جائزة الحسن الثاني تجسد الإهتمام بتقاليد الفروسية كجزء من الهوية الثقافية للمملكة
جريدة أصوات
كما تكرس هذه التظاهرة، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، العناية التي يحيط بها المغاربة الفرس على مر العصور، والتي تجد صداها الواسع في ما يزخر به تراث المملكة من تقاليد عريقة تعكس العلاقة التي ربطت الإنسان المغربي بالجواد.
وتشكل جائزة الحسن الثاني، التي تقام دورتها الحالية بالمركب الملكي للفروسية والتبوريدة من 27 ماي الجاري إلى 2 يونيو المقبل، فرصة لعشرات القبائل والعشائر للتباري من أجل اختيار أحسن سربة لتمثيلها خير تمثيل في هذا الموعد السنوي، الذي يستقطب جمهورا عريضا من عشاق (التبوريدة) من مختلف الشرائح الاجتماعية.
وقد تزايد هذا الاهتمام في السنوات الأخيرة برياضة الفروسية التقليدية من خلال تنظيم مسابقات جهوية وبين الجهات ووطنية سنويا لاختيار أحسن “السربات” وأحسن فارس وأحسن فرس وأحسن زي تقليدي، والتي ترصد للمشاركين فيها جوائز مالية لتشجيع الإقبال على ممارسة هذه الرياضة المتجذرة في الثقافة المغربية والتي تشكل جزءا من أصالة المملكة وتاريخها التليد
ولضمان الخلف وحرصا على استمرارية هذا الموروث الثقافي الأصيل وانتقاله من الرعيل الأول إلى الجيل الصاعد، خصصت الجامعة الملكية المغربية للفروسية مسابقة للفتيان تتراوح أعمارهم ما بين 12 و16 سنة ،يتبارون بدورهم ضمن سربات تخضع للمعايير ذاتها المعتمدة في تنقيط الكبار.
ولتكريس الاهتمام بهذا الموروث الحضاري تقدم المغرب رسميا بملف ترشيحه لإدراج “التبوريدة” ضمن قائمة التراث اللامادي للإنسانية سنة 2019، ووافقت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي بعد أقل من سنتين على هذا الطلب، وذلك بفضل التعبئة الهامة للقنوات الدبلوماسية والأطراف الفاعلة في قطاع الفرس بالمغرب.
وهكذا، تم إدراج فنون الفروسية التقليدية “التبوريدة أو الفانطازيا” رسميا ضمن قائمة التراث العالمي خلال الدورة ال16 لاجتماع اللجنة سالفة الذكر، بتاريخ 15 دجنبر 2021 بالعاصمة الفرنسية باريس.
وتعرف الدورة ال23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية مشاركة 24 سربة من أفضل سربات الفروسية التقليدية بالمملكة منها 18 في فئة الكبار (17 سنة فما فوق) وست سربات في فئة الشبان (من 12 إلى 16 سنة)، والتي تأهلت عقب خوضها مسابقات جهوية ، وبين جهوية ، نظمت خلال شهري مارس وماي الماضيين بمختلف مدن المغرب، وبشراكة مع الشركة الملكية لتشجيع الفرس.
وتتضمن منافسات الفروسية التقليدية عروضا تقدمها السربات، التي تضم كل واحدة منها 14 فارسا وفرسا إضافة إلى “العلام” أو المقدم”، وتكون في غاية الانضباط لتنفيذ “التبوريدة” بدقة متناهية، على أن يتكلف “المقدم”، الذي غالبا ما يكون أكبر الفرسان سنا، بمهمة تنظيم وتحفيز الفرسان.
ويتم تنقيط السربات وفق معايير، يحددها الحكام التابعون للجامعة الملكية المغربية للفروسية، وتراعي الإنجازات التي يحققها فرسان “السربة” تحت قيادة “المقدم” ،والتعبير الحركي ،والتطابق الحركي الجماعي ،والسير بانضباط ، ووحدة حركة البنادق ،والطلقة الجماعية الموحدة ،ووحدة اللباس والسروج.
والقاعدة الأساسية في مجال التعبير، هي جودة الفرق المتبارية كل واحد حسب تقاليده وانتمائه لجهة أو ناحية، إذ يؤخذ بعين الاعتبار التنسيق بين فرسانها ودرجة التواصل والسيطرة على الجواد بالإضافة إلى طريقة الركوب والهيأة العامة للفارس والجواد على حد سواء.ويحرص الفرسان على ارتداء الزي التقليدي الذي يتكون عادة من “الجلابة” و”السلهام” و”العمامة” و”السروال الفضفاض”، ويتمنطقون بالخنجر “الكمية” ،فيما ينتعلون حذاء تقيلدي الصنع يسمى “اتْمَاكْ” يصل الى أسفل ركبة الفارس ، أما السلاح التقليدي لفنون الفروسية التقليدية فيتمثل في البندقية المعروفة ب “المكحلة” وتكون مرصعة بخطوط ونقوش متموجة.وتضفي السروج، التي تبدع أيادي صناع مهرة في تطريزها برسومات مستمدة من التراث المغربي الأصيل، على صهوات الخيول رونقا وعلى الفرسان وقارا وتبرز مكانتهم الاجتماعية وحظوتهم في القبائل التي ينتمون إليها.
وقبل أي انطلاقة (محاولة) يستعرض المقدم فرسانه قبل أن تدخل المجموعة إلى فضاء العرض (المحرك) وتبدأ بتحية الجمهور (الهدة أو التشويرة أو التسليمة).
إثر ذلك يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاقة، حيث يصطفون في خط مستقيم في انتظار إشارة “المقدم”، لتنطلق الخيول في سباق بديع يبرهن خلاله الفرسان عما يتوفرون عليه من مهارات سواء بالنسبة للسيطرة على الجياد لإبقائها في الصف أو في ما يخص الحركات الدائرية التي يؤدونها ببنادقهم قبل تنفيذ الطلقة بالبارود.
التعليقات مغلقة.