بمناسبة تكريم ماجدولين الإدريسي في الدورة 13 لمهرجان فيلم المرأة بسلا…ماجدولين الضحكة السينمائية المجلجلة ..
عبد الاله الجوهري
لا يمكنك أن تلج عالم السينما المغربية اليوم، أو تتصفح كتاب الإبداع السينمائي الوطني، خاصة منه النسائي، دون أن تجد إسم ماجدولين الإدريسي، مذكورا في المقدمة، مصاغا بماء الفخر والإعتزاز، بإعتبارها سيدة الحضور الوازن، والبهاء الفني المشع، والضحكة السينمائية المجلجلة، والعطاء المتفرد في سماء العطاءات الإبداعية.
ماجدولين الإدريسي، ممثلة مختلفة عن باقي زميلاتها العديدات والجميلات فنيا وإنسانيا، مختلفة من حيث، أنها مبدعة لا تمتلك موهبة التمثيل وكفى، ولكن تمتلك أكثر وأهم من ذلك، تمتلك الأهم والأصدق في الحياة، تمتلك الجرأة التي يخاف منها الكثير من الفنانين، تمتلك العلاقات الإنسانية الرقيقة الغارقة في مفاهيم البهجة والانتصار للناس العاديين، تمتلك القلب الإنساني الكبير المفتوح على العطاء والتضحية والتواضع اللانهائي، تمتلك نكران الذات ونسيان حياة المبدع الصعبة، المحاطة بنار النشوة والإنتصار للنفس المزهوة بتصفيقات الجمهور، ومديح النقد ونفاق (بعض ) الزملاء وألوان التألق والشهرة الضاجة الحارقة…
ماجدولين فنانة متمردة على الأعراف والتقاليد المرعية، فنانة اختارت رغم الحواجز والصعاب ورفض العائلة، طريق الخلق والشوك والمعاناة، وهي تلج عالم التمثيل والفن السينمائي بالمغرب و العالم العربي، عالم لا يعترف بالمرأة الفنانة الممثلة، ولا بقدراتها ومواهبها الإبداعية، عالم لا يقبل اختياراتها وحياتها وعلاقاتها المفتوحة إلا على مضض ، لا يقبل نجاحاتها أو امتلاك أسطورتها الخاصة بها.
ماجدولين إمرأة حرة متمردة ، إختارت منذ البدء ، أن تكون دائما في المقدمة، على الرغم من كل الحفر والمطبات، اختارت الحياة المنفتحة على الفرحة والسعادة الدائمة، صونا لصوت الخلق الحق، وتكريسا لمفاهيم الحضور الآسر، ودعما للنجاحات والعطاءات المتفردة.
عادت ذات عام من كندا، حاملة رسائل البوح الحق الوازن، مفضلة الغوص في لجة المعاناة اليومية ومواجهة نارالشهرة الحارقة، وهي تقدم الأدوار المتتالية، أدوار جعلتها في ظرف جد قصير، ممثلة وازنة ومعادلة صعبة يصعب تجاهلها، بل معادلة، يسعى العديد من المخرجين، لفك شفرتها والحد من جموحها النافر الهارب من القبح والخلق الباهت، والعمل على تطويعها بشتى الطرق (إدخال العلاقات و الصداقات والضغط على عاطفتها اللينة الحنونة)، لتأدية أدوار في أفلام قد لا تقتنع بها، لكنها تبصمها ببصمتها الخاصة الإستثنائية، وتقديم شخصيات صعبة مركبة، شخصيات وأدوار إختلفت حسب القوة والأهمية، في مجموع الأفلام السينمائية التي شاركت فيها، ” الباندية ” لسعيد الناصري و”نانسي والوحش” و”إكس شمكار” لمحمود فريطس و”السمفونية المغربية ” لكمال كمال و”البراق” و”جوق العميين” لمحمد مفتكر و” يوم و ليلة ” لنوفل البراوي و”في بلاد العجائب” لجيهان بحار …، وغيرها كثير من الأفلام السينمائية العالمية، والمسلسلات والمسلسلات والأشرطة التلفزية..
ماجدولين أو نجمة الأدوار المغربية اللامنسية، هي الفتاة البريئة المتلاعب بها، وهي القروية الهاربة من أجل حبيب جار عليه الزمان، بل هي”المومس” الرؤوف بالصحبة والخلان، والمجنونة التي أوصلها بؤس الأب لفضاء العته والنسيان، وهي الراقصة السارقة للحظات الفرح المشروخة والتقلبات المنزوعة من قلب الذل و البهتان..، هي كل ذلك وأكثر من ذلك، حسب قدرات كل مخرج، وقبلهم كتاب السيناريو، في رسم ملامح وخلق الشخصية من عنفوان الكلمات المنحوتة من صلب التجارب والواقع .
ماجدولين فنانة حقيقية بكل ما في الكلمة من معنى، لأنها من الممثلات القلائل اللواتي يقمن بأدوارهن الفنية المسنودة لهن، دون استحضار الخلفيات المجتمعية المتخلفة الرافضة للمواقف “الصادمة “، أوالمشاهد الجريئة، التي فتحت ولازالت تفتح العيون المغلقة بإتساع على الخواء الفكري والفني، مشاهد “جريئة “، لكن مبررة في السياق العام للبناء الفيلمي، سياق تقديم واقع مغربي، يخفي رأسه في رمال النفاق المجتمعي القاتل ..
لماجدولين البهاء والعطاء والمواقف ” الرجولية “، للإدريسي الشريفة النقية الناصعة، نقول: دامت لنا ملامحك الطفولية، ونبرة صوتك الشجية، وضحكتك الفاتنة القوية، وعطاءاتك الفنية اللامتناهية..
كل تكريم وماجدولين، ومعها كل الفنانات المغربيات الأصيلات، بألف ألف خير..
التعليقات مغلقة.