تأخر تعيين مدير أكاديمية سوس ماسة يُثير الجدل ويكشف عن صراع النفوذ السياسي وتأثيراته على قطاع التعليم
جريدة أصوات
أصوات من الرباط
شهدت جهة سوس ماسة، إحدى أبرز المناطق التعليمية في المغرب، تأخيرًا غير مسبوق في قرار تعيين مدير جديد للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، حيث مرّ أكثر من ثلاثة أشهر على إغلاق باب الترشيحات دون الإعلان عن اسم المختار. هذا التأخير، الذي ألقى بتساؤلات متعددة على الساحة التربوية والإدارية، يعكس أبعادًا أعمق تتعلق بالصراعات السياسية داخل الأغلبية الحكومية، خاصة بين حزبي الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار، وما قد يترتب على ذلك من تهديد لاستقرار القطاع التعليمي في المنطقة.
ففي ظل غموض تام بشأن أسباب هذا التأخير، تشير مصادر مطلعة إلى أن الأمر مرتبط بتنافس غير معلن بين مكونين رئيسيين داخل الحكومة، حيث يُعتقد أن التنافس يتركز بين مرشحين اثنين: الأول، يشغل منصب مدير إقليمي في الجهة ويُعد من المقربين من حزب الأحرار، فيما الثاني هو رئيس قسم بالأكاديمية ويُحظى بدعم وازن من حزب الاستقلال. هذا التنافس، الذي يبدو أنه تجاوز المعايير المهنية وأصبح متعلقًا بنزاعات حزبية، يؤكد وقوع صراع على توزيع المناصب داخل قطاع التعليم، وهو ما يهدد بالتأثير سلبًا على سير العمل وعلى نوعية التسيير والتدبير داخل المنطقة.
وتُظهر التحليلات أن هذا القتال السياسي يُعبر عن خلافات أعمق تتعلق بالتوازنات داخل الحكومة وبتوزيع النفوذ بين الأحزاب، حيث يسعى كل طرف لتزكية مرشحه كجزء من معركة السيطرة على قطاعات حيوية. في المقابل، تحاول وزارة التربية الوطنية والعليميين إدارة هذا النزاع بحذر، سعياً للحفاظ على مبدأ التوازن الحزبي دون الإضرار بكفاءة وتوجيهات القطاع، إلا أن ذلك لا يمنع من تأثيراته السلبية على الأداء الإداري، خاصة في فترة حاسمة تتطلب استقرارًا وجودة عالية في التسيير استعدادًا للموسم الدراسي الجديد.
وفي سياق ذلك، يُعبر المهتمون عن قلقهم من أن يعرقل النزاع السياسي مسيرة المنطقة وتطور قطاع التعليم، حيث يُنتظر أن يُساهم المدير الجديد في تحسين جودة التعليم وتحقيق الأهداف التربوية، إلا أن استمرار التردد والتشابك السياسي قد ينعكس سلبًا على صورة المؤسسة التعليمية، ويُربك تنظيم العمليات التربوية والإدارية في ظل ضغط زمني كبير.
وفي ظل التأثيرات المحتملة لهذا الصراع، يثار التساؤل حول مدى قدرة الوزير الوصي على فرض منطق الاستحقاق والكفاءة بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة، خاصة مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية التي تُزيد من حساسية المرحلة وتزيد من ضغوط التوازنات الحزبية على مستوى كل قرار إداري. فهل ستنجح الوزارة في تخطي هذه العقبة، وإعطاء الأولوية للمصلحة الكلية، أم أن التوازنات السياسية ستظل تتحكم في مستقبل القطاع داخل جهة سوس ماسة على حساب جودة التعليم وزرع الثقة في المؤسسات التعليمية.
التعليقات مغلقة.