العربي كرفاص
شهد مدرج الندوات بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يوم الثلاثاء 21 أبريل 2021، حفل توقيع كتاب “علم النفس الاجتماعي في السياق المغربي، شهادات ومداخلات وأبحاث حول أعمال البروفسور المصطفى حدية”، من تنظيم فريق البحث في القضايا النفسية والتربوية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية-جامعة ابن طفيل-القنيطرة، وذلك بشراكة بين مختبر الإنسان والمجتمع والقيم والجمعية المغربية لعلم النفس.
في الجلسة الأولى، رحبت منسقة ومنظمة هذا اللقاء العلمي الأستاذة الباحثة الدكتورة عائشة زياني، التي سيرت هذه الاحتفالية بكل اقتدار، رحّبت بالمحتفى به البروفسور المصطفى حدية، وبنائب العميد المكلف بالشؤون البيداغوجية الأستاذ الدكتور فوزي بوخريص وبمدير مختبر الإنسان والمجتمع والقيم بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية الأستاذ الدكتور نبيل عبد الصمد.
في كلمة السيد عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية الأستاذ الدكتور جمال الكركوري، التي قدّمها نيابة عنه نائبه المكلف بالشؤون البيداغوجية الأستاذ الدكتور فوزي بوخريص، شكر الأستاذة الباحثة عائشة زياني على هذه المبادرة العلمية الأكاديمية ونوّه بمجهوداتها المتواصلة للرفع من مكانة الكلية وإشعاعها، كما رحب بجميع الأساتذة والأكاديميين والطلبة الحاضرين، ورحّب بكل الأعمال والأنشطة التي تصُب في خدمة البحوث الأكاديمية والرفع من جودة التحصيل العلمي للطلبة والطالبات. من جانبه، أشاد مدير مختبر الإنسان والمجتمع والقيم الأستاذ الدكتور نبيل عبد الصمد بمبادرة الأستاذة الباحثة الدكتورة عائشة زياني، معتبرا إياها قفزة نوعية في أنشطة الكلية، سيما وأن هذا اللقاء العلمي هو أول نشاط يقوم به مختبر الإنسان والمجتمع والقيم بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، يقول مدير المختبر، كما عدّد الأستاذ الدكتور نبيل عبد الصمد بمناقب ومنجزات المحتفى به.
الجلسة الثانية التي ترأستها الأستاذة الباحثة الدكتورة عائشة زياني، تميزت بمداخلات الأستاذ الدكتور مصطفى شكدالي، الأستاذ الدكتور أحمد البوعزاوي، الأستاذ الدكتور فوزي بوخريص ومحور حفل التوقيع عالم النفس الاجتماعي البروفسور المصطفي حدية.
في مداخلة الأستاذ الدكتور مصطفى شكدالي، منسق هذا المؤَلّف، أوضح بأن الكتاب يجمع بين دفتيه شهادات ومداخلات حول الأعمال البحثية للدكتور المصطفى حدية خلال مسيرته العلمية والبحثية بجامعة محمد الخامس وخارجها والتي ناهزت أربعة عقود، كما تعرّج الأستاذ الدكتور مصطفى شكدالي على أخاديد أعمال ومنجزات المحتفى به.
من جانبه، ركز الأستاذ الدكتور أحمد البوعزاوي في مداخلته على البعد الإنساني والجانب البحثي العلمي للدكتور المصطفى حدية. وعبر الدكتور البوعزاوي عن سعادته لحضور هذا اللقاء واشتغاله مع أستاذه المحتفى به البروفسور المصطفى حدية وتقاسمه معه لمجموعة من انشغالاته، وشكر الأستاذة الدكتورة عائشة زياني التي أتاحت له هاته الفرصة العلمية الأكاديمية للاعتراف بفضائل ومناقب القامة السيكولوجية المحتفى بها.
