أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

تجويد البيئة التعليمية لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تجسيد فعلي لروح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

" الدار البيضاء "

من أهم المحطات التي تبقى راسخة في أذهان الأطفال، وتشكل نقطة تحول في حياتهم اليومية والاجتماعية والعاطفية، التحاقهم بالمؤسسات التعليمية، إذ أن هذا الحدث يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لكل الأطفال.
فالأمر لا يتعلق بمجرد بداية للتعلم والتكوين، لكنه أيضا مرحلة جديدة في نمو الطفل وتطوره على مستويات مختلفة، لكن ذلك ليس متاحا بالطريقة نفسها لجميع الأطفال وعلى الخصوص ذوي الاحتياجات الخاصة.

في هذا السياق، ومن أجل ضمان دخول دراسي ناجح لكافة التلاميذ، تعمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ إطلاقها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على تسخير كافة إمكانياتها من أجل توفير بيئة تعليمية ذات جودة لفائدة الأطفال، وعلى رأسهم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال توفير الموراد البشرية المؤهلة والوسائل اللوجستيكية الضرورية لتسهيل عملية التعلم على هذه الفئة.

ضمن هذا الإطار، يشكل المركز الذي تحتضنه المدرسة الإبتدائية غاندي الخاص بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بتراب عمالة مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء، مثالا لبنية سوسيو – تربوية منخرطة في محيطها الاجتماعي، وتجسيدا بشكل واقعي وحقيقي لفلسفة وروح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

يضع هذا المركز، الذي يتماشى وروح الورش الملكي المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في صلب أولوياته توفير الخدمات التعليمية لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية وتحديدا تثلث الصبغي 21.

كما تعكس هذه البنية السوسيو – تربوية، التي تشرف عليها الجمعية الوطنية لدمج الأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية “أناييس”، المكانة المتميزة التي تحتلها البرامج والمبادرات الموجهة للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

في هذا الصدد، أكد رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة مقاطعة الحي الحسني يوسف بلعباس، أن المركز الذي تحتضنه المدرسة الابتدائية غاندي يندرج في إطار شراكة بين اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة مقاطعة الحي الحسني، والمديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والمندوبية الإقليمية للتعاون الوطني.

وأوضح السيد بلعباس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المركز حظي بدعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ سنة 2007، حيث تم إنشاء مجموعة من الأقسام لفائدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتحديدا تثلث الصبغي 21 ، مشيرا إلى أنه تم تجهيز هذه القاعات بمعدات من بينها على الخصوص الشاشات التفاعلية التي ساهمت بشكل ناجع في تحسين جودة الخدمات التعليمية وهو ما انعكس إيجابيا على النتائج المحققة.

وتابع السيد بلعباس أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عملت أيضا على توفير نقل مدرسي لتسهيل ولوج الأطفال القاطنين في مختلف المناطق التابعة لتراب عمالة مقاطعة الحي الحسني إلى هذا المركز، إضافة إلى مساهمة المبادرة في بروتوكولات التكفل ودعم الأسر.

من جانبه، أبرز المسؤول التربوي بالجمعية الوطنية لدمج الأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية “أناييس”، حميد بوطويل أن الطاقة الاستيعابية لهذا المركز تبلغ 84 تلميذا، ويتم حاليا التكفل بـ 70 طفل في وضعية إعاقة ذهنية (متلازمة داون)، مشيرا إلى أنه منذ إحداثه تمكن 13 طفلا من الحصول على شهادة الدروس الابتدائية، وهو رقم مهم باعتبار أن الأمر يتعلق بأطفال يعانون من إعاقة ذهنية.

وتابع السيد بوطويل، في تصريح مماثل، أن الدعم الذي تحظى به الجمعية من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ سنة 2007، يتمثل في توفير مجموعة من المعدات والتجهيزات المستخدمة في عملية التعليم والتي ساهمت في تطوير وتحسين جودة الخدمات المقدمة لفائدة الأطفال، لافتا إلى أن المبادرة وفرت سيارة للنقل المدرسي لفائدة التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة ما خفف على الأسر المعنية عناء التنقل.

من جهة أخرى، أشار المسؤول التربوي، إلى أن الجمعية تعمل على ما يطلق عليه ” المشروع الفردي” أو “مشروع الحياة لكل طفل”، وذلك منذ الولادة حتى سن الرشد، حيث تواكب كل هذه المراحل من حياة الأطفال المعنيين من خلال خدمات تربوية و طبية وشبه طبية علاوة على مساعدة الأسر، وذلك بهدف إدماجهم داخل المجتمع.

في سياق متصل، سجلت أخصائية الترويض النفسي الحركي بالجمعية الوطنية لدمج الأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية، ياسمين التراني، أن معظم الأطفال المصابين بمتلازمة (داون) يعانون من تأخر نفسي حركي شامل، وهو ما يستدعي توفير رعاية ومواكبة خاصة لمساعدتهم على تحسين وتطوير مهاراتهم النفسية والحركية، مشيرة إلى أنه يتم تكييف طريقة الاشتغال رفقة الأطفال انطلاقا من درجة الإعاقة التي يعانون منها.

وأكدت السيدة التراني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهدف الرئيسي للعمل الذي تقوم به الجمعية هو تمكين هؤلاء الأطفال من تطوير قدراتهم النفسية الحركية وجعلها أكثر سلاسة، وذلك من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة المخصصة لهذا النوع من الإعاقة.

من جانبها، أوضحت مروضة النطق بالجمعية، سامية مشبر، أن من بين المشاكل التي يعاني منها الأطفال المصابون بمتلازمة (داون) هناك صعوبة التواصل والنطق علاوة على مشكل التلعثم، مبرزة أنه يتم العمل على مساعدتهم على اكتساب المهارات الدراسية عن طريق حصص خاصة بترويض النطق التي تساهم بشكل كبير في التغلب على هذه المشاكل.

وتروم حصص الترويض، تضيف السيدة مشبر، تمكين الأطفال من التواصل بشكل واضح وسلس مع محيطهم، لافتة إلى أنه يتم تكييف هذه الحصص حسب قدرات ودرجة الإعاقة لدى كل حالة بغية اكسابهم مجموعة من المهارات اللغوية و الدراسية.

يشار إلى أن دعم ومساهمة اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لعمالة مقاطعة الحي الحسني، في رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، يشمل 10 مراكز داخل تراب العمالة..

ويبلغ عدد المستفيدين منها 565 شخصا سنويا، بالإضافة إلى دعم 5 مراكز خارج تراب العمالة يبلغ عدد المستفيدين منها 319 سنويا، بإجمالي 884 مستفيدا.

كما تم في الإطار ذاته، اقتناء 9 حافلات للنقل المدرسي بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة 9 مراكز تسهر على تقديم خدمات لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تهم الإعاقة الحركية والدماغية، ومتلازمة داون، والتوحد، والتخلف العقلي، والصم والبكم.

التعليقات مغلقة.