تثمل حرية التعبير عن الرأي حقا انسانيا طالما هذا الحق يمارس ضمن الضوابط واللوائح ولا يتعدى على مصالح وحريات الآخرين ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقا للشروط والضوابط والأوضاع التي يتبناها القانون.
ولنكن حذرين من وجود حدود معينة للتعبير عن الرأي وفقا لشروط وضوابط والا لسادت الفوضى والتعدي على حدود الآخرين.
لقد أخد مصطلح حرية الرأي أبعادا اجتماعية وسياسية واقتصادية ارتبطت بممارسات الأفراد والجماعات والتكتلات وتوجهاتهم، وأصبح الاعلام ووسائل الاتصال بكافة أنواعه المرئية والمسموعة والمقروءة وسيلة وغاية لابداء الآراء المتباينة والمتشابهة.
لقد كنا ولا نزال نرد المقولة بأن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، فالسؤال : كيف نفسر هذه المقولة وهل نحن ملتزمون بتطبيقها أم تاركون الحبل على الغارب؟
نعم ان مشاركة الأفراد في التعبير عن آرائهم مسألة يجب أن تحظى بالتقدير والتشجيع والاهتمام يتقديم أطروحاتهم وتصوراتهم وأفكارهم وتطلعاتهم وتحليلاتهم وفق الأطر العامة والقانونية التي يحكمها الدستور والتشريعات.
لقد أخدت حرية التعبير عن الآراء والأفكار أشكالا متعددة نتاد الخلفيات المعرفية والخبرات المختلفة والانتماءات والتوجهات والتي على اثرها يقدم الفرد رأيه اما صوابا أو خطأ ويصاحبه التمسك بالرأي والتعصب له ومعارضة من يخالفه دون لباقة واحترام رافضا الرأي الآخر حتى وان كان صوابا.
ان الاختلاف بالرأي امر صحي في حدود اللباقة لأجل فتح قنوات الحوار والمناقشة بهدف الاصلاح والتطوير وانعكاس ذلك على تماسك الأفراد وتطوير المجتمع.
ان التداعيات التي واكبت الأحداث المتسارعة على الصعيدين السياسي والاجتماعي جعلت حرية مسألة ذات جدل واسع، لأن البعض استخدم لغة الخطاب والحوار بأسلوب لا يليق بالآداب العامة وقيم المجتمع التي تربى عليها الأجداد وأفراد المجتمع بل خرجت عن الأعراف والتقاليد المتعارف عليها بحجة أنها ” حرية الرأي “.
ان المتابع والمحلل للأحداث السياسية التي مر بها العالم العربي يبى بأن حرية الرأي تجاوزت الحدود والضوابط والقيم التي أصبحت تتعدى على الأفراد والجماعات بل اساءت الى كثير من الأسر والقيادات كل حسب منصبه الأمر الذي أدى الى خلق ثقافة الكراهية والتعصب والعنف بأشكاله المختلفة.
ان استخدام حرية التعبير عن الرأي بهدف النقد الجارح السلبي للنيل من أفراد لمصلحة أفراد آخرين أو رمي التهم لأجل حسابات سياسية وضرب المصلحة العامة واشاعة الفتن والتفرقة بين عناصر المجتمع، لم يعد حرية لأنه خرج عن الأطر العامة والقانون وأصبح الإنسان محاسبا على تصرفاته وفق القانون.
ان ممارسة هذه الفوضى من الحريات لا تعمل على بناء مجتمع ولاتساعد على ترابط أفراده بل خلقت حالة من التشكيك والاتهام واقصاء الآخرين.
ان بناء شخصية الانسان وتعليمه وتدريبه امر في غاية الأهمية للمشاركىة في بناء المجتمع، وعلى المجتمع تعليم الأفراد واكسابهم القيم الحميدة والخبرات المتنوعة والخلفية العملية التي تساعدهم على الحياة وتحمل المسؤولية بعيدا عن التحيز والتعصب والغاء الآخرين.
لقد وهب الله عز وجل الإنسان تعمة العقل والتفكير، فلنحفز العقل على التفكير ولنجعله يتحكم في سلوكياتنا وتوجهاتنا وتصرفاتنا واتباع الحكمة واللباقة آداب الحوار، فليس عيبا ان نختلف ولكن العيب ان يتعدى البعض على الآخر.
محمد عيدني – عن مجلة الوطن
التعليقات مغلقة.