بدوره، قام الأستاذ الباحث الدكتور فوزي بوخريص بقراءة لمختلف الأفكار الأساسية المتخللة للمداخلات التي تضمنها هذا الكتاب، وأوضح بأن هذا المنجز هو محاولة للاعتراف العلمي والأخلاقي لمؤسس ورائد من رواد علم النفس الاجتماعي بالمغرب. وأكد الدكتور فوزي بوخريص بأنه من خلال الاطلاع على مختلف المداخلات التي جاءت في هذا الكتاب، لا يمكن فهم ريادة البروفسور المصطفى حدية وإسهامه التأسيسي لحقل علم النفس الاجتماعي داخل الجامعة المغربية ما لم يتم ربط ذلك بثلاث واجهات أساسية، وهي: أولا الواجهة المعرفية الإبستيمولوجية، ثانيا الواجهة التنظيمية المؤسساتية، أما الواجهة الثالثة فهي الواجهة المجتمعية. وأردف الدكتور فوزي بوخريص قائلا “نحن في هذا الكتاب بصدد مؤلف يمثل نوعا من الاعتراف العلمي والأخلاقي لما قدمه الأستاذ المصطفى حدية في حقل علم النفس الاجتماعي بالمغرب، وهذا الكتاب لا يمثل إلا النذر القليل للمنجز العلمي الذي قدمه الدكتور المصطفى حدية، ويمكن أن نعتبر هذا الكتاب الطبعة الأولى التي ستتلوها طبعات ومؤلفات أخرى مزيدة ومنقحة لأعمال الأستاذ المصطفى حدية، وتوسيع هذا المؤلف الاحتفائي بأعمال الأستاذ المصطفى حدية ينبغي أن يتضمن حوارا مكثفا ومفصلا حول المحتفى به، يستعرض مساره وأهم محطاته وواجهات اشتغاله المتعددة خصوصا ما يتضمن مساهماته التأسيسية في مجال علم النفس الاجتماعي”.
ولكي تكتمل حلقة هذا اللقاء العلمي، تناول الكلمة المحتفى به، ففي مستهل مداخلته، تقدم البروفسور المصطفى حدية بالشكر للأستاذة الدكتورة عائشة زياني على هذه الاِلتفاتة الإنسانية والأكاديمية، وعبّر عن اعتزازه وافتخاره بمعرفتها وبعلاقته العلمية معها، يقول البروفسور حدية “إن الأستاذة زياني كانت دائما في الندوات التي تكون بها حاضرة، كانت تُتحفنا بعرض ممنهج مدَقّق فيه جديد، فهي باحثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى”. وتوجه المحتفى به كذلك بالشكر لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة في شخص السيد العميد الدكتور جمال الكركوري ونائبه المكلف بالشؤون البيداغوجية الدكتور فوزي بوخريص. كما شكر الدكتور حدية كل الأساتذة الذين ساهموا في هذا الكتاب وأكد بأن أغلب المشاركين فيه له بهم علاقة طلبة في الثمانينات وأواخر السبعينات وذكر بالإسم بعض الحاضرين والحاضرات في هذا اللقاء ومنهم الأستاذة الدكتورة خلود السباعي(جامعة الحسن الثاني بالدر البيضاء) والأستاذة الدكتورة بنجلون ( جامعة محمد الخامس بالرباط)، وعبر البروفسور عن افتخارة بأساتذة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة كالأستاذ الدكتور الحمداوي والأستاذ الدكتور حمدان والأستاذ الدكتور نبيل عبد الصمد، وتوجه البروفسور حدية بشكر خاص للأستاذ الدكتور مصطفى شكدالي الجامع والمُراجع والمنسق لمواد هذا المؤلف. وأشاد كذلك بمجهودات أعضاء الجمعية المغربية لعلم النفس.
بعد ذلك تطرّق البروفسور المصطفى حدية إلى مساره في علم النفس الاجتماعي ووضعية علم النفس الاجتماعي بالمغرب، وعلى المستوى الدولي، على هذا المستوى الأخير يقول البروفسور حدية “الملاحظ هو أن علم النفس الاجتماعي هو حديث، هو جديد في الساحة العلمية، جديد بطريقة موضوعه، جديد بمنهجيته، بعلميته؛ إذا أخذنا علم الاجتماع وإذا أخذنا علم النفس فإننا في علم النفس الاجتماعي بينهما. علم النفس بصفة عامة يتناول الفرد ويبحث عن قوانين اشتغاله النفسية والعقلية والسلوكات…لتحقيق هدف أساسي هو الحصول على قوانين، على معرفة، معرفة عامة وهذا هو النقد الإبستيمولوجي الذي يوجه لعلم النفس، هو أنه يتكلم عن الإنسان بصفة عامة أينما كان”، ودلّل على ذلك بأمثلة لدراسات كل