أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

توترات الرحل والسكان تستنفر عمالتين وتجبر السلطات على التدخل

المواجهة بين الرحل وجوارهم كانت مستعرة خلال فترات مضت ، دون أن تندثر تمظهراتها المتمثلة في غزو أراضي الساكنة والإضرار بزراعتهم التي تعد المصدر الحيوي لعيشهم ، وهو ما تجسد في مناطق جهة سوس ماسة ، خصوصا في تزنيت ، شتوكة آيت بها اللتين تجددت بهما المواجهات السبت الماضي ، جراء إنزال رحل قبيلتين مختلفتين منحدرين من أقاليم جنوب المملكة . على مقربة من مطار أكادير في قلب غابة ” أدمين ” ، قوبل بتدخل فوري لمصالح السلطات المحلية والدرك والقوات المساعدة ، فضلا عن سلطة عمالة إنزكان آيت ملول بمجرد ما تناهى الأمر الى علمها ، لتجنب الأسوأ بإعمال حوار مسئول مع المعنيين بالأمر . وحسب مصادر محلية ، فقد تم تبادل الشتائم والسب الذي كاد يؤدي الى تطاحن الطرفين  . مواجهات بضواحي أكادير!

 العشرات من سكان تزنيت ونواحيها خرجوا في مسيرة حاشدة ، الأحد الماضي، للاحتجاج على الظلم الذي بات يطالهم من قبل الرّحل ، وأفادت مصادر محلية،  للتعبير عن غضبهم ورفضهم للتسيب الذي تعيشه المنطقة، جراء استيلاء الرّحل على أراضي المواطنين وتخريب ممتلكاتهم.

وأوضح المصدر نفسه، أن السكان رفعوا شعارات مطالبة بضرورة التدخل في أسرع وقت وإيجاد حل للسكان المغلوب على أمرهم، مشيرا إلى أن عامل إقليم إنزكان تمكن من التدخل وطمأنة السكان برفع الحيف عنهم وإيجاد حل لمشاكلهم.

وكانت تيزنيت شاهدة على مجموعة من المواجهات بين المواطنين والرحل، الذين قيل أنهم يتسببون في تخريب ممتلكات الغير ويتركون أغنامهم ترعى في أراضيهم، الشيء الذي يثير حفيظتهم ولا يتقبّلونه .

التوتر بمنطقة سوس.. كثير من الاحتقان وقليل من الاطمئنان

اختطافات،إتلاف للمحاصيل، اعتداءات مواجهات واشتباكات ، دعاوى قضائية ، استنفار للسلطات العمومية، كلها وقائع لا تنعدم بمناطق عديدة في سوس، أطرافها الرعاة الرحل وأهالي سوس.

نفوق أعداد من رؤوس المواشي المملوكة للرحل في مناطق عديدة بسوس ، كان بمثابة صب الزيت على النار، ووقوع مناوشات وتبادل للاتهامات، ومواجهات وصلت حدّ اختطافات وشبه “حرب عصابات”.

وتيرة الاحتجاجات المندّدة بالأضرار التي تُخلّفها قطعان مواشي الرحل على النبات والشجر وموارد المياه لم تهدأ بعد ، لذلك نشأت تنسيقيات وهيئات مدنية جعلت من قضية الرحل واحدة من أبرز مطالب دُبجت في بيانات عديدة، كما صدحت بها حناجر “آيت سوس” في الرباط والدار البيضاء وأكادير وتزنيت وتارودانت.

أحداث الجماعة الترابية “أربعاء الساحل”، ضواحي إقليم تزنيت، أعادت قضية الرعي الجائر إلى الواجهة ، وذلك بعد ما شهدته “السيحل” من مواجهات دامية بين رعاة رحل من الأقاليم الجنوبية للمغرب وساكنة المنطقة، وصل صداها إلى البرلمان وإلى وزارة الداخلية، وكانت موضوع أسئلة نواب برلمانيين من سوس ومن الجنوب ، ودفعت إلى رفع مطلب بتشكيل لجنة استطلاع برلمانية للوقوف على حجم الأضرار والاعتداءات ومعاينة الآثار المدمرة لآفة الرعي الجائر ميدانيا.

