تحافظ الأسر التازية خلال احتفالاتها بليلة القدر المباركة على عادة الاحتفاء بالأطفال الصغار، خاصة الفتيات منهم، من خلال طقوس وتقاليد تحافظ على الهوية الأصيلة للموروث الثقافي التازي.
وتزداد خلال العشر الأواخر من كل رمضان، وبالأخص خلال ليلة القدر وتيرة الاحتفالات بالبراعم الصغار الذين يستعدون للصيام لأول مرة، والمواظبة على العبادات وصلاة التراويح، تأسيا بالكبار الذين تمرسوا وتعودوا على الصيام.
وترتدي مدينة تازة خلال الأيام التي تسبق ليلة القدر، وعيد الفطر، رداء الاحتفاء بالحناء وما يرافقها من أعراف وتقاليد تتزين فيها الفتيات الصغيرات، اللواتي يرتدين الملابس التقليدية كالقفطان والجلباب والحذاء التقليدي “الشربيل”، ويخضن أيديهن بأشكال مختلفة من رسوم الحناء.
بعد إعداد الفتيات بالزينة وصباغة أوجههن، وانتهاء بالنقاشة (وهي امرأة تعمل على تزيين الصغيرات برسوم الحناء)، تأتي فقرة الجلوس على “البرزة” وركوب “العمارية”، وهي إحدى الفقرات التي يقابلنها هؤلاء العروسات الصغيرات بفرحة وابتسامة عريضة.
تعمل الأسر من خلالها على التقاط صور لبناتهن، وهن بكمال زينتهن وبهجتهن تخليدا لهذه الذكرى السنوية على إيقاع الموسيقى التراثية والشعبية، وتوزيع الحلويات على الفتيات والأطفال.
إلى جوار هذه الأسر والعائلات، نجد مجموعة من المؤسسات التي أصبحت تنخرط بهذا التقليد، وتحاول من خلاله إدخال البهجة والسرور على مرتفقيها ونزلائها وتلامذتها.
فبحفل بهيج، نظمت جمعية “التضامن للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة” بتازة، بشراكة مع مندوبية التعاون وجمعية “دار السماع” بتازة، حفلا دينيا احتفاء بليلة القدر المباركة، تخللته استفادة مجموعة من الفتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة من أبناء الجمعية من نقش على الحناء والجلوس على البرزة والصعود بالعمارية، وهو الحفل الذي تجاوب معه هؤلاء الأطفال بفرح وسرور وهم بكامل أناقتهم بالزي المغربي الأصيل.
وفي هذا الإطار، قال رئيس الجمعية، عبد اللطيف النجار، في تصريح لجريدة “أصوات”، إن هذا الحفل، الذي أقيم احتفالا بليلة القدر، يندرج في إطار أنشطة الجمعية المتنوعة الذي دأبنا على تنظيمه كل رمضان، للحفاظ على التقاليد والأعراف التي تميز المدينة، وكذلك لإدخال الفرحة على أبناء الجمعية، مشيرا إلى ان الحفل يأتي بشراكة مع مندوبية التعاون الوطني وجمعية دار السماع بتازة.
وبتنسيق بين المجلس العلمي المحلي بتازة، والمندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية، نظم بمسجد أنس بن مالك بتازة، حفل حناء لفائدة تلميذات القرآن بالمسجد، وقد تخلل تزيين أيدي الصغيرات بالحناء مجموعة من الفقرات المتنوعة، استهلت بقراءة جماعية للقرآن وفقرات إنشادية وتنشيطية، ثم مسابقة دينية، ليختتم الحفل بتوزيع الجوائز على الفائزات والدعاء لعاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
من جهة ثانية، تعمل الأسر التازية على استغلال هذا اليوم الذي يسبق ليلة القدر (26 رمضان)، لصيام صغارها لأول مرة (هناك من الصغار من يصوم اليوم كاملا، ومنهم من يكتفي بنصف اليوم أو على غاية وقت العصر)، حيث أن المهم هو تدريب الصغار على الصيام، وذلك من خلال طقوس وعادات خاصة بهذا الصيام وتكريما لهؤلاء الصغار.
وفي هذا الإطار صرح “فؤاد بن علال لغمام”، أن صوم الصبي او الصبية لأول مرة في رمضان، والذي يتزامن غالبا مع احتفالات ليلة القدر، يحظى بطقوس خاصة تراعي التقاليد والأعراف المتوارثة، وهو يوم يكون بمثابة فرح لكل العائلة التي تجتمع على مائدة الإفطار ابتهاجا بهذا الحدث (خصوصا إذا كان الصائم أنثى)، وإلباسه الزي التقليدي “جابدور او الجلابة والبلغة” بالنسبة للولد، اما بالنسبة للفتاة، فيتم إلباسها كالعروس ووضع الحناء على يدها بطقوس تميز الأسر التازية.
بمناسبة الاحتفال بليلة القدر بمدينة تازة، تنتعش مجموعة من المهن، كمهنة “النكافة ” التي تلبس الصغار وتعمل على تزيينهن، والنقاشة، وتجارة الأزياء التقليدية، كما تنتعش مهن فرق تراثية شعبية (العيساوية، والدقة المراكشية) خصوصا في أوساط الشباب. كما تنشط مهنة مصوري الأفراح والأعراس.
التعليقات مغلقة.