أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الأستاذة الباحثة الدكتورة عائشة الزياني منسقة مسلك علم النفس بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل: نأمل أن يصل صيت السيكولوجيا المغربية إلى خارج حدود الوطن وأن يصبح لدينا خبراء وعلماء نفس مغاربة أكفاء

حاورها: العربي كرفاص

شهدت جامعة ابن طفيل مؤخرا تخرّج أول فوج في مسلك علم النفس، يأتي هذا الحدث العلمي الأكاديمي في ظروف استثنائية في ظل جائحة كورونا. وفي خضم هاته الأجواء عرف التكوين والبحث الميداني في زمن الجائحة بعض الصعوبات والإكراهات في المغرب ومجموع بقاع العالم، مما حدا بالباحثات والباحثين نهج  إستراتيجيات جديدة، فيما البعض الآخر أوقف البحث أملا في استئنافه بعد انتصار البشرية على فيروس كوفيد 19.

فما هو الصدى الذي خلفه تخرّج أول فوج في مسلك علم النفس بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل؟ وكيف تم التعامل مع الدروس النظرية والبحث الميداني والأكاديمي في زمن كورونا؟ وما هي الإستراتيجيات التي سلكها الباحثون لاستكمال التكوين والأبحاث الميدانية؟ وما مدى مساهمة السيكولوجيا في التصدي لهذا الوباء والتخفيف من هلع وذعر المواطنات والمواطنين؟

الجواب عن هذه الأسئلة والتساؤلات وسواها في الحوار التالي، مع الأستاذة الباحثة الدكتورة عائشة الزياني منسقة مسلك علم النفس بجامعة ابن طفيل.

س– نعيش هذه الأيام على وقع تخرج أول فوج في مسلك علم النفس في تاريخ جامعة ابن طفيل، باعتباركم منسقة المسلك، ماذا يمثل لكم هذا الحدث؟ وما هو تقييمكم لنتائج هذا الموسم الجامعي الاِستثنائي؟

ج – تغمرني السعادة بتخرج أول فوج من مسلك علم النفس بجامعة ابن طفيل. هذه المناسبة بمثابة محطة هامة تؤرخ لانطلاق مسار تكوين وتخرج سيكولوجيين في المستقبل، وهذا الباب سيفتح عدة مسارات اختيارية لدى الطالبات والطلبة، فمنهم من قد يختار مسار العمل ومنهم من قد يكمل مسيرته التكوينية. المهم إنه حدث سيؤسس لكل ما هو جديد في حياة الطالبات والطلبة. ولا اشك في أن تجربة تكوين الطالبات والطلبة قد كانت ناجحة بكل المقاييس رغم الظروف الاِستثنائية الوبائية.

س– منذ 16 مارس توقفت الدراسة حضوريا، فكيف تم تدبير الموسم الدراسي، وبأية إستراتيجية تم إتمام البحوث؟

 ج– خاض قطاع التعليم عامة تجربة تعليمية فريدة من نوعها، تطبعها التضحية والعزيمة و الانخراط بمسؤولية في استعمال شتى وسائل التواصل مع الطلبة بهدف إيصال المعلومات والاِستجابة لحاجتهم التكوينية. وقد مرت فترة التدريس عن بعد بطريقة جيدة إذ غطى الأساتذة والأستاذات جميع المواد والمقرر بكل محاوره وعناصره. وقد تؤسس، ربما، هذه التجربة لمرحلة جديدة أي مرحلة التفكير في إرساء شروط وظروف التكوين عن بعد في مرحلة ما بعد الوباء.

