تعالت في الآونة الأخيرة دعوات الحرب، وطبول القتل في “تندوف” كما عبر عن ذلك كابرانات الجزائر، الذين يتوعدون استقرار المغرب وأمن وسلامة كل الشعب المغربي، وأولهم ساكنة الصحراء المغربية المواجهة لجبهات الحقد والأطماع التوسعية، في ضرب لقرار مجلس الأمني الدولي، وفي تحد للقرارات الدولية ولبعثة “المينورسو” المشرفة على وقف إطلاق النار في المنطقة، عمليا من خلال استهداف الأراضي المغربية وإشعال نار الحرب، والمحاولات العديدة للتسلل عبر المنطقة الآمنة لاستهداف الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، عبر فلول المرتزقة والإرهاب.
فحين يقف ما يسمى بقائد الأركان العسكرية لجبهة البوليساريو، محمد الوالي اعكيك، يوم السبت 21 من شهر ماي الجاري، ويعد بتنفيذ “عمليات فدائية عسكرية داخل الأقاليم الصحراوية” فهذا دليل قاطع على الطابع الإرهابي للحركة وعلى أن الجزائر داعمة للإرهاب ومحتضنة لفلوله، وأنها تستهدف التراب الوطني لدولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة، وهو ما يعكس طبيعتها الإرهابية.
وحينما يعتبر ذات “المسؤول” بأن “كل الأراضي الصحراوية هدف مشروع للعناصر العسكرية التابعة للجبهة”، فهذا معناه استهداف المدنيين الآمنين وخلق جو من الإرهاب والفوضى للتغطية على هزائم الجبهة وصانعتها الجزائر عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا.
وحينما يقول ذات المسؤول إن “العمليات العسكرية التي ستنفذها البوليساريو ستشمل مستقبلاً الأقاليم الصحراوية التي تضم مواطنين صحراويين متشبعين بالروح الوطنية وهم على استعداد تام لتنفيذ عمليات فدائية داخل هذه المدن المغربية”، فهذا إعلان حرب واضح وإقبار بشكل رسمي لوقف إطلاق النار المعلن عنه أمميا، وتكريس للطابع الإرهابي للجبهة ولداعمتها الرسمية وبشكل علني “الجزائر”.
طابع إرهابي غير خاف، ومعلن عنه في أكثر من مناسبة، فقد سبق للجبهة أن وجهت، رسالة إرهابية لشركة “وورلي” الأسترالية للخدمات الهندسية، المُشرفة على القيام بالمرحلة الثانية من المسح الهندسي المتعلق بمشروع ربط نيجيريا وأوروبا بأنبوب للغاز يعبر التراب المغربي، حيث أطلقت ما يسمى ب “الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن”، غير المعترف بها دوليا تهديدات “البوليساريو” الإرهابية الموجهة للشركة وللشركات الأجنبية العاملة على إنجاز المشروع مطالبة إياها ب”التخلي عن أنشطتها واستثماراتها”.
وهي رسالة إرهاب تحمل بشكل واضح تهديدا ضد الدول والحكومات من قبل مرتزقة “البوليساريو”، وهو ما يوضح الطابع الإرهابي للمرتزقة وتهديدهم للأمن والاستقرار الإقليميين، وضرب لسيادية الدول واستقلالها في قراراتها وإدارة خيراتها، خدمة لمصالح من صنعها من حكام الجزائر الذين لم يقبلوا انفلات المشروع من بين أيديهم لصالح المملكة، المنفتحة على عمقها الإفريقي، بما يعود بالنفع على شعوب القارة السمراء، ويعزز قوتها الاقتصادية واستقلالها الاقتصادي، ويساهم في بناء مؤسسات دول قوية خدمة للتنمية وللإنسان الإفريقي.
التهديد بالإرهاب وصل دورته حينما اعتبرت البوليساريو ممارسة الدول لسيادتها “جرائم حرب”، وهو ما يوضح بجلاء طابعها الإجرامي والإرهابي، وانتهاكها للقانون الدولي ولسيادة الدول واستقلالها في اتخاذ قراراتها الاقتصادية والسياسية والسيادية، وهو ما يجعلها في موقع مساءلة دولية بممارسة الإرهاب الدولي.
تصعيد “البوليساريو” مدفوعة من صانعتها الجزائر يعكس قثامة الوضع الداخلي الذي تعيشه الجبهة، وحالة الحصار التي تعيشها خارجيا بفعل الاكتساح الدبلوماسي المغربي لدول العالم العديدة التي أيدت مقترح الحل المغربي الواقعي والموضوعي، أو التي فتحت هيئات دبلوماسية لها بكل من العيون والداخلة، والموقف الأمريكي الداعم للمغرب، وأيضا الدعم الإسباني للمقترح المغربي لحل النزاع وبناء الاستقرار في جنوب البحر الأبيض المتوسط، وما خلفه هذا القرار من صدمة كبيرة للطرفين الذين عمدا إلى تعليق علاقاتهما الدبلوماسية مع مدريد، وإصرار الجانب الإسباني على موقفه معتبرا إياه ضمن المواقف السيادية لإسبانيا، وفق البيان الصادر عن الخارجية الإسبانية ردا على قرار سحب الجزائر لسفيرها من مدريد وتصريحات الخارجية الجزائرية.
