أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حكايات من مدينة منسية ماذا يقع اليوم في دمنات !؟

* يوسف بوستة

عرف الفضاء الازرق في الآونة الاخيرة تراشقا بين شباب مدينة دمنات، عبر تدوينات وتصريحات وكتابات هنا وهناك، تنم في غالبها ظاهريا على انها من باب الغيرة على هذه المدينة وعدم الرضى على ما هي عليه، وحتى لا نقع في خطا التصنيفات وقراءة النوايا وبعيدا عن كل اشكال التجريح والقذف، وعدم المساهمة في تحويل طاقات شبابنا الى حطب في نار الفساد الذي ظل ينخر المدينة لعقود ولا يزال كما يجتهد في ذلك المستفيدون من هذا الوضع، لينضاف الى سياسات التهميش والتفقير التي تنهجها الدولة المركزية خلال عقود مضت عبر مصالحها ومسؤوليها محليا واقليميا وجهويا، حيث تحولت السلطة ورموزها الى راعية للفساد والاستبداد عوض ان تكون قاطرة للتحديث والتنمية.
وللجواب على سؤال: ماذا يقع في مدينة دمنات !؟ لابد ان نعرف ماذا وقع وكيف ولماذا ؟ حتى نستطيع ان نجيب عن ما يلوج في صدور ابناءها ونتلمس الطريق جميعا جنبا الى جنب نحو الغد الافضل لهذه المدينة المنسية والمنهوبة، ومن خلالها باقي المناطق والجماعات المحيطة بها.
بالنظر الى تعمق الازمة الاقتصادية والاجتماعية وتزايد درجات النقد للمسؤولين على الشان المحلي، امتدت الانتقادات الى النخب من اطر تربوية وتعليمية وادارية وجمعوية وسياسية ومثقفين وفنانين ومبدعين خاصة العابرون منهم او المسكونون بحرقتها، ووضعهم جميعا في قفص الاتهام ومساؤلتهم ماذا قدموا لهذه المدينة؟ وكانهم هم المسؤولون عن ما تعرف المدينة وسكانها من تسيب وفوضى تزيد من حدة البؤس والفقر.
ان مشكل مدينة دمنات ليس مع اللذين واللواتي قضوا وقضين بها اياما من العمر في اطار مهامهم المهنية، ثم غادروا في اطار دورة الحياة ومنهم الطبيب والمهندس والمربي والمعلم والمؤطر والمناضل وقادة صنعوا التاريخ، لان الكثير منهم قد ساهم كل من موقعه باشياء جميلة لهذه المدينة وترك بصمات موشومة في الذاكرة الجماعية حتى وان لم تعرف طريقها نحو التدوين والكتابة، ومنهم من اختار الانتماء اليها وسكنها وسكنته واستقر بهم المقام عتيا.
ولكن المشكل الحقيقي هو مع ابناء المدينة ممن يسمون انفسهم بالوجهاء والاعيان، اللذين كانوا دائما في الواجهة يتحدثون باسم اهل المدينة ويقررون في مصيرها، بحيث ظل الكثير منهم في المجلس البلدي لسنوات دون ان يقدموا اي شيىء يذكر، سوى النهب والاغتناء غير المشروع وتجدهم يقومون بادوار الوساطة لتمكين رجال السلطة اللذين تعاقبوا على المسؤولية بالمدينة والاقليم، من مراكمة الثروات بطرق غير مشروعة بالرشاوي والعمولات واطلاق يد المفسدين والناهبين ليعيثوا في البلدة فسادا، ولا شك ان جزءا من ابناء المدينة يتحملون المسؤولية كذلك في تسهيل عمليات الابتزاز ومزيد من التهميش والتفقير، لانهم كانوا السند والداعم لكل هؤلاء في العديد من المحطات الانتخابية، والبعض منهم تحول مع الزمن الى مجرد خدم وعسس واعينهم التي لا تنام.
وبالنظر الى التاريخ النضالي لمدينة دمنات فقد تم وضعها في دائرة الضوء الكاشف للحد من التراكمات وتبخيس تضحيات ابناءها البررة، وما دام القمع وكل اشكال التضييق لم تعطي اكلها لترويض المنطقة برمتها، فقد تم الاهتداء الى اساليب خسيسة، لنكتشف ان الساكنة الدمناتية قد تم اختراقها من طرف اجهزة الاستخبارات بشكل خطير وهم معروفون ومكشوفون في المقاهي والطرقات وقد طال بهم المقام لعقود من الزمن، وقد نجحوا في خلق شبكات واسعة من البصاصين، وتراهم يتدخلون بالوان واوجه مختلفة في الحياة الخاصة والعامة للساكنة، ولاشك ان ما تعيشه هذه المدينة لهم فيه الاثر البليغ.
هذه بعض القضايا الاشكالية التي لا مناص من استحضارها لفهم ماذا يجري في مدينة دمنات، حتى تستطيع السواعد والطاقات البناءة خاصة من الشبيبة الدمناتية وهي تتاهب لاستعادة المبادرة وتحقيق ا عجز عنه اسلافهم من المناضلين الشرفاء، اما الباقي فمجرد صراعات انتخابوية ومصلحية ضيقة سرعان ما تخبو ثم تتراجع الى الخلف، انها فعلا حرب دونكيشوطية للالهاء ليس الا !

التعليقات مغلقة.