أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حوار من شرفة الإبداع نجلاء لحبيبي ” التشكيل .. روح الفنان والهواء الذي يتنفسه.. والحرية جزء من وجوده وكيانه”

حاورها : محمد حميمداني

من قلب الألم تولد إشراقة الإبداع ، و من رحم الإبداع ينمو و يترعرع طيف هذيان الصورة و اختلاط الألوان في الريشة لتتولد لوحة الحياة .

بهاته الكلمات البسيطة نبدأ رحلة عبور إلى قلب و عقل مبدعة لم يقف أمام تعبيرها صعوبة حالتها الصحية و تتمنى “جريدة و مجلة أصوات” لمبدعتنا الشفاء العاجل ، و الغفران لزمان و حمق اقتحامنا لمجالها في ليلة ظلماء ألما ، و لكن الزاهية لونا و قوة ، و لا غرو في ذلك ، و كما يقول المثل “ابن البط عوام” ، فمبدعتنا نمت و ترعرعت في وسط فني ، و آمنت بالفن رسالة ، معتبرة التشكيل ولادة ” التشكيل .. روح الفنان والهواء الذي يتنفسه.. والحرية جزء من وجوده وكيانه” ، كما قالت صادقة ، بكل الحب نبادلها الحب لصدق المخرج و عراقة و عمق الروح .

 

أصوات :

في البدء نرحب بمبدعتنا في ضيافة جريدة و مجلة أصوات 

و أول سؤال و هو كلاسيكي ، من تكون مبدعتنا ؟ نتحدث عن الشق الإنساني بطبيعة الحال .    

نجلاء لحبيبي :

اسمي نجلاء لحبيبي ، فنانة تشكيلية عصامية ، درست الفن بمفردي ، و طورته من خلال البحت الذاتي و التنقيب ، مغربية و أفتخر بانتمائي ، من مدينة آسفي عروس المحيط ، عشت و ترعرعت في بيت فني ، زاوج بين الموسيقى و الرسم ، رئيسة لجمعية روح فنان للفنون الجميلة بآسفي .

أصوات :

هل الأسرة فنية أيضا ؟ و من أكثر الأشخاص الذين أثروا في مسار مبدعتنا التشكيلي ؟ 

نجلاء لحبيبي :

أبي فنان ، نعم رجل تعليم بفكر سياسي ، فنان و موسيقي ، و رسام أيضا ، عاشق لعبد الحليم حافظ  و للفن الجميل .

أصوات :

تبارك الله ، أسرة فنية و دوق أصيل و رفيع .

كيف كانت البداية مع الريشة و الضوء و الألوان ، و في سن ؟

نجلاء لحبيبي :

كانت بداياتي ، عندما تعلمت مسك القلم ، حيت كنت أنقل كل ما أراه أو أشاهده ، و ذلك عند سن خمس سنوات .

بعد ذلك نمت الأنامل ، و شد العود الفني ، شاركت في عدة معارض داخلية ، و عالمية خارج الوطن ، أقمت عدة معارض فردية ، داخل المغرب و خارجه أيضا .

أقمت معرضا فرديا بلبنان ، حصلت فيه على درع وزارة الثقافة اللبنانية عن أحسن معرض فردي عربي .

لم تكن مسيرتي الفنية سهلة ، لكن بالعزيمة و الإرادة و الحب ، استطعت أن أبني اسما ، و أسلوبا مميزا ، أعجب به الكثير من المهتمين و المحترفين في مجال الفنون البصرية (فنان تشكيلي و نحاث) ، نجحت بفضل الله و عونه في تكوين جمهور محب لريشتي و لوحاتي .

أصوات :

ما هو اللون المميز الذي يروق لمبدعتنا و الذي يطغى على لوحاتك الإبداعية ؟ و ما هو الاتجاه الفني الذي تشعرين بقوة الإحساس و الحضور فيه ؟     

نجلاء لحبيبي :

ككل فنان تشكيلي ، بدأت بالأسلوب الواقعي التعبيري ، حيت كنت أنقل كل ما تلمحه عيني على ورقتي  أو لوحتي ، و بعد مدة و تجربة ، أي بعد عدة محاولات ، نجحت في خلق أسلوب يميز أعمالي ، و هو مزيج بين السريالية و التكعيبية .

و أقول صدقا إن الفنان الناجح هو من يطلق العنان لمخيلته ، كي يستحق لقب مبدع .

أصوات :

و لكن المخيلة ترصد الوقائع ، فالأنا الأعلى هو خزان للماضي القريب و البعيد .

المدرسة السريالية من خلال رائدها الأول ، فان جوخ ، لم يكن يرسم خربشات كما عومل لحظتها بل إحساس داخلي ، قوبل في الواقع بالتجاهل في حياته و الاعتراف بعد مماته ، ما رأيك في ذلك ؟

نجلاء لحبيبي :

سبحان الله ، الإبداع في ظل شيء هو تخيل ، و فنيته هي في قوة ربط الأشياء مع المتخيل ، مزيج بين الخيال و الواقع ، و هذا هو الجميل في الفن ، يمكن أن يحقق كل أحلامك  و يعطيك فرصة بكي تبدع و تعبر فتخلق أشيائك كما تريد أنت من خلال تصوراتك الواقعية .

الواقعية هي مدرسة تحاكي الأشياء و تنقلها كما هي ، و هي عدة اتجاهات منها الانطباعية و التعبيرية و الواقية التطبيقية .

