تطوان / خولاني عبد القادر
في ظل الانشغالات التي تعرفها الساحة الوطني، في ظل أزمة “كورونا” التي أدت إلى ارتفاع في أثمنة المواد الغذائية مسببة في تراجع مستوى المعيشي للأسر المغربية خلال العامين الماضيين، و أدخلت الآلاف من الأسر في أزمة اجتماعية خانقة، وأدت إلى تراجع في الخدمات، و دفعت بالمواطنين إلى التهافت على شراء المواد والمنتجات الرخيصة دون مراعة الجودة و مدة صلاحيتها، وتصاعدت أصوات منددة ومحذرة باستمرار الوضعية المزرية وخطر انتشار عمليات تزييف المنتجات الصناعية والغذائية، ومطالبة بتحصين أمن المستهلك على كل المستويات المادية والصحية، وكذا إنعاش السوق الاقتصادي المتدهور حاليا خصوصا بعد رواج احتمال فتح المعبرين الحدوديين مليلية وسبتة المحتلتين، فضلا عن انطلاق العمل بمنطقة الأنشطة الاقتصادية الجديدة “حيضرة” بمدينة الفنيدق الأولى من نوعها، خاصة وان المغرب يتمتع بقدر كبير من الحرية التجارية والانفتاح على العالم وبالتالي فهو عرضة لهذه الطاهرة……
مما يتطلب من الجهات المعنية التدخل لمحاصرة الظاهرة، خاصة المديرية الجهوية للجمارك بجهة طنجة تطوان الحسيمة وبتنسيق مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات بتطوان، و عمالة المضيق الفنيدق، لعقد يوم تحسيسي في موضوع / تزييف المنتجات وحماية المستهلك، يأطره أساتذة جامعيين، بهدف تحسيس المواطن بإشكالية تزييف المنتجات وبالمقتضيات القانونية والإجرائية الجاري بها العمل و الإطار القانوني للحد من تزييف المنتجات وكيفية إجراء دعوى قضائية، و الدور الذي سوف تقوم به كافة الجهات المعنية لمواجهة ظاهرة الغش التجاري والتقليد من خلال التشريعات والقوانين والأنظمة التي أصدرتها الدولة، وكذلك قضية تزييف المنتجات بين أمن المستهلك وإنعاش السوق الاقتصادي، إضافة إلى موضوع تزييف المنتجات الطبية من مرحلة التصنيع ﺇﻟﻰ مرحلة إعطائها ﻟﻠﻤﺭضى.
كما سيتم التطرق كذلك إلى التجارة غير الشرعية التي تشمل المواد الاستهلاكية/من قبيل المنتجات الغذائية والمشروبات والمنتجات المنزلية ومستحضرات التجميل والأدوية و التبغ وقطع غيار السيارات…، وكلها مواد تسبب في خسارة اقتصادية جسيمة، إضافة إلى خطورة تأثير التقليد في انخفاض المبيعات والأرباح و الإضرار بالصناعات وأصحاب الشركات، وهو الإجراء الذي يتطلب تفعيل القوانين المنظمة لهذه المخالفات و تنفيذ الأحكام تدعيما للسياسة المغربية التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة، و حرصها الأكيد على سن التشريعات والقوانين التي تعاقب القائمين والمشتركين والمساهمين في عمليات التقليد والغش التجاري لوقف زحف العولمة وانتشار التجارة الالكترونية التي أضافة لأسواق العالم تواصلا وجعلت التبادل التجاري أكثر يسرا وساهمت في ازدياد أساليب التزييف والغش وأصبحت البضائع والمنتجات المقلدة والمغشوشة بأساليب مبتكرة تغزو الأسواق المغربية يوما بعد يوم من أجل تحقيق الأرباح الوفيرة على حساب المستهلك و الاقتصاد الوطني وصحة المواطنين …
وهذا الفعل يقع بالرغم من المجهودات المبذولة من المديرة الجهوية للجمرك التي تعمل على تطوير أجهزتها وطرق عملها لتواكب التطور الاقتصادي والتقدم العلمي والتقني ، وتكثف جهودها للحد من الأثار السلبية التي تخلفها على الأسواق التجارية المغربية و تكبد الشركات والمؤسسات الإنتاجية خسائر مادية فادحة.
