فكك مقال تحليلي للباحث التونسي أحمد نظيف “الخطاب الشعبوي” المتمثل في ربط زلزال المغرب بـ”العقاب الإلهي”، وهو الربط الذي تضمنه بيان للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، صدر في الـ24 من شتنبر الماضي.
وكان البيان موضوع المقال التحليلي أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية والمدنية بالمغرب وخارجه ودفع عددا من المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية إلى التبرؤ منه. كما دفع عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب والرئيس الأسبق للحكومة المغربية، إلى الخروج بتوضيح يؤكد من خلاله أن فقرة “العقاب الإلهي” تخصه وحده ومن أراد من أعضاء الأمانة العامة للحزب.
وقال كاتب المقال، المنشور على موقع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة” المستقل، إن التفسير الذي منحه بيان الحزب المغربي يبدو غريبا في مجال التداول العقلي السببي؛ لكنه ليس بالغريب عن أدبيات التفكير الإسلاموية والإخوانية المنفصلة عن واقعها الزمني.
وأشار إلى أن شيوع الروابط اللامنطقية في الخطاب الإسلاموي يعد أحد أساسيات هذا الخطاب، مبرزا أن العودة إلى سجالات الخطاب مكتوبا ومذاعا يمكننا ربما من اكتشاف أن اللامنطق هو الأداة السحرية في جاذبية خطاب الإسلاموية ونجاحه في استقطاب الجمهور؛ ذلك أن الخطاب العقلاني المنطقي الخاضع لقوانين السببية لا يجد قوة التأثير نفسها في عواطف الناس.
واستحضر نظيف، في هذا السياق، تنامي صعود الحركات الإسلاموية نتيجة تشكيل سردية “العقاب الإلهي” في أعقاب حرب 1967، الأساس الايديولوجي الذي قامت عليه موجة الصحوة الإسلاموية، ليس فقط في مصر، بل في عموم الأقطار العربية، ولاسيما في المغرب العربي.
واعتبر المقال التحليلي أن حزب العدالة والتنمية لو كان حاكما لما أعاد كارثة الزلزال إلى مبدأ العقاب الإلهي؛ وذلك لحديثه بوضوح على أن خروجه من السلطة كان أحد أسباب هذا الغضب، حيث لفت البيان إلى “الذنوب والمعاصي السياسية” المُتعلقة “بالانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي”.
لذلك، فإن هذا البعد الشعبوي الخطابي الذي يميز الحركات الإسلاموية، وفق كاتب المقال، يحقق لها مكاسب قوية وواضحة عندما تكون خارج السلطة، حيث يؤدي دورا كبيرا في خطابها الاحتجاجي ضد السلطة، ودورا أكبر في تقديم نفسها كبديل للسلطة القائمة.
وخلص المقال إلى أنه لا يمكن الإمساك بنموذج ثابت للخطاب الشعبوي الإسلاموي، حيث إنه مختلف باختلاف الحركات والجماعات والظروف الموضوعية التي تنشط فيها وداخلها، محددا بعض الخصائص المشتركة والشائعة لهذا الخطاب.
ومن بين الخصائص أورد المقال “الخلاصية”، حيث تطرح الحركات والجماعات الإسلاموية نفسها كمُخلص للناس من بؤس الحاضر، و”الحقائق البديلة” التي تنتجها من أجل الإقناع بزيف الحقائق الأخرى، ثم “العدو الغامض” الذي تنتجه هذه الحركات دون أن تكشف عن هويته، وأخيرا “التلاعب” عبر توظيف مصطلحي “العقاب والابتلاء” حسب كل حالة.
التعليقات مغلقة.