احتضن جناح النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بتنغير، الخميس، الدورة الثالثة للجنة المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وذلك في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز حماية هذه الفئات الهشة، تحت شعار: “جميعًا من أجل محاربة تسول وتشغيل الأطفال”.
ترأس أشغال هذه الدورة الأستاذ إبراهيم عنترة، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتنغير، بحضور ممثلي المصالح الأمنية والمصالح الخارجية وفعاليات المجتمع المدني، الذين يشكلون الأعضاء الأساسيين للجنة. وتميزت الجلسة بنقاشات مستفيضة حول ظاهرة تسول وتشغيل الأطفال، التي تعد إحدى الإشكاليات الاجتماعية الكبرى التي تتطلب تضافر الجهود من مختلف الأطراف المعنية.
افتتح إبراهيم عنترة الجلسة بكلمة أكد فيها الأهمية القصوى التي توليها النيابة العامة لحماية النساء والأطفال من كافة أشكال العنف والاستغلال، مشددا على ضرورة العمل المشترك بين جميع الفاعلين لمحاربة هذه الظواهر التي تمس بحقوق الطفل وتعيق تطور المجتمع، مشيرا إلى أن تسول الأطفال واستغلالهم في سوق العمل يمثلان انتهاكا صارخا لكرامتهم وحقوقهم الأساسية، وهو ما يستدعي تدخلا حازما من جميع الجهات.
وأكد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتنغير، خلال أشغال هذه الدورة، ضرورة العمل الجماعي لمحاربة ظاهرتي تسول وتشغيل الأطفال، مستحضرا مجموعة من النقاط الهامة التي تعكس إرادة النيابة العامة في تعزيز الجهود القانونية لحماية الطفولة.
وأشار إلى التوجيهات الملكية التي تؤكد أهمية النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها، ومبادرة الرباط “مدينة بدون أطفال في الشارع”، وخطة العمل لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول، مؤكدا أن هذه الخطة لم تقتصر على مدينة الرباط بل تم توسيعها لتشمل مدنا أخرى مثل مراكش، مكناس، فاس وطنجة، محققة نتائج إيجابية في محاربة تسول الأطفال.
وفيما يخص تشغيل الأطفال، أوضح عنترة أن هذه الظاهرة لا تقل خطورة عن التسول، مبرزا أن إحصائيات من المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى تراجع في عدد الأطفال العاملين، لكن الظاهرة ما زالت مستمرة، خصوصا في المناطق الهشة، وأكد أن القضاء عليها يتطلب تعاونا مشتركا بين السلطات القضائية، والحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني.
وفي سياق التشريعات القانونية، ذكر إبراهيم عنترة أن القانون المغربي يجرم التسول وتشغيل الأطفال ويعاقب على ذلك بعقوبات رادعة، داعيا بالمناسبة إلى تفعيل هذه التشريعات من خلال حملات أمنية مشددة لضبط المخالفين، موردا أن المكان الطبيعي للأطفال هو المؤسسات التعليمية والأسرة.
وفي ختام كلمته، دعا وكيل الملك جميع الحاضرين إلى التعاون والتبليغ عن أي حالة تتعلق باستغلال الأطفال في التسول أو تشغيلهم، لافتا إلى أن حماية الطفولة مسؤولية مشتركة تتطلب جهودا متواصلة من كافة الأطراف لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وقد شهدت الجلسة مشاركة فعالة من رؤساء المصالح الأمنية، الذين أكدوا على دورهم المحوري في رصد هذه الظواهر ومعالجتها وفق المقتضيات القانونية المعمول بها، كما أبرز ممثلو المصالح الخارجية وفعاليات المجتمع المدني أهمية التوعية والتحسيس بضرورة توفير الحماية للأطفال من الاستغلال، مع التركيز على تعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات لخلق بيئة آمنة للأطفال تضمن لهم حقوقهم في التعليم والحياة الكريمة.
وخلال المناقشات، تم التطرق إلى محاور رئيسية عدة، من بينها آليات التنسيق بين مختلف الفاعلين لمواجهة الظواهر الاجتماعية السلبية، والسبل الكفيلة بتفعيل القوانين المتعلقة بحماية الأطفال، وكذلك أهمية وضع برامج تربوية واجتماعية بديلة للأطفال المتضررين.
وتعد هذه الدورة التي نظمتها النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بتنغير، خطوة إضافية نحو تعزيز جهود محاربة العنف ضد النساء والأطفال، في إطار التزام النيابة العامة والمجتمع المدني بتوفير حماية شاملة لهذه الفئات، وضمان حقوقهم الأساسية في العيش الكريم بعيدًا عن أي شكل من أشكال الاستغلال.
وتم خلال هذه الدورة تسليط الضوء على موضوع “تشريع الشغل في مجال محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال”، من طرف ممثل الإدارة الجهوية للتشغيل والشؤون الاجتماعية بورزازات، وموضوع “الحماية القانونية للطفل من التشغيل القسري .. استخدام الأطفال في التسول نموذجا” من تقديم النائب الأول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتنغير، عبد الغاني مستور
التعليقات مغلقة.