توحيد التأمين الصحي في المغرب إصلاح أم تهديد للمكتسبات الاجتماعية؟
جريدة أصوات
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، صادق مجلس المستشارين المغربي اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 على مشروع القانون رقم 54.23، الذي يهدف إلى توحيد نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض عبر دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS). بينما رحبت الأغلبية البرلمانية والنقابات الكبرى بالمشروع، اعتبرته المعارضة والعديد من النقابات تهديداً للمكتسبات التاريخية للعاملين في القطاع العام.
حصل المشروع على موافقة 39 مستشاراً، بينما عارضه 7، في تصويت كشف عن انقسام واضح بين الأطياف السياسية والنقابية. حيث دعمته فرق الأغلبية، إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بينما عارضه الفريق الاشتراكي ومجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بالإضافة إلى الاتحاد الوطني للشغل.
وقد أثار المشروع انتقادات حادة من بعض المستشارين، الذين اعتبروه “غير عادل” ويُهدد حقوق الموظفين. حيث قال المستشار خالد السطي إن “هذا النص يمس بمبدأ العدالة في التغطية الصحية، وسيؤدي إلى تراجع الخدمات المقدمة لموظفي القطاع العام”، مشيراً إلى أن “غياب الحوار مع الشركاء الاجتماعيين يضعف مشروعية الإصلاح”.
كشف السطي عن عدد من الثغرات في المشروع، منها استثناء طلبة التعليم العتيق ومعاهد القرويين من التغطية الصحية رغم كونهم جزءاً من المنظومة التعليمية. كما انتقد “إلغاء دور الجمعيات التعاضدية دون بدائل واضحة”، معتبراً أن ذلك “يُضعف التنافسية ويُهدد جودة الخدمات”.
وأشار أيضاً إلى ازدواجية المعايير في المادة 114، التي تُعفى بعض الفئات من الانتقال الإجباري إلى النظام الموحد، بينما تُفرض على منخرطي التعاضديات، مما أثار تساؤلات حول “تأثير لوبيات التأمين الخاص على القرار”.
حذر المعارضون من أن المشروع قد يُقلص مكتسبات العاملين في القطاع العام، الذين يخشون فقدان امتيازاتهم في CNOPS، سواء من حيث نسب التعويض أو سرعة الخدمات. كما أشار السطي إلى أن “الدولة تتنصل تدريجياً من تمويل الخدمات الوقائية، مما يُهدد مبدأ التضامن الاجتماعي ومجانية الخدمات الأساسية التي ينص عليها الدستور”.
في المقابل، دافع مؤيدو المشروع عن الخطوة، معتبرين أنها تُحسن كفاءة النظام الصحي وتُوحد آليات التدبير. إلا أن غياب الحوار مع النقابات والفئات المعنية أثار شكوكاً حول مدى استجابة الحكومة لمطالب الموظفين.
يُذكر أن هذا الإصلاح يأتي في إطار سياسة الدولة الرامية إلى تبسيط أنظمة الحماية الاجتماعية، لكنه يواجه رفضاً من فئات واسعة تخشى أن يكون على حساب حقوقها. والآن، ينتظر الرأي العام تطبيق القانون لمعرفة ما إذا كان سيحقق العدالة المنشودة أم سيزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي.
التعليقات مغلقة.