أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، كيف ينظر العرف الأمازيغي إلى هذه العقوبة

الباحث الحسن اعبا

 

لا وجود للإعدام عند الأمازيغ

 

أولا وقبل كل شيء قبل أن نتطرق إلى هذا الموضوع لا بد لنا أن نتساءل عن ما هو الإعدام.. ولماذا الاعدام …، كيف..؟، لماذا..؟، متى..؟، وأين…؟، كل هذه الأسئلة وغيرها لا يمكن لنا الإجابة عنها إلا إذا استحضرنا كيف؟ ومتى تكون عقوبة الإعدام هذه في الحضارات المختلفة القديمة وعند الامازيغ آنذاك..

 

فما هو الإعدام؟ تُعد عقوبة الإعدام من أقدم العقوبات في التاريخ البشري، إذ توجد لها آثار في تراث الحضارات القديمة مثل حضارة ما بين النهرين والحضارة الإغريقية والفرعونية، وكان الإعدام في تلك المجتمعات -التي لم تعرف دولة القانون- أشبه بالإعدام أو القتل خارج القانون، إذا ما قيست بالمعايير الواجب تحققها في عقوبة الإعدام وفق المعاهدات والمواثيق الدولية في العالم المعاصر. 

عقوبة الإعدام، عقوبة الموت أو تنفيذ حكم الإعدام هو قتل شخص بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع. 

وتعرف الجرائم التي تؤدي إلى هذه العقوبة بجرائم الإعدام أو جنايات الإعدام.

وقد طبقت عقوبة الإعدام في كل المجتمعات تقريبًا، ما عدا بعض المجتمعات، مثلما نعلم أن لكل قانون من القوانين الدولية أو الداخلية معارض ومؤيد وكل حسب دليله في ذلك ومهما تكن هذه الأدلة فإن هناك مصالح في ابقاء هذه القوانين أو الغائها ونعني بالمصالح، المصلحة العامة و هي أهم شيء في تطبيق، بل وإعداد القوانين، لذلك قدم معارضو عقوبة الإعدام، دلائل متعددة حول إلغاء هذه العقوبة، وسنبحث عن ذلك في مطالب عدة، و هي كما يلي: نحن نعرف أن هنالك آثار سيئة تظهر على عائلة المحكوم بالأعدام عند تنفيذ الحكم، وهو تفكك العائلة وفقدان الادارة الجيدة الخاصة بالرجل وصعوبة المعيشة وآثاراً كثيرة الكل يعرفها لأن المرأة مهما تكن لا تصل الى ذهنية وتدبير وقدرة الرجل إلا النوادر، وهذا الشيء موجود في عالمنا، في الوقت الذي لم تكن هذه العائلة مذنبة في عقوبتها هذه، هذا حسب ما يعتقده المعارضون لهذه العقوبة. 

أما في الوقت الحاضر وحسب ما تذكره تقارير منظمة العفو الدولية وحقوق الإنسان فإن هناك ارتفاعا كبيرا في عدد الدول اللاغية لهذه العقوبة، حيث بلغت أكثر من 108 دولة واحتفظت 83 دولة بهذه العقوبة، في الوقت الذي احتفظت 103 دولة بالعقوبات حتى للجرائم العادية ([14]). 

وجدير بالذكر فإن عملية إلغاء عقوبة الإعدام في هذه الدول كانت على مراحل، ففي بعض الدول قامت بإلغائها دفعة واحدة و بدون مراحل، و الأخرى ألغتها على مرحلتين، حيث كانت المرحلة الاولى للجرائم العادية، و الثانية، لكل الجرائم ومن ضمنها جرائم الحرب والجرائم الخاصة الشديدة.

مع العلم أن المرحلة الثانية كانت تأخذ زمناً طويلاً لتطبيقها بشكل نهائي، وعلى سبيل المثال، فإن دولة مثل ألمانيا ألغتها خلال مدة 18 سنة من إقرارها، والدنمارك 4 سنوات، فنلندا 23 سنة، هولندا 112 سنة، نيوزيلندا 28 سنة، النرويج 74 سنة، البرتغال 110 سنة والسويد 51 سنة، بمعنى إن هذه المدة كانت بعد صدور إلغاء هذه العقوبة، أي في القرن التاسع عشر. 

