الخط والنهج السياسي الفکري الذي إلتزمه النظام الإيراني وسار ولازال يصر على السير فيه، هو خط ونهج معاد للعالم کله وفي المقدمة الشعب الإيراني نفسه ولأن النظام يعلم جيدا کونه حالة غريبة وشاذة في هذا العصر ولم يتمکن من إزالة الشکوك والمخاوف الدولية المثارة حوله بل وحتى إنها تتزايد وحتى تتعاظم عاما بعد عام، فإن النظام يعلم جيدا مدى التهديد المحدق به ولذلك فإنه وفي هذا الخضم يسعى بکل ما في وسعه من أجل البقاء.
من هنا، فإن معظم حالات الصراع والحروب والازمات التي يواجهها هذا النظام، فإن المقياس والمعيار الذي يحدد على أساس منه النتيجة ليس في وفق المقاييس المعتمدة في حسابات النصر والهزيمة وإنما في بقائه، هذا النظام يعتبر بقائه النصر المٶزر له حتى وإن تم تدمير إيران أو حتى أبيد نصف سکانها(وقد سبق وإن قال مسٶول في النظام شئ من هذا القبيل).
حروب الوکالة التي أثارها هذا النظام من خلال الاحزاب والميليشيات التابعة له، کانت في الحقيقة نموذجا من النماذج التي بينت مدى حرص النظام على أمنه وسلامته وبقائه بعيدا عن نيران الحروب التي يشعلها بنفسه، ولاسيما وإنه أکد على لسان قادته لأکثر من مرة بأنه يقاتل في بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء کي لا يقاتل في شوارع وأزقة طهران وإصفهان وشيراز.
اليوم، وبعد الاحداث والتطورات التي جرت خلال 2023 وحتى الحرب الاخيرة، والتي رأينا من خلالها کيف إن دائرة الحروب التي أثارها هذا النظام بدأت تلسعه بنارها، فإنه لم يأبه أو يکترث لحلفائه ووکلائه الذين ربطوا مصيرم بمصيره وهم يتساقطون أو يهزمون، إذ أنه يرى إن مجرد بقائه فهو النصر الحقيقي لذلك ليس مهم سقوط نظام الاسد ولا فقدان حزب الله اللبناني لقدرته العسکرية وإنطوائه على نفسه، فالاهم هو إنه لازال باق!
لکن من المهم هنا أن نبحث ونتقص في مسعى النظام من أجل البقاء وجعله من ذلك الاهدف الاهم له، فهو يعلم جيدا بأن سقوطه يعني تلاشى جهود 47 عامًا من أجل نشر وترسيخ أفکاره المتطرفة وتوجهاته المشبوهة المتناقضة مع روح هذا العصر، في حين إن بقائه في الحکم وفي بلد يمتلك ثاني إحتياط للبترول والغاز في العالم کله، سيمنحه القدرة من أجل أن يستعيد قواه ويعد العدة من جديد للمخططات والنشاطات المزعزعة للأمن والسلام في المنطقة والعالم، وهو وعندا يعلم بأنه قد وصل الى حافة الهاوية فإنه يرفع رايته البيضاء ويستسلم لکي يضمن بقائه وبقائه هو وکما أسلفنا نصره المٶزر!
ليس من قبيل الصدفة أن نرد على ادعاءات النصر الزائفة والفارغة لخامنئي في الحرب التي استمرت 12 يومًا، بالإشارة إلى جزء من خطاب السيدة مريم رجوي في جلسة البرلمان الأوروبي حول الوضع الراهن في إيران ومطالب الشعب الإيراني. وقالت:
“… القضية الملحة في إيران، والحرب التي اندلعت بسببها، هي القضية النووية. لكن قضية إيران في مجملها تتجاوز بكثير برنامج النظام النووي. فالقضية الحقيقية لإيران هي الصراع بين الشعب والمقاومة الإيرانية من جهة، والاستبداد الديني من جهة أخرى. في العام الماضي، أعلن مقرر الأمم المتحدة أن المجازر وقتل السجناء السياسيين في ثمانينيات القرن الماضي، وبالأخص مذبحة صيف عام 1988، تُعدّ إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية. والآن، انظروا إلى حصيلة العام الماضي: منذ تولي بزشكيان منصبه في أواخر يوليو 2024 وحتى اليوم، تم إعدام أكثر من 1350 سجينًا. لا يوجد بلد في العالم ينفذ أحكام الإعدام بنسبة سكانية مماثلة لإيران. ولا يوجد بلد يشهد مثل هذا المستوى من الاحتجاجات والمقاومة لتغيير النظام كما في إيران. يوميًا، يقوم العمال والموظفون والمعلمون والممرضون والمتقاعدون وغيرهم من شرائح المجتمع في مدن مختلفة عبر البلاد بتنظيم احتجاجات. في العام الماضي، نفذت مراكز المقاومة الثورية 3000 عملية ضد القمع الذي تمارسه السلطات الدينية. …
إن التضحية بحقوق الإنسان والمقاومة الإيرانية، وتشويه صورتها عمدًا، لم توقف عدوانية النظام وابتزازه واحتجازه لرهائن من مواطني الدول الغربية. هذه المقاومة التي قدمت أكثر من 100 ألف من أعضائها ومؤيديها في سبيل النضال من أجل الحرية والديمقراطية. إن الشعب الإيراني يطالب بالإطاحة الكاملة بهذا النظام. وقد عملت المقاومة الإيرانية باستمرار من أجل إسقاط النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية، غير نووية، تقوم على فصل الدين عن الدولة، وتكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة، وحقوق القوميات، ونظام قضائي مستقل وحديث، وإلغاء عقوبة الإعدام. كل هذه النقاط مدرجة في البرنامج الذي وضعه المجلس الوطني للمقاومة منذ أربعة عقود وأقرّه. نحن نسعى أيضًا إلى نظام ديمقراطي تعددي يدافع باستمرار عن السلام في الشرق الأوسط. هذه هي صورة إيران الحرة غدًا، مصير مشرق سيتشكل بانتفاضة الشعب الإيراني…”
هذا المقال لا يعبر عن رأي الجريدة بل يحمل رأي كاتبه.
التعليقات مغلقة.