“تحديات شرب القهوة في سلا: من المتنفس الشعبي إلى عبء اقتصادي”
بقلم: الأستاذ محمد عيدني
أصوات من الرباط
في ظل تزايد الأعباء الاقتصادية، يصبح احتساء فنجان القهوة في مدينة سلا أكثر من مجرد عادة يومية، حيث يتحول إلى تحدٍ يعكس حال الاقتصاد والسياق الاجتماعي الراهن. فبينما كانت القهوة رمزًا للراحة والتواصل، بدأ العديد من السكان يعانون من ارتفاع أسعارها بشكل ملحوظ، مما يجعلها من الرفاهيات التي يصعب على الكثيرين تحقيقها.
شهدت أسعار فنجان القهوة في المقاهي المحلية ارتفاعات غير مسبوقة، إذ تصل أحيانًا إلى 12 درهمًا أو أكثر، وهو ما يُعكس محاولة أصحاب المقاهي تعويض ارتفاع التكاليف التشغيلية، دون مراعاة وضعية المواطنين البسيطين. هذا الارتفاع يضعف من قدرة الكثيرين على الاستمتاع بالمقهى كمكان للتواصل والاستجمام، ويحوله إلى عبء مالي يتزايد مع كل زيارة.
لا يقتصر الأمر على الأسعـار فحسب، بل يرتبط أيضًا بظاهرة هروب العاملين المهنيين من القطاع، حيث يبحث الكثير منهم عن وظائف أفضل، مما يهدد بجودة الخدمة وتقليل فرص العمل في المقهى المحلية، وهو ما يعكس حالة تدهور السوق بشكل أوسع.
وفي الوقت الذي تظل فيه القهوة جزءًا لا يتجزأ من حياة السلاويين، يتفاقم التباين بين قدرة المواطن على الشراء ومتطلبات السوق، ما يشكل ضغطًا اجتماعيًا واقتصاديًا على الأسر. لذلك، فإن التدخل الحكومي والجهود التنسيقية بين جميع الأطراف، من أصحاب المقاهي والسلطات المحلية، تعتبر ضرورية لإعادة ترتيب السوق وضمان استدامة القطاع دون الإضرار بالمواطن.
ختامًا، من المهم أن يُعاد النظر في مكانة القهوة كلغة تواصل وتراث ثقافي، بدلًا من أن تتحول إلى عبء معنوي ومالي يثقل كاهل السكان، مع ضرورة العمل على إعادة التوازن بين العرض والطلب، كي تظل القهوة رمزًا للود والانتماء الاجتماعي في سلا.
التعليقات مغلقة.