انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى العالمي للتصوف
وجدة: إخلاص
تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وبحضور شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، الدكتور مولاي جمال الدين القادري، وعدد من العلماء والمسؤولين والشخصيات العلمية والفكرية من مختلف القارات، افتتح الدكتور مولاي منير القادري رئيس مؤسسة الملتقى، السبت 23 شتنبر 2023، فعاليات الدورة الثامنة عشر للملتقى العالمي للتصوف التي حملت شعار: “اﻟﺘﺼﻮف واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ من أجل تأسيس مواطنة شاملة”.
بعد تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم وسماع النشيد الوطني تمت قراءة الفاتحة ترحما على شهدائنا في الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز وفي فيضانات الشقيقة ليبيا مع الدعاء للجرحى بالشفاء التام.
وفي مستهل كلمته الافتتاحية عبر رئيس مؤسسة الملتقى عن الشكر والامتنان لمولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي غمر بعطفه اﻷبوي ضحايا فاجعة الزلزال، ورعايته للمصابين وأسرهم وكذا الأيتام الذين أصدر جلالته توجيهاته السامية باعتبارهم من مكفولي اﻷمة، وتفقده الميداني للحالة الصحية للجرحى.
وسلط القادري الضوء على مسارعة المغاربة كما هي عادتهم دائما لمواساة بعضهم البعض والتعاضد والتراحم فيما بينهم ومَدَّ يد العون والمساعدة، انطلاقا من قيم التضامن والتآزر المتجذرة في مجتمعنا المغربي ˓والمستمدة من مبادئ دينا الحنيف وثقافتنا المغربية الأصيلة.
وأوضح أن اﻟﻘﻴﻢ الأخلاقية ﻫﻲ اﻟتي ﺗﻮﺟﻪ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت اﻷﻓﺮاد إﱃ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻄﻠﺒﻪ الجماعة وﻣﺎ ﺗﺮﻓﻀﻪ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم ﺗﺘﻤﺎﻫﻰ ﻣﻊ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ واﻟﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، وأنه لا وﻃﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ الحقيقة إﻻ بهذه اﻟﻘﻴﻢ، ﻓﺎلهوية اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل الهوية اﻟﻘﻴﻤﻴﺔ والأخلاقية، ﻷن اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ الحقة ﻻ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ مجرد الالتزام القانوني فقط، ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺴﺘﻨﺪ وتُعضَّد بالمكون اﻟﻘﻴﻤﻲ.
وأضاف أنه باﻟﻘﻴﻢ ﻧﺮﺗﻘﻲ ﺑﻌﻼﻗﺎتها ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ الجوفاء التي ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ محددي الحق والواجب، إلى أﻓﻖ أﻛﺜﺮ اﻧﻔﺘﺎﺣﺎ، اﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، وﺑﺬﻟﻚ ﻧﻨﻔﺘﺢ بمواطنيتنا ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ اﻟﺘﺂﺧﻲ والتسامح واﻟﺘﺴﺎﻛﻦ والمحبة، فتصير ﻣﻮاﻃﻨﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ وإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ.
وانتقد تهميش الحضارة المعاصرة للجوانب الروحیة والقیمیة للإنسان، مما أدى إلى دخول مجتمعاتنا في أنفاق مظلمة، رغم التقدّم الحاصل ماديا وتقنيا، وتجلى ذلك في الأزمات الأخلاقية والنفسیة الخانقة التي یتخبط فیها إنسان اليوم، والفراغ الروحي المهول الذي یعانیه، ومظاهر الانحراف السلوكي، بالإضافة إلى الاستنزاف المتزاید للثروات، وما رافقه من اختلال خطیر في النظام البیئي العالمي، وغیر ذلك من الجوانب السلبية لهذه التنمیة المادية الصرفة.
وبين أن الإسلام يتميز بنزعته الإنسانية العالمية المنفتحة التي لا فرق فيها بين مسلم ومسلم أو غير مسلم، وأنها تمثل حقيقة جوهرية في الممارسة الصوفية ومنهجها التربوي والسلوكي المبني على خطاب الرحمة والمحبة ونفع الخلق، وأضاف أن هذه النزعة الإنسانية مستنبطة من التصور القرآني للحقيقة الإنسانية مستدلا بآيات من القرآن الكريم.
التعليقات مغلقة.