أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حرائق الغابات القاتلة في العالم و الخبراء يقولون إن القادم أسوأ

محمد حميمداني

 العالم يشتعل بفعل موجة الحرارة الاستثنائية ، و صولات الحرائق التي غزت أجزاء مختلفة من كوكبنا خلال هذا الصيف ، أقواها ما شهدته كل من تركيا و اليونان و لبنان و إيطاليا و الولايات المتحدة الأمريكية ، البعض عزا الأمر إلى فعل طبيعي نتيجة الاحتباس الحراري ، فيما ذهب آخرون إلى أن هاته الحرائق مفتعلة .

 فقد أبت الحرائق إلا أن تغزو العديد من دول البحر الأبيض المتوسط ، حيث شبت في غابات قرية “القبيات” ، شمال لبنان ، و أودت قوتها بحياة مراهق انضم إلى متطوعي إخماد النيران ، فيما عمدت السلطات اللبنانية إلى إجلاء العشرات من مناطق اللهيب و فتحت تحقيقا في الموضوع .

 على وقع اللهيب المشتعل اضطر العشرات من اليونانيين إلى الفرار من منازلهم ، فيما يجاهد رجال الإطفاء للسيطرة على النيرات التي حصدت الأخضر و اليابس من الغابات منذ أيام ، و أخلت السلطات السياح و السكان المحليين بالقرب من “إيفيا” ، ثاني أكبر جزيرة في البلاد ، فيما أحصت السلطات تدمير العديد من المنازل و تحطم خطوط الكهرباء ، و قد تم إجلاء 2000 شخص من مناطق الأحداث ، وفق السلطات ، فيما سجلت نسب حرارة استثنائية لم تسجل منذ 30 سنة ، حيث بلغت 45 درجة مئوية ، و قد أودت بحياة شخصان ، ضمنهم أحد رجال الإطفاء ، حيث وصل الدخان الأجزاء الشمالية للعاصمة “أثينا” ، فيما وضعت السلطات ستة مناطق في حالة تأهب قصوى .

رئيس الوزراء اليوناني ، كيرياكوس ميتسوتاكيس ، قال إن موجة الحر حولت البلاد إلى برميل بارود .

 تركيا هي الأخرى لم تسلم من اللهيب الحارق ، إذ قتل ثمانية أشخاص على الأقل في جنوب تركيا ، حيث دمرت منتجعات ساحلية فيما أجبر السياح على الفرار ، على طول السواحل التركية المطلة على البحر المتوسط و بحر “إيجه” .

 و في سياق الجهود المبذولة لاحتواء الحرائق ، قالت السلطات التركية ، اليوم الاثنين ، إنها احتوت أكثر من 130 حريقا ، و أن الجهود لا زالت مستمرة لاحتواء المزيد .

 في الولايات المتحدة الأمريكية دمرت الحرائق ، التي اشتعلت في ولاية “أوريغون” ، أكثر من 300 ألف فدان ، و هو الأمر الذي اضطر السلطات لإجلاء السكان عن تلك المناطق المشتعلة ، فيما يجاهد أكثر من 2000 إطفائي لاحتواء أكبر موجة حرائق شهدتها المنطقة ، ضمن سلسلة حرائق شبت بأكثر من 80 موقعا في 13 ولاية أمريكية ، مع موجة رياح عاتية تزيد من صعوبة السيطرة على الحرائق .

 إيطاليا هي الأخرى لم تسلم من سوء الوضع المناخي و موجة الحرائق ، حيث قالت إدارة الإطفاء الإيطالية إنها تواصل مكافحة حرائق الغابات ، في الوقت نفسه يتوقع خبراء الأرصاد الجوية تسجيل درجات حرارة عالية للغاية في الأيام المقبلة ستصل إلى 45 درجة مئوية ، مع هبوب عواصف في الشمال ، و أنه قد تم تسجيل 395 حريقا خلال 12 ساعة الماضية ، وقعت جلها في مناطق “صقلية” و “كالابريا” .

و كانت إيطاليا قد شهدت ، مؤخرا ، فيضانات عمت العديد من البحيرات . 

و كان تقرير أممي قد أشار إلى أن منطقة البحر الأبيض المتوسط ستشهد موجات حر غير مسبوقة مصحوبة بموجة جفاف و حرائق ، حيث عد المنطقة “مركز التغير المناخي” . 

حيث أشار الفصل الخاص بوضعية المنطقة المناخية ، في مسودة التقرير الذي أعدته مجموعة العمل الثانية التابعة للهيئة الدولية المعنية بالتغير المناخي ، الذي سينشر في فبراير من سنة 2022 ، إلى أن سكان منطقة المتوسط البالغ عددهم أكثر من نصف مليار سيواجهون “مخاطر مناخية مترابطة للغاية” . 

و قد نقل التقرير “دواعي قلق تشمل مخاطر على صلة بارتفاع منسوب البحر و خسائر في التنوع الإحيائي البري و البحري و من مخاطر مرتبطة بالجفاف و حرائق الغابات و تغير دورة المياه و إنتاج الغذاء المعرض للخطر و المخاطر الصحية في المستوطنات الحضرية و الريفية جرّاء الحرارة الشديدة و تبدل ناقلات الأمراض” ، متوقعا ارتفاعا غير مسبوق في درجة الحرارة بالمنطقة ، خلال السنوات القادمة ، قد تكون مميتة ، و هو الأمر الذي سيهدد الزراعة و الثروة السمكية و السياحة نتيجة حرائق الغابات و شح المياه و الفيضانات … .  

يشار إلى أن الاحتباس الحراري قد ساهم في ارتفاع حرارة كوكب الأرض بنسبة وصلت إلى 1,1 درجة مئوية ، و قد تم تصنيف المنطقة بأنها “مركز التغير المناخي” . 

و حذت منظمات دولية مما أسمته كوارث “غير مسبوقة” في كوكبنا الذي يتعرض لموجات حرارة و فيضانات متتالية . 

و كان مؤتمر (كوب 26) الذي يعنى بالتغير المناخي ، المنعقد في “غلاسكو” ، قد قال إن البشر مسؤولون “بشكل لا لبس فيه” عن الاضطرابات المناخية ، مضيفا أن “ليس لديهم خيار سوى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كبير” إذا كانوا يريدون تلافي التداعيات و الكوارث . 

“كريستينا دال” ، إحدى المختصات في تغيرات الوضع المناخي قالت “إذا كنتم تعتقدون أن هذا أمر خطير ، تذكروا أن ما نراه اليوم هو مجرد البداية” ، فيما أضاف عالم المناخ ، “ديف رياي” ، إن “هذا التقرير يجب أن يخيف أي شخص يقرأه … إنّه يظهر إلى أين وصلنا ، و إلى أين نحن ذاهبون مع تغير المناخ ، إلى حفرة نواصل تعميقها” .

التعليقات مغلقة.