أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حكايات من النقال: شبكات تهريب الشباب من المغرب إلى قطر وتحديات المواجهة

جريدة أصوات

أصوات من الرباط

تعد ظاهرة تهريب الشباب عبر شبكات النقال من المغرب إلى قطر واحدة من الظواهر الخطيرة التي تؤرق السلطات والأهل على حد سواء. فهي ليست مجرد رحلة هجرة، بل تحتوي على مخاطر جمة وتحديات متعددة، وتكشف عن شبكات منظمة تتاجر بمستقبل الأحلام وأمل الشباب في حياة أفضل. يُعد النقال الوسيط الرئيسي في هذه اللعبة القذرة، حيث تستغل الشبكات هشاشة الشباب، وتعدهم بالمستحيل، في حين تبتلعهم مخاطر لا حصر لها.

خلفية الظاهرة

شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في عمليات تهريب الشباب من المغرب إلى قطر عبر شبكات تهريب منظمة تديرها مافيات من الأشخاص المحترفين في استغلال الرغبات والطموحات. إذ تعتمد هذه الشبكات على وسطاء ينشطون على تطبيقات التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، واتساب، وتيليجرام، حيث يروجون لعروض مغرية للعمل، أو الهجرة، أو حتى السفر لأغراض سياحية، فيما يختبئ خلف ذلك شبكة إجرامية ذات أهداف مالية بالدرجة الأولى.

السماسرة يدعون الشباب إلى رحلة مغرية، ويوهمونهم بأنها سهلة وآمنة، ما يدفع الكثير من أبناء الطبقة المتوسطة أو الفقيرة إلى مغامرة خطيرة بغية تحقيق حلم العمل أو تحسين وضعهم الاجتماعي.

كيف تتم عمليات التهريب عبر النقال؟

تبدأ العملية عادة بتواصل مباشر بين المهاجر المحتمل ومهربين يتمركزون غالبًا خارج المغرب، سواء في دول مجاورة أو في دول الخليج. يتم الاتفاق على المبلغ المالي، ويعدون المهاجر بإعطائه وثائق مزورة، أو يخططون لتهريبه عبر طرق غير مشروعة، إما عن طريق البحر، أو عبر الأراضي، أو باستخدام وثائق مزورة.

وفي العديد من الحالات، تستغل الشبكات ضعف التوعية لدى الشباب، لاسيما من ينقصه المعرفة القانونية والإجراءات الآمنة للهجرة، مما يجعلهم فريسة سهلة للمحتالين.

الأسر والأحلام

يحكي العديد من الشباب الذين وقعوا في قبضة هذه الشبكات عن أحلام كبيرة كانوا يعتقدون أنها ستتحقق في قطر، بلد الأثرياء والأعمال. بعضهم يُقنع بأن الفرص هناك كثيرة، وأن العمل مؤمن، وإن كانت هناك بعض التحديات هنا وهناك، فالدافع الأكبر هو تحسين وضعهم المادي وتحقيق طموحهم.

لكن ما إن يشرعوا في الرحلة، حتى تتغير الأمور تمامًا. تبدأ رحلة محفوفة بالمخاطر: التعرض للاعتقال، الاستغلال، العمل الأفلاطي، أو حتى الاختفاء، دون أي دعم من قبل عائلاتهم، التي تظل تترقب أخبار المفقودين.

التحديات التي تواجه السلطات والمجتمع

يواجه المغرب، مثل باقي الدول، تحديات كبرى في مواجهة شبكات التهريب عبر النقال، منها:

الانتشار الواسع للتقنيات الحديثة: فالشبكات تستغل تطبيقات التواصل الاجتماعي بشكل فعال، وتنتقل بسرعة، مما يصعب تعقبها.
نقص الوعي والتوعية: الكثير من الشباب غير مدرك للخطر الحقيقي، ويقع فريسة للمحتالين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
ضعف التنسيق الأمني الدولي: نظراً لأن هذه الشبكات تعمل عبر الحدود، يتطلب الأمر تعاونًا دوليًا قويًا، وهو ما يظل أحيانًا غير كافٍ.
غياب قوانين رادعة: رغم وجود قوانين لمكافحة التهريب، إلا أن التطبيق الفعلي يواجه تحديات، خاصة في ملاحقة المافيات المنظمة.

آفاق مواجهة الظاهرة

مواجهة تهريب الشباب عبر النقال تتطلب استراتيجيات متنوعة، تبدأ بالتوعية المستمرة، حيث يجب تثقيف الشباب حول مخاطر الهجرة غير القانونية وطرق الاحتيال عبر الإنترنت. كما يجدر تعزيز التعاون الأمني بين المغرب وقطر ودول المنطقة، لضرب شبكات التهريب على مستوى العالم.

أيضًا، يتعين على السلطات وضع برامج دعم للشباب، لتحسين فرص العمل، وتوفير بدائل قانونية للهجرة، والتشجيع على المشاريع الصغيرة والتنمية المستدامة.

حكايات العديد من الشباب المفقودين أو الذين تعرضوا للاستغلال والصدمات.

التعليقات مغلقة.