أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

تازة: روح “أحمد قريفلة” شيخ التشكيليين العصاميين المغاربة في حفل تأبين خاص

عبد السلام انويكًة 

بحركة فنية تشكيلية كانت تازة منذ استقلال البلاد إن لم نقل قبل ذلك بسنوات، وضمن هذه الحركة ما كان بطابع عصامي فطري لبعض علاماتها، ومن ثمة ما كانت عليه المدينة من تدفق وعطاء وإيقاع وملتقيات وتجارب، بلغت ما بلغت من صدى وتميز وتنوير وإغناء واضافة وتحف وحس تعبير، فضلا عن تلاقح وهيبة إبداع بلغ ذروته وتألقه خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ما ظلت بصماته قائمة مؤثثة لمشهد تازة الثقافي إلى عهد قريب.

 

 

ضمن هذا وذاك من الذاكرة المحلية الفنية التشكيلية التي كانت بما كانت عليه من وقع إبداعي، ليس فقط داخل البلاد وإنما أيضا في علاقته بما هو وطني وعربي ودولي من خلال عدد من التجارب والأسماء.

 

 

تازة إقامة حفل تأبين الفنان التشكيلي أحمد قريفلة
تازة إقامة حفل تأبين الفنان التشكيلي أحمد قريفلة

ويسجل أنه بقدر ما كانت تازة وعاء فنيا تشكيليا متميزا ببصمات عدة، بقدر ما تقاسمتها تجربة تعبيرية بصرية مؤسسة ارتبطت بفنان تشكيلي عصامي”أحمد قريفلة” رحمه الله، شيخ واقعية تازة وواقعية المغرب وقيدومها، وقد أتحفت تجربته بما أتحفت وأغنت بما أغنت وأثارت ما أثارت لعقود من الزمن.

أحمد قريفلة هذا الذي جعلته رمزية كتلة ودوائره وألوانه وخربشاته الواقعية ومن ثمة لوحاته، سفيرا فنيا برمزية انسانية كونية، وجعلت تازة من خلاله بحضور معبر ومكانة وأثر وذكر وتقدير هنا وهناك من مواعيد وملتقيات ومعارض داخل البلاد وخارجها.

وكانت جمعية نادي المسرح والسينما بتازة بحضن خاص لشخص الفنان أحمد قريفلة وتجربته، وتثمينا لورشه وذاكرته ومساره وكذا من جمع وتوليف لعرشه التعبيري الإبداعي، عبر ما كان من إنصات لعصاميته وعمره الفني والتفات لأسرار كيانه التعبيري هنا وهنا بين أمكنة وأزمنة وطبيعة بدايات، من خلال عمل بيوغرافي أدبي غير مسبوق موسوم ب”طائر الوروار”، في بادرة رمزية بدلالات رفيعة كانت بما كانت عليه من قيمة مضافة هامة لخزانة تازة الفنية والمغربية والعربية أيضا.

 

تازة إقامة حفل تأبين الفنان التشكيلي أحمد قريفلة (2)
تازة إقامة حفل تأبين الفنان التشكيلي أحمد قريفلة (2)

 

هكذا عبر هذا الاسم التشكيلي رحمه الله، بقدر ما يمكن تلمسه في خريطة تجارب المدينة من قيمة مضافة لفائدة مكمن تعبير بصري وتشكيل، هو  بجدل مادة ولون وكثل وأشكال وانفعالات ومعان وتماسات.

بقدر ما يتبين أن تازة كانت حقا مدينة بتجارب وبصمات حركة تشكيل، بل حقلاً خصبا لإسهامات وتجارب وأسماء تعبيرية ريادية كانت بما كانت عليه من مشهد ومشعل وأعمال، وكانت بما كانت عليه من حضور وهيبة ووقع وجدل وقراءات وثناء وإعجاب عبر أروقة عرض هنا وهناك داخل المغرب وخارجه.

وهكذا أسس أعلام الحركة التشكيلية بتازة وفي طليعتهم “أحمد قريفلة”، ما أسسوه من رؤية وثقافة صورة وفضاءات ومواعيد وسمو معارض فنية لعقود من الزمن، وأسهموا بما أسهموا لتقريب المسافات بين تجارب وأسماء من داخل البلاد وخارجها، ورسخوا ما رسخوا من ثقافة جماليات ولغة تعبير فني، فأغنوا ما  أغنوا به البيئة المحلية من أعمال فنية تشكيلية رفيعة المستوى جمعت بين واقعية وسريالية وتجريدية وانطباعية وتكعيبية وعصامية وغيرها.

ولعل ضمن هذا التراث التعبيري الفني الرمزي التشكيلي، يصعب القفز على ما أسهم به الفنان “أحمد قريفلة” شيخ التشكيليين الواقعيين العصاميين المغاربة، والذي انتقل إلى عفو الله تعالى يوم 17 غشت الماضي عن عمر حوالي التسعين سنة.

وقد ارتأت جمعية نادي المسرح والسينما بتازة، تنظيم حفل تأبين خاص بروحه باعتباره ذاكرة فنية محلية أعطت الكثير في صمت، وباعتباره أيضا إرثا ابداعيا انسانيا وبصمة شامخة طبعت سماء الابداع والفن التشكيلي الوطني على امتداد عقود من الزمن.

وتتوزع فقرات حفل تأبين فقيد تازة هذا، يومه الأحد 10 شتنبر الجاري، بقاعة العروض التابعة للمديرية الإقليمية لوزارة الثقافة، على حصة صباحية تؤثثها شهادات شخصيات فكرية وابداعية فنية بحثية في حق الفقيد، مع معرض خاص لبعض لوحاته المؤرخة لمساره ومشواره وعمره التعبيري الجمالي الواقعي، ثم حصة مسائية يتم فيها عرض فيلم عن حياته بعنوان “طائر الوروار” من تأليف وإخراج الأستاذ مداني عدادي.

يذكر أن الفنان الراحل أحمد قريفلة، ولد في مدينة تازة بتاريخ 1936، وهو بمسار فني تعبيري مثالي للوقوف على ما عاشه من تجارب عبر مساره، وقد كان متفاعلا بتساؤلات حول معاني الحياة، محتفلا بمحيطه حاملا دهشة وهيبة خاصة، مستحضرا عمره وذاكرته بتازة عبر تقدمه من مناظر طبيعية، ومشاهد عائلية حيث حقول قمح وأشجار وبساتين…، لعله فنان سريالي أيضا نظرا لما يستخدمه من  ألوان زاهية بشكل مفرط، خصوصا الأحمر والأرجواني والبرتقالي.

وهو يعمل على الظلال والأضواء لإظهار الثنائية بين الواقعية والخيالية.

له نهج خاص إبداعي في تعقيداته الفنية والسيميائية، وهو بعلاقة خاصة مع محيطه.

ولعل في تجربة الفنان “قريفلة” تتشابك الواقعية والسذاجة من أجل عالم خاص، من خلال استلهام أعماله من الحياة اليومية، لدرجة ما هناك من تشكيل سردي.

يروي من خلال أعماله حياته، وكان قد بدأ رسم لوحات سنة 1946 عندما طلب منه تزيين جدران بيوت هنا وهناك، وقد بدأ عرض أعماله سنة 1946 في مدرسة خاصة، أما معرضه الأول فكان بمدينة الدار البيضاء سنة 1957.

التعليقات مغلقة.