 س– على ذكر جائحة كوفيد 19، طفا على السطح، أدوار جديدة للأساتذة والباحثين في مجال علم النفس تُوّجت بإحداث خلية كوفيد 19 وإصدار مجموعة من الإنتاجات في هذا الصدد، فهل هي أدوار جديدة لعلم النفس في حياة المغاربة أم هي تدخلات فرضتها طبيعة المرحلة؟

 ج– التجربة الميدانية العلاجية وكذلك التكوين السيكولوجي كانا بمثابة العدة التي يتوفر عليها مسلك علم النفس، الشيء الذي دفعنا للتفكير قبل مرحلة الوباء في خلق خلية للاِستماع والدعم النفسي كمبادرة تعبر عن  انخراطنا اللّا مشروط في خدمة المجتمع آنيا ومستقبلا. وقد كانت فترة بداية الوباء مناسبة سانحة لخلق مشروع خلية الاِستماع والدعم النفسي  حيث عبر جميع الأساتذة والأستاذات عن رغبتهم في القيام بهذا الدور الذي ينتمي لمهام السيكولوجيين الذين لهم علاقة بالميدان التدخلي . وقد عملنا على استثمار تدخلاتنا السيكولوجية من خلال تقييم تجربتنا، وتشخيص المشاكل والاِضطرابات النفسية  التي ايقظها او عزز وجودها الوباء، كما أننا استخلصنا مجموعة من التوصيات التي سترسم لنا مستقبل بناء وتطوير هذه التجربة الميدانية.

 س– جائحة كورونا أتبثت أن علم النفس هو الملاذ الحقيقي للأزمات الاِجتماعية والضغوطات النفسية، في مقابل تراجع وانطفاء دور المتطفلين على الساحة السيكولوجية؟ فكيف سيتفاعل المهتمون بعلم النفس مع هذه التغيرات مستقبلا؟

 ج– لسنا هنا لمواجهة المتطفلين، القانون هو الذي سيحمي المجتمع من مثل هؤلاء الذين يهددون صحة وسلامة أبناء المجتمع، كمتخصصين في علم النفس همنا الأساسي هو تكوين طلبتنا والقيام بالبحث العلمي، والقيام بالاِستماع والدعم النفسي لفائدة المواطنين والمواطنات وعلى رأسهم الطالبات والطلبة. فغياب قانون منظم وعادل لمهنة السيكولوجي الحاصل على تكوين جامعي طويل المدى، هو الذي فتح الباب امام نشأة طفيليات سريعة التكوين في ثلاثة أيام. نأمل مستقبلا أن يحل هذا الإشكال القانوني.

 س– في نظركم، ما هي الإكراهات التي تحول دون توسيع العرض التربوي في مجال علم النفس في الجامعات المغرية؟

 ج– بالنسبة للباحث في علم النفس لا تنقصه العزيمة ولا الإرادة، لكن ينقصه التشجيع وأظن أنه قد آن الأوان لإشراك السيكولوجيا في أي تنمية أو أي إقلاع علمي أو تنموي. لقد آن الأوان لنشر الوعي السيكولوجي، فتجربة الاِستماع والدعم النفسي التي خاضها مسلك علم النفس قد عرت جزءا من الواقع النفسي المرير الذي يغمره الاِكتئاب والقلق والعنف والإدمان والمعاناة النفسية. علم النفس هو تخصص علمي وتطبيقي يهتم بالإنسان في مختلف حالاته ووضعياته ومجالاته وما أحوج مجتمعنا للسيكولوجيا.

 س– عودة إلى أسوار الجامعة، ما هي توجيهاتكم لخريجي الدفعة الأولى في مسلك علم النفس بجامعة ابن طفيل، وهل من إرشادات للراغبين في ولوج قارة هذا العلم؟

 ج– أتمنى أن يستمع خريجو الجامعة  بتمعن لفضولهم العلمي، ويتتبعوا المسارات العلمية السيكولوجية التي تستهويهم، وأن يكونوا هوية علمية سيكولوجية تستجيب لأخلاق الباحث وأخلاقيات البحث العلمي . وأتمنى كذلك أن يساهم هذا الجيل بعد تكوينه العالي في نشر وعي سيكولوجي متعدد الفروع والمرجعيات، وأن لا تتوقف الطموحات عند حدود الوطن، بل نأمل أن يصل صيت السيكولوجيا المغربية إلى خارج حدود الوطن وأن يصبح لدينا خبراء وعلماء نفس مغاربة أكفاء.

التعليقات مغلقة.