تسجيل تدني في الرقم الاستدلالي لترتيب المغرب في مجال التنمية البشرية وتعري شعارات بيع الوهم للمغاربة
جريدة أصوات
سجل مؤشر تصنيف المغرب ضمن التصنيف العالمي في مجال التنمية البشرية تراجعا بعد أن ارتد مركزا واحدا عن آخر تصنيف مسجل، إذ احتل المغرب المرتبة 123 وفق التقرير الأخير للتنمية البشرية، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة، بعد أن كان يحتل المركز 122 خلال السنة الماضية.
ترتيب لا يعكس الهالة الإعلامية التي تسوق حول مجهودات الدولة في هذا المجال، إذ ووفق التصنيف الجديد يكون المغرب قد تذيل ترتيب قائمة الدول في مجموع البحر الأبيض المتوسط، سواء دول شمال افريقيا أو أوروبا.
سؤال يفرض نفسه حول هذا التراجع في مؤشرات التنمية البشرية، وعن المسؤولية وراء هذا التدني الخطير؟ وما يصاحب كل ذلك من بهرجة إعلامية لا تقدم إلا الجمل الإنشائية التي لا تعكس واقع حال “دار لقمان” التي بقيت على حالها، بل أسوأ من الحالة التي كانت عليها.
علما أن تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية في العالم هو بمثابة مقياس لنجاعة أو فشل المخططات المنتهجة في هذا الباب في كل دول العالم، بالمفهوم الشامل للتنمية البشرية، سواء على مسوى خط التقدم المسجل، أو الانعكاسات على مستوى سوق الشغل والخدمات الأساسية.
ما نواجه به في واقع حالنا المغربي الاستثنائي هو قوة التصريحات التي يقدف بها في كل الاتجاهات، والحديث عن الإنجازات وعن النجاعة والفعالية، وعن التدخلات المؤسساتية وتحقيق أرقام فلكية في باب التنمية البشرية حكوميا، لكن كل هاته البهرجات سرعان ما تتبخر وتتعرى مع التقارير الصادرة عن المؤسسات المختصة عالميا في هذا الباب، بل أن الغريب في الأمر هو تديل المغرب الترتيب حتى بالنسبة لدول شمال إفريقيا، وهو ما يعني أن الدولة تبيع الوهم للمواطنين، أمام واقع رسوبها في امتحان التنمية في تسيير أمور الوطن والمواطنين في مدرسة التقرير الأممي المختص بالمجال.
المراجعة للحضور المغربي وفق تصنيف الأمم المتحدة في مجال التنمية ومنذ ما يقارب العَقدين، أنها لم تراوح مكانها وبقيت حبيسة نفس التصنيف أي العشرين بعد المائة، وتحديدا ما بين 121 و126 وفق التصنيف الدولي، وهو ما يؤكد خواء كل الادعاءات حول وجود استراتيجيات ناجعة لخلخلة الراكد في مجال التنمية، والذي يرقبه المواطن العادي من جهة اتساع رقعة البطالة وازدياد حدة التفاوتات الطبقية والفقر والارتفاعات في الأسعار وخضوع القوانين الصادرة لفائدة حماية الاستغلال والفساد والمضاربات على حساب التنمية والرفاه والعدالة المجالية والاجتماعية، وضمور مستوى الخدمات الصحية والتعليمية…. وهو ما يعمق واقع الأزمة، ويجعل المواطن حبيس واقع معاش وشعارات حكومية تتغنى بالإنجازات “الدانكيشوطية”، ما يوضح سواد الحال أن دولا وإلى أمد قريب كانت في مستوى ترتيب المغرب إلا أنها حققت قفزات جد هامة في مجال التنمية وتركت حكومتنا الموقرة تبيع الشعارات والمجسمات في سوق معاناة المواطن المغربي.
ولنلق نظرة بسيطة فقط فإسبانيا تتجاوز المغرب في مجال التنمية ب 14 مرة سواء على مستوى الدخل الفردي، أو الدخل الوطني العام للبلاد، بعد أن كان الفارق لا يتعدى 3 مرة خلال فترة فترة الستينات.
ويكفي أن نعقد مقارنة بمركز المغرب مع باقي ضفتي المتوسط لنرى عمق الهوة في الواقع قبل التصنيف، فالجزائر مثلا أثت في المركز 91 عالميا، أي أنها تتجاوز المغرب ب31 مركزا، فيما تتقدم إسبانيا على المغرب ب 20 مركزا، والرتبة 102.
كل هاته الحقائق تتفجر على الرغم من الجهود العليا التي أطلقها جلالة الملك “محمد السادس” مند توليه العرش، والمتمثلة في مشروع “برنامج التنمية البشرية”، إلا أن النتائج آلت إلى فشل ذريع، ليبقى السؤال المركزي المطروح، عن مسببات هذا الفشل؟ وعن المسؤولين عن ضياع الملايين التي صرفت من أجل هذا المشروع الفاشل؟ وعن المعيقات التي تعوق التقدم في سلم المراكز؟ وتحديد عمق هاته المسؤوليات؟ ومحاسبة المقصرين في باب رفع اسم المغرب عالميا على مستوى المؤشر العام للتنمية الذي لا يشرف الحضور المغربي الرائد إفريقيا، المتأخر على مستوى مؤشرات التنمية، وهو ما يعني فقدان الثقة في النجاعة الداخلية التدبيرية في مجال الاستثمارات، وأثر كل ذلك على مستوى الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
التعليقات مغلقة.