أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حكومة المهمة المحسومة

بروكسيل : مصطفى منيغ

بروكسيل : مصطفى منيغ

ترَي نفس الملح السياسي الرَّسمي المُضاف لتوابل أحزابٍ سياسية ثلاث وُضِعت تحت مجهر الشعب المغربي الذكي العارف بأحواله وبصمته المدروسة بتلقائية شبه موحَّدة انتظاراً للحظة لن يكرِّرها التاريخ الإنساني مرتين ، لا هي بالخريف العربي ولا هي بالربيع العربي بل موقف مغربي ، المسيرة الخضراء مثال جد بسيط منها ، ممَّا جعل الدولة من عقدٍ زمني لا تبخس ثمن أي آلة منذرة عن قربٍ أو بُعدٍ أي إشارة تُعِينُ الأمن على توقيف أي ريحٍ يَهبُّ على جو استعداد ظهور تلك اللحظة ، بالإضافة إلى تأسيس قوة تفوق قِوَى أي جهاز إستخبراتي في العالم ، جزء منه موجَّه لإطفاء أي شرارة من تلك اللحظة ، ومع ذلك والمؤكد بلا مبالغة ، أن الشعب المغربي قادر على التمكُّن بفرض تلك اللحظة المفصلية بين صبره الطويل ، وإرادته التي ليس لها أي بديل ، إلا الرجوع  للتدبير الحق بالحق وطرد الباطل ، وليتذكر من يسعى النّسيان أن الشعب المغربي أنجب “عبد الكريم الخطابي” و”علال بن عبد الله” و”المهدي بنبركة” وآلاف الأسماء .

تُرَي نفس الملح السياسي الرَّسمي المُضاف لتوابل أحزابٍ سياسية ثلاث منذ التفافها على “التجمع الوطني للأحرار” ليُقبَلَ منها مَنْ يُقبَل وزيراً ويشطَّب على باقي الترشيحات بالقلم الأحمر ، قد تملك تلك الأحزاب بعض الحقوق حالما تُفرز صناديق الاقتراع نجاحها ، إلاَّ الاختيار فحق تُحرَم منه لدخولها نفقاً كل خطوة نحو الأمام مؤداة عنها تحية الطاعة الكاملة المتكررة لتتمة الفحص الظاهري للمعني ، قبل الخروج لتلتقط عدسات الرقابة صور وجهه (على بغتة) وهو يبتسم ، إذ التجهّم إن بدا عليه يعرٍّضه مباشرة لإعادة النظر في تعيينه بالمرة ، فيسقط من القائمة الوزارية قبل وصوله لمقر حزبه ليروي ما حصل وبأدب جم ، إنها شكل مبتكر من ديمقراطية المغرب فريدة من نوعها ، لا مثيل لها حتى في دول لا تدري حتى معناها ، ومَن لا يعجبه تدبيرها المفروض بقوة الدستور ، فليشرب من البحر وان لم يرقه فلينتقل صوب المحيط منبع ملح السياسة الرسمية المستقبلية ، لمن يتتبَّع مثل الكلام ويفهم مكنونه محتفظاً بابتسامة مهما كانت صفراء ،المهم أن تُلتقَط  على محياه أي ابتسامة والسلا م .

… “اسرائيل” ستكون أسعد لو بقي “العثماني” وفريقه من حزب “العدالة والتنمية” ، ممَّا له من رمزية الإسلاميين المحتضنين للتطبيع معها، الذي اعتبرته مكسباً فاق ما كانت تحلم به ، زيادة عن تلك الطعنة المؤلمة في ظهر الشعب الفلسطيني المسلم ، وهذا وحده يكفي لينزوي ذاك الحزب صامتا وليترك غيره يتكلَّم كمعارضة ، إذ أن طعام سياسته مهما اختلطت بملح السياسة الرسمية لن يتذوّقه إلا القليل القليل من الشعب المغربي الكريم الشيم ،المفعمة مواقفه المبدئية بالوفاء للعهود ، كما يدعو لها الدين الإسلامي .

“إسرائيل” مع حكومة “أخنوش” لن تذهب إلى أبعد من تنفيذ ما ستكرسه وقائع الاختيارات الأمريكية في مجال استراتيجية جديدة تعوِّض “الولايات المتحدة الامريكية” انسحابها الأولي من منطقة الشرق الأوسط إلى الساحة المغاربية ومحورها سيكون المغرب . لذا لن تفاوض “إسرائيل” ” أخنوش” في شيء ، إذ المسألة اكبر منه بكثير ، مضبوطة وفق اتفاقات سرية في جانب وعلانية في آخر ، بين الإدارة الامريكية بكل مكونات حكامها ، والمملكة المغربية بقمة نظامها .

