابي، الذي عرف منافسة شديدة مع التكتل اليساري، بحصوله على أغلب المقاعد التي تسمح له بتشكيل الحكومة المقبلة والاستمرار في سياساته المتبعة.
ووفقا للأرقام، التي نشرتها لجنة الانتخابات النرويجية، بعد فرز 94.8 في المائة من الأصوات المعبر عنها، فقد حصل حزب المحافظين، وحزب التقدم، وحليفاهما الحزب الليبرالي والحزب الديمقراطي المسيحي على 89 مقعدا من أصل 169 مقعدا في البرلمان.
وفاز حزب المحافظين، برئاسة إيرنا سولبيرغ، ب45 مقعدا، وحصل حزب التقدم على 28 مقعدا، والحزب الليبرالي (ثمانية مقاعد) والحزب المسيحي الديمقراطي (ثمانية مقاعد).
ويبلغ عدد النواب في البرلمان النرويجي نحو 169 نائبا الذي عادة ما تهيمن عليه الأحزاب الكبرى باحتلالها المراتب الأولى، والتي تضطر لعقد تحالفات مع أحزاب صغرى لتشكيل ائتلاف حكومي.
وجرت الانتخابات التشريعية في هذا البلد الاسكندنافي بالاقتراع السري الحر وفق اللائحة الانتخابية في العديد من الدوائر الكبرى، حيث يحق لنحو 3.8 مليون ناخب التصويت ضمن هذا الاقتراع المفرز للمؤسسة التشريعية.
وتركزت حملة اليمين على النتائج الإيجابية التي تحققت على مستوى الاقتصاد النرويجي مؤخرا، مما أدى إلى انتعاش حقيقي للناتج الداخلي الخام، واستعادة بعض العافية في العديد من القطاعات المتضررة.
وهيمنت خلال الحملة الانتخابية النقاشات المتعلقة بالنمو الاقتصادي في هذا البلد الذي يعد أكبر منتج للنفط والغاز في غرب أوروبا، وكذا مسألة الضرائب، وقضية الهجرة واللجوء.
وتنتظر هذا التكتل مفاوضات كبيرة بين أطرافه الأربعة، لا سيما أن الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي لا يودان أن يظلا مساندين فقط للحكومة بل شريكين في التدبير.
وكانت الحكومة المنتهية ولايتها تتألف فقط من حزبي المحافظين، برئاسة إيرنا سولبيرغ، وحزب التقدم (يوصف بالشعبوي) برئاسة سيف ينسن، بمساندة برلمانية من قبل الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الليبرالي.
واعتبر زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي، كنوت أريلد هارييد، في تصريحات صحافية، أنه “لا يمكننا تقديم ضمانات للسنوات الأربع المقبلة”، في إشارة إلى ضرورة تغيير الوضع الحالي.
وقالت إيرنا سولبيرغ إنها دعت حلفاءها إلى مناقشة الوضع المقبل وتوضيح كيفية مواصلة التعاون بين أطراف الائتلاف الحكومي الحالي، معبرة عن يقينها بأنه سيتم إيجاد حلول لجميع الأطراف خلال السنوات الأربع المقبلة.
ويأتي تصريحها بعد أن أكدت الحزبان المساندان عن رغبتهما في لعب دور أكبر في الحكومة المقبلة، حيث حملت الحملة الانتخابية بعضا من المؤشرات على هذا التوجه بإعلان كل من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي أنهما لن يظلا فقط مساندين للحكومة اليمينية، بل شركاء في تشكيلها وفي ترتيب توجهاتها.
ويسود تخوف لدى بعض المراقبين من نتائج هذه المفاوضات خاصة مع التجاذب الذي حصل بين أنصار للحزب المسيحي الديمقراطي وأنصار لحزب التقدم، على خلفية تصريحات وزيرة الهجرة والاندماج، سيلفي ليستهوغ (حزب التقدم)، حول الهجرة واللجوء والتي لم تكن محل ترحيب من قبل كنوت أريلد هارييد.
كما أن الخلافات التي صاحبت إعداد ميزانية سنة 2017 وتأخر الاتفاق على بنودها الكبرى بين مكونات الائتلاف الحالي، قد تطفو على السطح مجددا، خاصة أن الحزبين المساندين (الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي) يرغبان في أن تشكل الحكومة اليمينية المقبلة مرحلة دخولهما الفعلي.
فقد خرج اتفاق الميزانية من عنق الزجاجة ووصف ب”اتفاق الإنقاذ” لأنه أنهى مرحلة من الخلافات التي خيمت على الائتلاف الحكومي الذي صمد منذ تشكيله في سنة 2013 بفعل العديد من المشاكل الاقتصادية.
ويبدو أن حزب المحافظين تنبه مسبقا إلى هذه التداعيات المحتملة وعمل على تكثيف تواصله مع حلفائه، على الرغم من أن المفاوضات المقبلة ستكون صعبة بالنسبة لزعيمته إيرنا سولبيرغ.
ويأتي هذا الفوز المهم بالنسبة لليمين بعد سنتين من الانتخابات البلدية التي أفرزت انتصار حزب العمال المعارض (يسار) واحتلاله المرتبة الأولى، متبوعا بحزب المحافظين (يمين)، وعادت المرتبة الثالثة لحزب التقدم العضو بالائتلاف الحكومي.
ويعقد النرويجيون آمالا كبيرة على الحكومة المقبلة لكي ترفع من نسبة النمو الاقتصادي والإبقاء على الرفاهية التي تعرفها البلاد بفعل السياسات الاجتماعية المتبعة والمداخيل المهمة للدولة من النفط والغاز والضرائب.
جمال الدين بن العربي
التعليقات مغلقة.