بعض الرعاة من آسا، نفوا تعمّدهم الاعتداء على ساكنة سوس، وإن كانت هناك حالات معزولة، فلا يجب التعميم”، موردين أن “من ساكنة هذه المناطق من يتعمّد تسميم المواشي، فتنفق عشرات الأغنام، مما يكبّدهم خسائر فادحة، تعيش معه أسرهم ومواشيهم في هلع ورعب .

ملف توجه رعاة رحل إلى مناطق سوس من أجل البحث عن الكلأ لماشيتهم، فتح جبهات لتبادل كل أشكال النعرات العرقية واستباحة أملاك الطرفيْن، كما أن من هؤلاء من يعمد إلى استفزاز الرحل ووصفهم بأبشع الأوصاف ويشكك في وطنيتهم، ويحاول خلق نعرات قبلية بين الأمازيغ والصحراويين”.

لم تضع “الحرب الضروس” بين الرحل وساكنة سوس أوزارها بعد، بل شهدت تطورات وُصفت بالخطيرة، فبعد الاتهامات بالقتل والاختطاف والاعتداءات الجسدية وتسميم القطيع، أصبح وتر قضية الوحدة الترابية للمغرب إحدى الأوتار التي يعزف عليها على خلفية كل تلك الوقائع، في محاولة للضغط علی المسؤولين بفرض مافيات الرعي الريعي علی مناطق سوس ، لتبرير الخروقات الكثيرة التي يقوم بها هؤلاء الرحل، بينما الحقيقة هي أنهم لا يعترفون بقوانين الدولة المغربية ولا بممتلكات السكان، بل ينتهكون كل شيء، فسكان سوس لا يمكن أن يرضخوا للابتزاز، كما لا يمكن لهم التخلي عن ممتلكاتهم وأرضهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات”.

مسلسل تواجد الرحل في مناطق سوس، حرّك فاعلين من سوس ومن الجنوب؛ للمطالبة بحماية الساكنة من “بطش” الرحل، وحماية الكسّابة الرحل من المضايقات في اطار حلول جذرية تضمن حقوق كافة الأطراف وتنزع فتيل المواجهات المتواصلة بين الرحل وساكنة سوس.

حل مشكل الترحال الرعوي في اجتماع اللجنة المركزية بين الداخلية والفلاحة بتيزنيت

حددت اللجنة الإقليمية للمراعي خلال اجتماعها الأربعاء بتزنيت، جملة من التدابير التي سيتم اعتمادها لحسن تدبير النشاط الرعوي بما يحترم حرمات الدواوير والأملاك الخاصة والموارد المعيشية وشجر الأركان الذي يشكل الغطاء الغابوي الأساسي بالمنطقة وموردا معيشيا للساكنة المحلية بالإقليم.

وأوضح بلاغ اجتماع اللجنة المنعقد تطبيقا للتوجيهات الصادرة عن اللجنة المركزية المشتركة بين وزارتي الداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، المتعلقة بالترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية ، تفاديا لأي احتكاك مع هذه الساكنة والمساس بمصالحها واستقرارها، وبما يكفل كذلك استمرارية هذا النشاط الرعوي المرخص له” ، تم التأكيد على مجموعة من محاور العمل بينها اختيار أربع جماعات بإقليم تيزنيت في إطار برنامج تنمية المراعي بالإقليم مع تدقيق برنامج يحفظ ممتلكات السكان؛ ووضع خريطة شاملة للمجالات الرعوية تحدد مواقعها وطبيعتها وجمع معطيات عن التجمعات الرعوية وتنقلاتها داخل المجال الإقليمي وخارجه، مع تحديد الممرات وتنظيم نشاط الرعي بعيدا عن الممتلكات الخاصة لساكنة المناطق المعنية؛ وكذا مراقبة الحالة الصحية للقطعان المراد ترحيلها تفاديا لانتشار الأمراض المعدية والمتنقلة.

كما يتعلق الأمر بتنظيم دورات تحسيسية لفائدة الكسابين والتنظيمات المهنية المسيرة للمجالات الرعوية مع مواكبة الكسابين الرحل المرخص لهم وتقديم كافة الخدمات المرتبطة بنشاطهم داخل المجال الرعوي المهيأ؛ وإحداث خلية للتدخل والمساهمة في تسوية النزاعات الناجمة عن الممارسات الرعوية.

