تلاعب رؤساء الجماعات بريع الرخص يثير جدلاً قضائيًا
جريدة أصوات
في إطار حملة رقابية وقضائية مكثفة، تكشف المحاكم الإدارية عن العديد من الخروقات والتلاعبات التي ترتكبها بعض رؤساء الجماعات المحلية، خاصة فيما يتعلق بمنح رخصة البناء واستغلال الأراضي بشكل غير قانوني. تأتي هذه الأحكام في سياق متصل بجهود القضاء لمحاربة الفساد والتمييز في إدارة الموارد العامة، حيث أصدرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، مؤخراً، قرارات قضائية حاسمة تُدين فيها الجهات الجماعية التي منحت رخص بناء على طلبات غير قانونية أو خارج نطاق الاختصاص الممنوح لها قانونياً.
وتشير التقارير القضائية إلى أن بعض رؤساء الجماعات استغلوا نفوذهم لمراكمة أرباح غير مشروعة عبر إصدار تراخيص بناء على طلبات غير مستوفية للشروط القانونية، أو بهدف التربح على حساب المصلحة العامة، وهو ما أدى إلى إصدار قرارات عكسية من السلطات الإقليمية المختصة باسترجاع الأراضي والتصدي لمخالفات التعمير. كما أظهرت الأحكام عدم شرعية القرارات التي منحت على أراضي فلاحية، والتي تم غلق باب الطعن فيها من طرف السلطات المختصة، الأمر الذي يعكس عمق الأزمة القانونية والإدارية التي تعرفها بعض الجماعات، وتوجيه صفعة للسياسات التقليدية المعتمدة في التعامل مع ملفات التعمير والترقية العقارية.
وتؤكد مصادر قضائية وقانونية أن هذه الأحكام تمثل خطوة مهمة في سياق إعادة الهيبة للسلطة القضائية وضمان احترام القانون من طرف كافة الجهات، سواء كانت جماعات محلية أو مفسدين يسعون لاستغلال النفوذ لتحقيق أرباح غير مشروعة، مع وضع حدود صارمة لممارسات التلاعب بالرخص واستغلال الأراضي. كما أدانت الأحكام بعض رؤساء الجماعات الذين تجاوزوا صلاحياتهم بحجة تسهيل الإجراءات، إلا أن القضاء أكد أن مثل هذه الأفعال تخالف روح القانون وتعمل على زعزعة استقرار التخطيط العمراني والتنمية المستدامة.
وفي ظل التطورات الأخيرة، يتوجب على السلطات المعنية تعزيز الشفافية والرقابة على عمليات منح التراخيص، وتفعيل آليات المساءلة لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات التي تضر بالمصلحة العامة. كما تؤكد الحاجة لمراجعة الآليات القانونية لضمان رقابة أدق؛ لمنع استغلال النفوذ أو التهاون في تطبيق القوانين، بما يفضي إلى حماية الأراضي وترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة في الإدارة الجماعية.
وفي النهاية، تعتبر هذه الأحكام بمثابة رسالة واضحة بأن القضاء يقف سداً منيعاً في وجه أي محاولة للاختلاس أو التلاعب بمصالح البلاد، وأن المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وأنه من الضروري العمل على إصلاح المنظومة القانونية لضمان حماية حقوق المواطنين وتحقيق التنمية المستدامة في كل ربوع الوطن
التعليقات مغلقة.