مسيرة معاناة وإحساس ب”الحكرة” عاشها عمال ومستخدمو وأرباب مطعم ميناء الصيد البحري، بعد مطعم “أوستريا” في الدار البيضاء، بعد صدور قرار بالإفراغ وبالتالي الحكم بالتشرد والضياع، لفائدة دعم الرأسمال العربي، على حساب معاناة أبناء الوطن.
فبعد 50 سنة من العمل في فضاء مطعم “ميناء الصيد البحري”، والحضور اللافت والمتميز لهذا المطعم الذي استقطب العديد من المشاهير والزعماء ورؤساء الدول، والفنانين والرياضيين، ضمنهم الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر…، وفق تصريحات أحد عمال المطعم، الذي يحكي بغصة والدموع تنهمر من عينيه، حكم الجشع وتبعاته الرسمية على معاناة هؤلاء العمال مع أسرهم بالتشرد والضياع، لفائدة تشجيع الماركنتيلات الضخمة التي يسيل لعابها لسرقة كل خيرات البلاد مدعومة بقرارات عشوائية لا تستهدف إلا بيع الوطن للأغيار وبأبخس الأثمان.
أن تضع مشروعا كيفما كان نوعه، معناه أن تكون هناك مصلحة عامة، وليس مصلحة خاصة، وأن يتم فتح نقاش وطني هام في الموضوع مع كافة الأطراف لمعرفة وجهات نظرهم وتقديم الحلول الواقعية التي ترضي الجميع، وتحسسهم بالانتماء لوطن يسع جميع أبنائه، ويحميهم في فضائه، لا أن يعرضهم للتسكع والتشرد والضياع باسم البحث عن الاستثمارات وبلا بدائل.
الفائزة بالمشروع هي شركة “الوصال” القطرية، وضحايا المشروع هم “الغلابة” من أبناء هذا الشعب العظيم، الذي يصبر على كل شيء، إلا أن المسؤولين لا يقدرون صبره وتضحياته، فكيف يعقل أن يتم انتزاع أناس من مورد رزقهم وزق عائلاتهم بالقوة، وتحت تهديد القانون والقضاء وسطوته، المدة التي قطعها المالك للمطعم، تجعله بقوة الأمر الواقع، مالكا للمكان بقوة الحيازة والتصرف، لأن الأمر يتعدى ما ينص عليه النص القانوني، أي أزيد من 20 سنة، ما دام المالك استغل المشروع مدة تزيد عن 50 سنة بالحيازة والتصرف، وهي وفق النص القانوني تأخد القوة القانونيبة حتى أقوى من التملك عينه.
إن ما وقع يعكس نمطا من التدبير السائد المهووس بالأجنبي والبعيد كل البعد عن التفكير في الاستثمار الوطني، بل أن الحس التدبيري منعدم، لأنه لن يراع الحمولة البشرية التي يحتويها المشروع، والتي تتطلب تدخل الدولة لحمايتها باعتبارها أرقاما في سلسلة الإنتاج والعلاقات الاجتماعية الظالمة القائمة، والتي لا ترقب عدد الأفواه التي ستحول بقوة قرارات ظالمة، إلى خانة البطالة بما يضع الاستقرار الاجتماعي موضع خلخلة لانتشار وتوسع حالة الغضب والاحتجاج ضد قوانين استثمارية وضعت لنصرة الجشع على حساب “أولاد الشعب” والاستقرار.
حتى التعويض عن الظلم بالإغلاق بقيت موضع تلاعب، على الرغم من أداء الشركة القطرية، وباعتراف مسؤوليها، تعويضا عن الإفراغ والوعد بمنح مكان بديل في المرسى الجديدة بعين السبع، لكن الوعد تبخر، وأصبح هناك حديث عن أرض ليس للمرء حق البناء فيها، خاصة وأن المرسى مغلقة “مع من سنشتغل هل مع الأشباح؟” يقول أحد العمال، والواقع على الأرض يعكس معاناة قائمة في ظل سياسة يغلب عليها طابع العبث، فاليابان تقدمت بالانغلاق وإعطاء البعد الوطني والاجتماعي الأولوية في انطلاقتها التنموية التي بوأتها صدارة الاقتصاد العالمي، فيما مسؤولون يستلدون بعبث الارتماء في حضن الأجنبي على حساب آلام أبناء الوطن المشردون قسرا بهاته القرارات الظالمة.
التعليقات مغلقة.