وخلص الاجتماع إلى اعتماد عدد من المقترحات تشمل تسوية وضعية الرعاة الرحل المتواجدين بالإقليم وفق بنود قانون المراعي، بدراسة طلبات تراخيصهم، وفتح جزء من المجال الرعوي “المعدر الكبير” على مساحة 1000 هكتار لفائدة الكسابة في حدود 6.000 رأس، فضلا عن تقديم الدعم للكسابة المحليين والقادمين في إطار برامج إنقاذ الماشية.

وقال البلاغ إنه سيتم التنسيق مع السلطات المحلية والجماعات الترابية ومصالح أملاك الدولة، لإحداث مجالات رعوية تابعة لها على الممرات التقليدية للرعاة الرحل.

بلاغ لعمالة إقليم تارودانت

كما انعقد بمقر عمالة تارودانت، اجتماع موسع للجنة الإقليمية للمراعي لتدارس الإجراءات الواجب اتخاذها لضمان تأطير تنقلات الرعاة الرحل والحرص على مصالح ساكنة المناطق المعنية وتحديد المجالات الرعوية والغابوية الواجب فتحها لاستقبال القطعان وجمع وتحيين المعطيات المتعلقة بهوية الرحل وتسوية النزاعات الناجمة عن الممارسات الرعوية.

وخلال هذا الاجتماع الذي عرف تقديم عروض حول تنقلات قطعان الرعاة الرحل والحالة الراهنة للمجالات الرعوية على صعيد الإقليم، تم أيضا استعراض أهم منجزات برنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال المتخذة على صعيد الإقليم، والتي شملت 8 مراعٍ وإنجاز وإحداث 48 نقطة ماء وتفعيل عملية إراحة المراعي.

وعملا بمقتضيات القانون 13-113، تم خلال هذا الاجتماع اعتماد الاقتراحات التالية:

  • اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية مصالح الساكنة المحلية ، تسجيل جميع الكسابة الرحل على صعيد الإقليم ودراسة طلبات الترخيص الرعوي ،
  • دراسة إمكانية فتح المجالات الرعوية التي شملتها التهيئة عبر برنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال مع تحديد الحمولة المرجعية من الماشية التي سيسمح بإدخالها ،
  • إعداد خريطة المجالات الرعوية بما فيها الغابوية على صعيد الإقليم ،
  • فتح هذه المجالات للرعي في وجه الرعاة المحليين والرحل بعد موافقة ذوي الحقوق، وبما يضمن استدامة المواد الرعوية والحفاظ على ممتلكات الساكنة المحلية المجاورة لهذه المجالات .
  • تنظيم حملات تحسيسية حول مقتضيات القانون 13-113 ونصوصه التطبيقية على صعيد الجماعات الترابية المعنية بالنشاط الرعوي .
  • مواكبة الكسابين الرحل والبحث عن وسائل المساعدة بتنسيق مع التنظيمات المهنية الرعوية.

الرعاة الرحل القادمين من الجنوب الشرقي للمغرب، والذين يعيشون على تربية الماشية التي تفرض الترحال والبحث عن المراعي بمختلف أرجاء المغرب” ، أي المهنة الوحيدة التي يُتقنونها،  مع مراعاة أوقات حظر جمع ثمار الأركان وغير ذلك، من أجل احترامها وتفادي الاصطدام مع الأهالي، لتجنب الدخول في مواجهات مع الساكنة، والتعايش معها إلى حين موعد المغادرة.

حياة الترحال، “هي نمط عيش وثقافة وهوية موروثة ، والتنقل والترحال جزء من عاداتهم وتقاليدهم، تتم نحو الأماكن التي تتوفر فيها المراعي والمياه، رفقة المواشي والأبناء والممتلكات، ما يجعلهم يتكبّدون المعاناة والويلات خلال تلك الرحلات ، حيث ينعدم الاستقرار، وتكون الجبال والفيافي هي الموطن ، وتغيب أبسط ضروريات العيش، لكن رغم ما نُقاسيه، يبقى مبدأ احترام أعراف المناطق المستقبلة أحد أهم المبادئ “.

” القطاع جد حيوي، وينبغي إتاحة المراعي، ودعم القطاع في فترات الجفاف، حفاظا على هذه المواشي، ولأجل التخفيف من المشاكل الكثيرة التي يُعانيها “.

التعليقات مغلقة.