التلويح بإشعال الفتن الإرهابية هو بحث من قبل كابرانات الجزائر وصنيعتهم البوليساريو عن مهدئات ومسكنات نفسية لرفع معنويات المرتزقة المنهارة، ومحاولة فاشلة لجذب الأنظار إلى المنطقة في نوع من الدعاية السياسية أمام حالة العجز التام التي تعيشها، والتي عكسها فشل كل محاولاتها لخلق حالة من التوتر على مستوى الجدار الأمني، والتفوق المغربي في ضرب كل تحركات المرتزقة، ووقوف “الدرون” الشبح القاتل، كما وصفها المرتزقة، التي تمخر سماء الصحراء وتراقب كل صغيرة وكبيرة في تحركات العدو، إضافة إلى الضربات الموجعة التي وجهتها هاته الطائرات لفلول العدو المتقدمة والتي جرت ورائها الجثث والخذلان.
وهي ردود إرهابية منتظرة بحكم الضغط الجزائري على المرتزقة والتمويل بسخاء الذي منح لهم في ظل أزمة اجتماعية خانقة لاستعادة ما يمكن استعادته من توازن مفقود نتيجة الضربات الموجعة التي تلقاها كابرانات الجزائر ومرتزقتهم عسكريا ودبلوماسيا.
هي أحقاد تعكس الطابع المصلحي البراغماتي لكابرانات الجزائر وتهاوي دموع التماسيح التي تذرفها في كل مرة مع موت الشعارات التي كانت تتغنى بها، ووعي العالم الرافض للتشرذم، بصوابية المقترح المغربي، في ظل وعي إسبانيا التي عاشت أوزار الوضع “الباسكي” المطالب بالاستقلال، بأحقية المقترح المغربي من واقع التجربة، ومواجهة كابرانات الجزائر المطالب “القبايلية” بالاستقلال بالقمع وسياسة الحديد والنار، وضرب حق الشعب “القبايلي” في تقرير مصيره.
لتبقى هاته التهديدات جعجعة طحين، ما دام الشعب المغربي موحد للدفاع عن القضية الوطنية الأولى، والصحراء تنعم بالمشاريع العملاقة المهيكلة للرقي بوضعها على كافة الأصعدة، وهي الإنجازات التي لم ترق للكابرانات ولمرتزقتهم، لأنها تعتبر الإجابة المادية القاتلة لأطروحاتهم الانفصالية.
الرد المغربي لم يتأخر فتهديد الوحدة الترابية خط أحمر، وكل التصريحات تؤخذ بعين الاعتبار، والاستعداد الميداني لأية حماقة قائم، إلى جانب الاستعداد الدبلوماسي والسياسي والشعبي لصفع كل من يحاول ضرب استقرار ووحدة الأرض والإنسان من طنجة للكويرة، فوفق إعلام الجبهة فإن المغرب أرسل تعزيزات عسكرية ونشرها في مناطق “المحبس” و”أوسرد” و”كلتة زمور”.
وربط الموقع هاته التحركات بالتصريحات التي أطلقها القيادي في البوليساريو، المدعو محمد الوالي اعكيك، والتي حرّض من خلالها الشباب في مدن الصحراء المغربية على استهداف القوات المسلحة الملكية المغربية، ولو أن الرد الرسمي المغربي في الموضوع لم يصدر.
ذات الموقع لم يستبعد أن يكون هذا الحشد مقدمة لتطهير تلك البؤر من فلول الإرهاب وتدمير جميع المرابض المغذية للإرهاب والانفصال المدعوم ماديا وسياسيا من قبل كابرانات الجزائر.
كما أن هاته الحشود قد تكون مقدمة لإعادة سيناريو تطهير معبر “الكركرات الحدودي”الذي شهد اندحار فلول الانفصال و الإرهاب وفرارهم أمام قوة وإيمان بواسل جيشنا المرابض في تلك الثغور ليعم الأمن والأمان تلك الربوع، وليعلن المغرب حينها أن مسألة المعبر الحدودي في “الكركرات” قد انتهت بصفة نهائية، ولن تتراجع القوات المغربية عن المعبر، بالرغم من نباح الجزائر وتباكي البوليساريو.
وضع تبقى فيه تلك التصريحات الصادرة، وكما قلناها مجرد جعجعة طحين، ومع ذلك يجب أخد أقصى درجات الجهوزية والحيطة والحذر وتنظيف الحدود من أوكار الإرهاب والانفصال، علما أن عددا من قادة الجبهة قد أقروا في غير ما مناسبة بصعوبة المواجهات مع القوات المسلحة الملكية المغربية حاليا، في ظل التفوق العسكري المغربي المسلح بأحدث الأسلحة.
وكانت الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان “ASADEDH” قد أدانت عبر بيان صادر عنها هذا التصريح، الصادر على لسان “محمد الوالي اعكيك”، معتبرة إياه تحريضا على تنفيذ عمليات إرهابية في المناطق الصحراوية تزامنا مع ذكرى 20 ماي.
