سلطت مجلة “THE ALGEMEINER” الأمريكية في تقرير لها، الضوء على العلاقات التاريخية بين المملكة المغربية ومواطنيها اليهود، مسجلة أن المغرب يشكل استثناء في تعامله ورعايته لليهود الذين كانوا يعيشون على أرضه، إذ تشكل الهجرات العكسية الأخيرة التي يعود من خلالها اليهود من أصل مغربي إلى موطن أجدادهم، بمثابة شهادة على هذا الإرث الدائم.
ولفت المصدر عينه إلى أن التاريخ اليهودي في المغرب يمثل نسيجا حيويا يعود جذوره إلى أكثر من ألفي عام حتى أنه سبق الفتح الإسلامي للمنطقة، حيث عزز هذا الوجود الطويل الأمد لليهود في المملكة الهوية اليهودية الفريدة التي أصبحت جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي المتنوع لهذا البلد، موضحا أنه رغم تعاقب الأنظمة الاستعمارية على المغرب استطاعت اليهودية أن تحتفظ بتماسكها ووجودها داخل النسيج الاجتماعي والثقافي المغربيين.
وأشار التقرير الصحافي إلى دور الملك الراحل محمد الخامس خلال الحقبة “القاتمة” للحرب العالمية الثانية، حيث برز كمنارة أمل للمجتمع اليهودي في وجه غيوم المحرقة المشؤومة التي كانت تحوم فوق سماء أوروبا، موضحا أن إعلانه الشهير لدينا مغاربة وليس يهودا ومسلمين، جسد موقفا رائعا من الوحدة والحماية في وقت كانت فيه العديد من المجتمعات اليهودية تواجه الإبادة، مسجلا “تكريم الملك محمد الخامس بعد وفاته لالتزامه الثابت بحماية 250 ألف يهودي في بلاده خلال هذه الفترة المحفوفة بالمخاطر.
وسجل أن المغرب بذل في السنوات الأخيرة جهودا كبيرة لإحياء مواقع التراث اليهودي في إطار التزامه بالحفاظ على النسيج الغني لتاريخه المشترك من خلال ترميم المعابد والمقابر والأحياء اليهودية (الملاح)، لافتا في هذا الصدد إلى إعادة إحياء المقبرة اليهودية في مدينة مكناس وكنيس صلاة الفاسيين بالعاصمة العلمية للمملكة حيث رممت الحكومة أكثر من 160 مقبرة يهودية في جميع أنحاء البلاد منذ سنة 2010.
وفي تفسيره لعوامل الهجرة العكسية وارتباط يهود العالم بأصولهم المغربية، أورد التقرير عينه أن أحد هذه العوامل تتمثل في البيئة المغربية المتسامحة مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة، كما أن إحياء المواقع اليهودية يؤجج الشعور بالانتماء في أوساط اليهود، مسجلا أن المغرب يقدم نموذجا بديلا للتعايش الديني تؤكده روابط تاريخية تتجاوز التوترات الإقليمية السائدة، حيث يزيد الدف الأخير في العلاقات بين الرباط وتل أبيب من جرأة هذه الرواية ويفتح فصلا جديدا من الدبلوماسية وإعادة التواصل وسط إعادة اصطفاف إقليمي نحو السلام والتعايش.
وخلصت المجلة الأمريكية إلى أن العلاقات المتجددة بين اليهود المغاربة وتراب أجدادهم ينطوي على الكثير من التفاؤل في منطقة مليئة بالخلافات الدينية، مما يجعل هذا البلد منارة للتسامح والتاريخ المشترك، مشيرة إلى أن تسهيل السفر بين المغرب وإسرائيل ليس فقط رمزا للعلاقات الدبلوماسية القوية بين البلدين، ولكنها أيضا مُيسر عملي لإعادة الروابط الثقافية والعائلية التي يسعى الكثيرون إلى تحقيقها بفارغ الصبر.
التعليقات مغلقة.