وتشير وثائق و مستندات هيئة الأمم في هذا المجال أن هنالك ضوابط وضعت خلال هذه المدة لعقوبة الإعدام، و من هذه الضوابط أن عقوبة الإعدام لا يجب العمل بها إلا في الجرائم الشديدة، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة بالنسبة للحوامل والأطفال والمجانين، كما ذكرنا في البحث انفاً، وأن تترك فترة زمنية لا بأس بها لتنفيذ هذه العقوبة ليتسنى للمحكوم إثبات العكس إن استطاع من أدلته، و ما نريد ذكره و خاتمته أن الدول انقسمت إلى قسمين في هذا المجال، فقسم منها ألغت هذه العقوبة بأدلتها، والقسم الآخر أبقى هذه العقوبة كذلك بأدلتها سواء كانت هذه الأدلة مذهبية أو قانونية أو فلسفية أو عقائدية أو غيرها، وكما نعرف جيداً فإن الدول الاسلامية احتفظت بهذه العقوبة امتثالاً لحكم القرآن وما يراه علماء الشرع في ذلك، وكما ذكرنا في بحثنا أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر بإعدام الشخص إذا أجرم جرماً، وإنما قسمّ ذلك الى ثلاث أقسام وهي: القصاص ـ الدية ـ العفو، و يبقى عندنا سؤال وهو هل إلغاء عقوبة الإعدام عمل صحيح أم لا، الجواب يتبع تحاليل وآراء وأدلة مؤيدي ومعارضي هذه العقوبة، وقد ذكرناها ولو بشكل مختصر في بحثنا هذا، مع الاحتفاظ بأدلة كل مجموعة منهم في هذه العقوبة.

لكن كيف ينظر الأمازيغ الى عقوبة الاعدام؟ لقد اتفق جل الباحثين الأمازيغ على كون المجتمع الأمازيغي القديم لم يعترف أبدا بعقوبة الإعدام هذه. 

فالأمازيغي قديما عندما يرتكب خطأ ما، أو ارتكب جريمة قتل كانت القبيلة والعرف، أزرف، السائد آنذاك يفرض على الذي ارتكب هذه الجريمة أن يطرد من القبيلة التي يعيش فيها لمدة طويلة، وأقصد هنا ..النفي..وتعود أملاكه إلى أهل الهالك..

المراجع
المراجـــــع
أولا: القوانين:
أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961 وتعديلاته .
الدستور الأردني لسنة 1952 وتعديلاته .
قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته .
قانون العقوبات العسكري رقم 30 لسنة 2002 .
قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 11 لسنة 1988 وتعديلاته .
ثانيا: الكتب:
أحمد بن حجر الهيثمي ، الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار المعرفة، بيروت، 1980 .
احمد فتحي بهنسي ، القصاص في الفقه الإسلامي .
درر الحكـام في شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو، طبعة محمد رجائي ، 1268هـ .
الدكتور أحمد سمهور، الوسيط في العقوبات العام، القسم الخاص، دار الثقافة، 1999.
الدكتور جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية، ج5، دار المؤلفات القانونية، بيروت، 1942.
الدكتور سامية حسن الساعاتي، الجريمة والعقوبة في الشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، 1986.
الدكتور عبد الرحيم صدقي، الإرهاب السياسي والقانون الجنائي، دار الثقافة العربية القاهرة، 1985م .
الدكتور عبد الوهاب حومد، دراسات معمقة في الفقة الجنائي المقارن، المطبعة الجديدة، دمشق، ط2، 1987.
الدكتور عبد الوهاب حومد، علم الاجرام وتنفيذ العقابي، المطبعة الجديدة، دمشق، 2000.
الدكتور علي محمد جعفر، داء الجريمة سياسة الوقاية والعلاج، ط1، مؤسسة المجد للدراسات والنشر، 2003.
الدكتور كامل السعيد، شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات دراسة مقارنة، المركز العربي للخدمات الطلابية، 1998.

التعليقات مغلقة.