وقد اعتبرت الجمعية الحقوقية الصحراوية هذا التصريح بمثابة دعوة للإرهاب بهدف خلق جو من الكراهية في صفوف الصحراويين، وزعزعة الاستقرار والسلم والسلام في المناطق الصحراوية، معبرة عن استهجانها لمثل هاته التصريحات غير المسؤولة، خاصة وأن زعيم الجبهة “إبراهيم غالي” متهم ومتابع قضائيا في قضية التخريب وأعمال الإرهاب والتفجير سنة 1975، بعد أن قام بتفجير حزام الفوسفاط، وأنها تترجم ضرب الجبهة للقرارات الدولية، خاصة تلك الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والمتعلقة بالوضع الميداني في منطقة الجنوب، مضيفة أن من يمارس هذا السلوك وهاته الاستفزازات يضع نفسه خارج الشرعية الدولية، في مواجهة مع الأمم المتحدة والقانون الدولي.
تصريحات التقت مع تهديدات سابقة أطلقها “إبراهيم غالي” معلنا من خلالها إنهاء وقف إطلاق النار مع المغرب، والاستعداد لممارسة الإرهاب ضد المملكة المغربية الذي جسده هذا الأخير من خلال زيارته لمناطق محاذية للجدار الأمني المغربي، في وقت سابق.
وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية “المينورسو” لمدة عام، داعيا “طرفي النزاع” إلى استئناف المفاوضات تحت رعاية المبعوث الأممي الإيطالي “ستافان دي ميستورا”.
وكان مجلس الأمن الدولي قد وافق على تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية “المينورسو” لمدة عام، ووجه دعوة لـ”طرفي النزاع” إلى استئناف المفاوضات “بدون شروط مسبقة وبحسن نية”، وهو ما تتحداه البوليساريو والجزائر الرافضتين للشرعية الدولية ولقرارات مجلس الأمن الدولي، وهو النص الذي صاغته الولايات المتحدة، وامتنعت كل من روسيا وتونس عن التصويت عليه، فيما أيده المغرب.
وعبرت البوليساريو عن رفضها للقرار الأممي جهارا عبر ممثلها لدى الأمم المتحدة، سيدي محمد عمار، من خلال خرجة عبر “تويتر” عبر من خلالها عن استياءه من هذا القرار الأممي “الذي حكم مسبقا بالفشل على مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وفق قوله، مضيفا “أقول بصوت عال وواضح لن يكون هناك أي وقف لإطلاق النار جديد”، فيما رحب به وزير الخارجية المغربي معتبرا إياه بأنه “يحدد الأطراف الحقيقية للنزاع بدعوته الجزائر للمشاركة بمسؤولية وبشكل بناء في هذا المسلسل”، وهو نفس الموقف العدائي الذي حمله الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، في وقت سابق، حينما دعا الجيش للاستعداد للمعركة ضد المغرب.
وكان وقف إطلاق النار قد أقر منذ نوفمبر /تشرين الثاني من سنة 1991، حيث دعا مجلس الأمن “إلى الاحترام الكامل للاتفاقات العسكرية المبرمة مع مينورسو المرتبطة بوقف إطلاق النار”، كامتحان لإرادة الطرفين السياسية في تطبيق مقترحات التسوية التي صادق عليها الجانبين في 30 أغسطس من سنة 1988، كاستمرار لبعثة المساعي الحميدة التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة بتعاون مع منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1985 والتي قدمت مقترحات للتسوية والتي حظيت بموافقة الطرفين معا، وهي القرارات التي اعتمدها الأمين العام للأمم المتحدة في إعداد تقريره المقدم إلى مجلس الأمن الدولي سنة 1990، مرفقا بخطة للتنفيذ.
هكذا يتوضح الطابع الإرهابي لجبهة البوليساريو، وانخراط الجزائر المباشر في عرقلة كل الحلول الأممية لقرارات الشرعية الدولية، وتجييشها للصراع بمنطق البراغماتية المغلف بالمواثيق الدولية، التي لا يشتم من روائحها الكريهة إلا تحقيق أطماع توسعية استثماراتية، والتي يعتبر المغرب منافسا قويا للاستفادة منها بحكم الطفرة الاقتصادية الهامة التي يعرفها على الصعيد الإقليمي والدولي، وهو ما يؤرق الجزائر ويدفعها إلى خلق جو من الإرهاب اتجاه المملكة وشعبها، المجندون دوما للدفاع عن قضاياهم المصيرية بكافة الأشكال والإمكانات الممكنة.
وأن التصريحات الصادر لا تعكس إلا انهيار المنظومة الجزائرية القائمة على لغة العسكر وقمع الشعب الجزائري وضرب كل مقومات عيشه بكرامة، من خلال خلق أجواء التصعيد والتوتر التي تعني المزيد من تحقيق منفعة الجنرالات والضباط، الذين سيركنون إلى الثكنات بدون امتيازات في حالة سيادة السلم والأمن الإقليمي.
التعليقات مغلقة.