من “بياجي” و”إريكسون” و”فرويد”،…. وأضاف البروفسور حدية “ولكن في ماذا يفيدنا نحن، فيما يفيدني على المستوى الواقعي وأنا أعيش في مجتمع تتجاذبه وتتقاطع فيه عدة إشكالات وعدة مشاكل كيف نواجهه. النقد الإبستيمولوجي العميق الذي واجهناه أما علم الاجتماع، فهو يهتم بالمجموعات، بنيتها وظائفها تركيبها، الإديولوجيا السائدة فيها…النقد الأبستيمولوجي العميق الذي واجهناه في هذا التخصص كذلك هو أنه يتكلم عن المجموعات وعن المجتمع وينسى الفرد فالفرد ليس إلا رقما داخل الجماعة” وأوضح ذلك ببعض الأمثلة كظاهرة الانتحار عند “إميل دوركايم”. واستطرد البوفسور حدية شارحا “يعني أننا أمام علمين وصلا إلى درجة انسدت فيها الأفق في كيفية التعامل مع الإنسان وهو و يعيش وضعا معينا داخل المجتمع؛ هكذا إذن ظهر علم النفس الاجتماعي كملتقى لهذين العلمين” وأوضح ذلك بأمثلة كثيرة ومتنوعة من قلب الجامعة المغربية والجامعات الدولية وخصوصا الفرنسية. على المستوى الدولي، يضيف البروفسور المصطفى حدية “التجربة التي عاشها علم النفس الاجتماعي في الأربعينات هو علاقة الفرد بالآخر والبحث عن قوانين. ببلدنا المغرب يجب أن نحصر الوضعية في شيئين، فمنذ بداية الثمانينات انشطر علم النفس الاجتماعي إلى شطرين كتخصص، شطر خاص بعلم النفس الاجتماعي التجريبي والاتجاه الآخر هو علم النفس الاجتماعي التطبيقي؛ بحيث يختلف موضوع علم النفس الاجتماع التطبيقي عن الموضوع في علم النفس الاجتماعي التجريبي، والنتيجة التي نصل إليها في علم النفس التجريبي هي عامة جدا وتصلح على الإنسان كيفما كان في أي مجتمع. أما نحن فننطلق من شيء أساسي هو أن ما نحصل عليه من نتائج لا يمكن تعميمها على جميع الأفراد، لأنها محدودة من حيث الأفراد ومحدودة من حيث المتغيرات والنتيجة كذلك ومضبوطة بالزمان والمكان……العلمية تأتي بطريقة علمية وليس منهحية التي هي التجربة، نحن نشتغل في هذا السياق، هذا هو علم النفس الذي نشتغل فيه، إشكاليتنا انا والزملاء داخل المغرب هي أننا لا نرفض ما هو علمي تجريبي، بل أنه نظرا للخصوصيات فإننا نحدد الموضوع، نحدد المشكل وعندما نحدد المشكل نطرح تساؤلات قد تكون على شكل فرضيات، ونحدد التقنيات التي نشتغل بها ونصل إلى نتائج التي لها ما عليها، والتي نقول حسب الاتجاه الذي نشتغل عليه أنها محدودة بطريقة طرحي للموضوع وبطريقة تحديدي للمتغيرات وبطريقة تحديدي للمكان الذي تم فيه البحث. عليّ أن آخذ الفرد في الواقع الكيفي للفرد؛ نشتغل على سلوك الفرد أو حتى الجماعة الصغرى، آخذ الفرد، سلوك الفرد إليّ هو تابع لشخصية الفرد في بعدها المعرفي الانفعالي الوجداني وكذلك الفسيولوجي، السلوك تابع لشخصية الفرد في هذه الأبعاد الثلاث وهذا الفرد يتفاعل مع واقع معين، يؤثر في ذلك الواقع كما أن ذلك الواقع يؤثر فيه”، وقذّم البروفسور حدية في هذا المدمار بعض الأمثلة من الواقع المعيش وكذا من المواضيع الذي اشتغل عليها طيلة مسيرته العلمية الأكاديمية داخل المغرب وخارجه. وختم كلمته بقوله “نحن الآن، تقريبا، بصدد تأسيس مدرسة نفسية اجتماعية بالمغرب”. وهنأ جميع الزملاء على العمل الذي قاموا به، وهنأ كذلك طلبته على تشجيعهم له، وتمنى التوفيق للجميع.
أعقب ذلك، تفاعل الحاضرين من طلبة وأساتذة باحثين وأكاديميين مع المحتفى به. ثمّ تقديم شواهد تقديرية لكل من: البروفسور المصطفى حدية سلّمها له نائب العميد المكلف بالشؤون البيداغوجية الأستاذ الدكتور فوزي بوخريص، الأستاذ الدكتور مصطفى الشكدالي سلّمتها له الأستاذة الدكتورة خلود السباعي، الأستاذ الدكتور أحمد البوعزاوي سلمتها له الأستاذة الدكتورة بنجلون. واختتم هذا اللقاء العلمي الأكاديمي بحفل التوقيع.
التعليقات مغلقة.