علما أن المنطقة الحرة “حيضرة” بمدينة الفنيدق ستبدأ في استقبال الحاويات المحملة بمختلف السلع المستوردة ، مما يتطلب التعاون مع كافة الجهات المعنية في مواجهة البضائع المقلدة والمغشوشة والتلاعب في المواصفات والمقاييس وتزوير العلامات التجارية، من خلال ضبط المعابر والمنافذ الحدودية وتفتيش الحاويات لكشف البضائع المقلدة، من أجل التصدي لهذه الظاهرة بشكل جدي…. خاصة أن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة مؤهلة للتدخل عند الحدود في مجال حماية ملكية العلامة ، وذلك عبر حجز السلع المشكوك في كونها مزيفة أو مقلدة ، فضلا على أن المغرب يتوفر على التشريعات اللازمة للتخفيف من حدة هذه الظاهرة إلا أن المتغيرات الجديدة ومنها الانفتاح العالمي ساعدت على انتشار وتدفق هذه السلع إلى العديد من أسواق المغربية، حيث ينخدع المستهلكون بشراء منتجات رديئة أقل جودة قد تسبب لهم مخاطر جمة على صحتهم وسلامتهم وتعرضهم لمخاطر عديدة نتيجة للتقليد والغش في المواد الغذائية والأدوية وقطع الغيار المختلفة ، لقلة الوعي بأهمية الجودة وتدني أسعار هذه السلع الذي يشجع على بيعها دون الاكتراث بما تسببه من مخاطر صحية واقتصادية، مما يتطلب إطلاق حملة توعية شاملة ووضع خطة منهجية مدروسة و متكاملة لمكافحة ظاهرة استخدام هذه السلع التي تفتقد إلى عناصر الأمان، مع ضرورة دعم وتنمية التواصل وترسيخ الحوار والتشاور بين جميع الفاعلين والمهتمين بهذه الظاهرة و من بينهم جمعيات حماية المستهلك … كما أن للمؤسسات العمومية و الجمارك دور كبير في الحد من تزييف المنتجات و المقتضيات العامة للملكية الصناعية والتجارية ، وكيفية رفع مستوى إدراك العملاء ومعدي البيع للمخاطر الناجمة عن استخدام هذه المنتجات لتمكينهم من حماية أنفسهم و ضمان حيازتهم على الترخيص الصحيح للمنتوج ، وكذا تـنبـيه المستهلكين إلى وجود منتجات مزيفة و جعلهم أكثر إدراكا للمخاطر المتزايدة التي تقترن بالحصول على هذه المواد، وكيفية محاربة ظاهرة الغش والتقليد التجاري.
كمايجب ألا ننسى دور القضاء في محاصرة الظاهرة، من خلال توعية المتضررين بإجراء دعوى تزييف المنتوجات، لأن حماية المستهلك متضمنة في قانون الملكية الصناعية وفي قانون زجر الغش في البضائع .
علما أن مخاطر تزييف السلع والخدمات تتسبب في ضياع حصة مهمة من الأرباح التي يمكن تحصيلها سنويا و هي بمليارات الدراهم، و كذا فقدان عدد كبير من مناصب الشغل سنويا و عدم القدرة على الحفاظ على بعض الأنشطة الاقتصادية لا سيما في بعض القطاعات الحيوية ، حيث أنه في ظل التنافسية الاقتصادية تنتعش فيها المنتوجات المزيفة ،رغم أن التشريع المغربي حرص بموجب مقتضيات القانون رقم 17 /97 المنظم لحماية الملكية الصناعية ، على ضرورة محاربة ومنع كل تصرف من شأنه أن يؤدي إلى الإيقاع في الغلط بالنسبة للعلامات التجارية أو التسميات التجارية، وذلك حرصا على شفافية السوق الاقتصادية.
ونستخلص من كل هذا أن هناك حماية غير مباشرة للمستهلك من المنافسة غير المشروعة ، بل ولقد خول إمكانية رفع الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة لقمع مثل هذه التصرفات ، مع تمكين المعنيين بالأمر من المطالبة بالتعويض بموجب الدعوى المدنية ، لا سيما أن دعوى المنافسة غير المشروعة ، حسب مقتضيات الفصل 84 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود ، التي أجازت المطالبة بالتعويض في حالة وقوع المستهلك في وضعية الغلط .
و الأكيد أن الحملات تحسيسية المكثفة و المرتبطة بتطبيق القانون و التنفيذ، التي عادة ما تكون لها علاقة بالغلاء أو التسممات الفردية والجماعية المؤدية إلى الإصابة بالأمراض الخطيرة نتيجة تناول مواد فاسدة غير مراقبة، وإلى وقوع احتجاجات وحوادث مؤلمة…
التعليقات مغلقة.