حكومة أخنوش متروكة لعجزها عن تحقيق ولو الربع بما وعدت به المغاربة ، لتواجه قلاقل لن تتمكن من الخروج بحل ابسط أسبابها ، وهذا شأن مفصَّل لجلب أنظار  (حتى من التزم الحياد فاعتمد على نفسه في الحصول على قوت يومه وما يربي به أولاده  ومثله الملايين) الأغلبية الصامتة أن الخير كلّ الخير في التشبث بسياسة الملح الرسمي ذي الأبعاد الأطلسية ودون ذلك هو تكرار ما سبق بتدهور أعمق .

…طبعا الجزائر مُبعِدَة نفسها عما يتمخَّض في مستقبل قريب لا يخدم مصلحة بقائها كدولة ، إن بقيت راكبة قطار يقوده حلفاء فرنسا المحاربة في صمت معروف ، التوجهات الأمريكية الجديدة في إفريقيا عامة وشمالها خاصة ، بالتأكيد الصدمة ستكون مهولة بالنسبة للجزائر وهي تتعرَّض لأخطر من استقلال “القبائل” عنها ، بترسيخ مرتزقة البوليساريو في مساحة لا يُستهان بها ، يقيمون عليها دولتهم كتعويض لما استعملتهم الجزائر الرسمية طيلة أربعين سنة كطلائع تشويش واعتداء على الوحدة الترابية للمملكة المغربية ، بعدما اتضح أن السماء أقرب إليهم من الوقوف على شبر واحد داخل أرض مروية بعرق ودم (إن لزم الأمر) كل المغاربة دون استثناء . أمامها الآن فرصة الالتحاق بما وصلها من مدة كنداء للعقل ، العناد في مثل القضايا الكبرى لا يزيد إلاّ الوقوع في أخطاء بعيدة كل البعد عن الحل الممكن ، العالم يتغير بدوله أيضا ، البارحة كان الكلام عبر الساحات المكتظة ، يخفي حقائق بحقائق قادرة على در الرماد في العيون ، اليوم هناك وسائل اتصال أظهرت الرئيس الجزائري في لحظة أنه لا يفهم أن المستمعين اليه أكثر معرفة منه بمراحل مهما كان المجال سياسيا أو تاريخيا ، وبذلك فقد ما كان يتمتع به من حضور أمام مواطنيه الذين أصبحوا لا مطلب لهم إلا أن يرحل فوراً قبل أن يُطرد بما لا يُحمَد عقباه والويل لمن كرهه الشعب .

… تونس تلقَّى رئيسها الإشارة مباشرة من الرئيس المصري “السيسي” ، على شكل فتوة معززة بكل الضمانات الفنية والتقنية و القرارات الممكن اتخاذها والسبل الكفيلة بإنجاح النتائج المرجوة ، خلال زيارة رسمية قام بها للقاهرة لغرض محدَّد لم تستطع الجهات الإعلامية التقاط ولو تلميحات تُرضى المتتبعين لمثل الأحداث . كان عليه أن يختار ومن موقع صعب ابتعد كليا عن فرنسا لأسباب وجيهة ، منها اطلاعه بكل التفاصيل على ما يربط تلك الدولة ببعض الأشخاص المتمكّنين في مناصب سامية ، وجودهم يعرقل تطلعات الشعب التونسي الثائر غير المستفيد أصلا من ثورته ، المصاب بإحباط استغله الرئيس التونسي أحسن استغلال ، فتحرَّك بعد توصله بما يسند ظهره من المغرب أيضا ، وإلى الآن بعد تعيين امرأة رئيسة للحكومة  لا زال ينظف بعض الإدارات العمومية من أشخاص لم يكفيهم الولاء لفرنسا بل عاثوا في الوطن التونسي فساداً، وغدا سيعلم الجميع أن التوجُّهات الأمريكية تهيئ الأرضية ليسود المفعول المغربي كجناح غربي ، المحلِّقة به الولايات المتحدة الامريكية رفقة الجناح “الإسرائيلي” في الشرق الأوسط ، لتنفيذ ما هو حاصل لمواجهة الصين ، فعلى المعارضة إن كانت هناك ، أن تعلم أن الحكومة الحالية مكلَّفة بمهمة محسومة لن تخرج عنها حتى لا تفقد ما لها من قيمة ، إذ هناك من المستجدات ما يقحم المغرب  في أعمال ومواقف ليس له من الضمانات ما يكفى ، أن مصالحه الإستراتيجية الكبرى ، ستحظى بما يفيد كمًّا و كيفاً شكلاً ومضموناً . 

التعليقات مغلقة.