أما السريالية فهي مزيج بين الواقعية و الخيال ، مثل الحلم ، يمكنك أن تتصور حجم المرأة بحجم الحصان ، و أن تختار لون الشيء كما تريد ، بما يسمى جنون التشكيل و مقاربة الأشياء بالتعبير عن فكرتك كما تريد .

أصوات :

كيف استطعت أن تمزجي بين السريالية و التكعيبية في عملك الإبداعي ، مع مراعاة صعوبة ربط الشكلين إبداعيا ؟ و كيف وجدت هذا الربط بالنسبة لك ؟

نجلاء لحبيبي :

لا أضنها صعبة بقدر ما أتصورها تقنية و تصور ، فيكفي أن تتصور الشيء كما تريد أنت ، لتتجرد بأسلوبك المغاير .

دائما أقول ، أترك العنان لمخيلتك ، لا تقيدها و تمنعها من العطاء و التميز .

و أنا في أغلبية أعمالي أتميز بخطوط رفيعة شفافة تزين لوحتي وتضفي عليها طابعا إبداعيا فريدا

فقط  ، أرسم بحرية ، لا أتقيد بأية قاعدة ، فقاعدتي الأساسية تقوم على التأمل ، و التصور ، و الأكثر الجرأة ، فأنا لا أخشى.أي شيء ، فحريتي ملازمة للجرأة في أن تكون ريشتي جريئة في اللون و الشكل ، و لكن أجبر عيني على أن تضبط التوازن و العمق حتى أنتج تحفتي كما تصورتها ، لا أتقيد بأية قاعدة ، و لا أخشى .

أصوات :

هل تؤمنين بجنون التشكيل ؟ و كيف تصورين هاته اللحظة ؟

نجلاء لحبيبي :

نعم ، فحين نتكلم عن السريالية ، نتكلم عن فنان مجنون،  بمعنى أنك لا يمكن نقد لوحة سريالية ، بقول أن المنطق لا يتقبل الشكل ، أو لونه ، أو ازدواجية الحوار اللامشروط بين العناصر المكونة للتحفة الفنية ، ساعتها عندما تسأل الفنان عن الحجم و الشكل و التقارب اللامنطقي ، يجيبك بغير المباشر أنه مجنون ، يحكي ما يراه بتصوره هو ، و بفلسفته هو أيضا للأشياء ، فإما أن تدخل عالمه ، لتجيب عن المعادلة ، و إما أن تضل تائها وسط عالم ليس لك .

أصوات :

التشكيل الحرية الحياة ، كيف ترين تلازمية هذا الحضور في مضمار العمل الفني ؟

نجلاء لحبيبي :

التشكيل روح الفنان و الهواء الذي يتنفسه ، و الحرية جزء من وجوده و كيانه .

فشخصية الفنان هي ترجمة حقيقية لمعنى الإنسان و الوجود و التأمل ، فكيف لسمكة خلقت حرة أن تعيش في حوض محصور ، صفة من صفات الفنان الحرية و التشكيل .

أصوات :

ما قولك بالنسبة الذين يعتبرون الفن التشكيلي مجرد خربشات ليس إلا ؟

نجلاء لحبيبي :

سأكون واضحة ، جريئة في جوابي عن هذا السؤال الجميل ، الفن ترجمة حقيقية  لما يحسه الإنسان بدون أن يشعر .

الفنون التشكيلية هبة إلهية ، حباها الله لمن أحب و أراد ليميزه عن باقي البشر ، فالفنان إنسان غير الآخر ، هو مبدع يتميز بقوة الملاحظة والدقة في رؤية الأشياء ، و له طاقة غريبة في فهم ما أمامه دون أن يتكلم ، فلا يقدر أي إنسان عادي أن ينقل بكل دقة ما يراه على ورق أو … أو أن ينحت أشياء يعجز الآخر عن صناعة مثلها ، فيبهر الناظرين بما يبدع .

أحكي هنا عن الموهوب الحقيقي  ، و ليس المتطفل ، فهناك إشارة بين الدماغ و اليد يتمتع بها الفنان  و ليس الآخرون ، و بصقل الموهبة ، و العمل عليها ، يمكننا خلق ما هو أروع ، زيادة على أن العلماء في أوروبا و الدول المتقدمة أصبحوا يعالجون عدة أمراض عن طريق الفن التشكيلي ، فكل لون له مغزى و معنى بدون أن نشعر ، زيادة على أن الفن يرقى بمستوى التفكير ، و يهذب الدوق  و يمحو الغبار على طريقة اختيار المسار الصحيح لكل شيء .

أصوات :

من من الفنانين العالميين الذين تحسين بنوع من القرب منهم فنيا ؟

نجلاء لحبيبي :

أحترم كل الفنانين العالميين و كل الأساليب لأنني أعتبر كل المدارس مكملة للأخرى ، / بيكاسو / مونييه/ فان كوخ……  كل له أسلوبه  …

أصوات :

و من من الفنانين التشكيليين المغاربة ؟ و هل استطاع الفن التشكيلي المغربي أن يرسخ موقع قدم على الساحة التشكيلية العالمية بصراحتك المعهودة ؟

نجلاء لحبيبي :

الفن المغربي له وزن و قيمة كبيرة ، فالفنانون المغاربة أبانوا على رقي ريشتهم رغم فقرنا من جهة تواجد معاهد و جامعات تؤطر الفنانين ، فأغلبية الفنانين اعتمدوا على اجتهاداتهم الشخصية في صقل مواهبهم ، فهناك صديقي الفنان احمد الهواري الذي اعشق أسلوبه المبهر في التشكيل و التصور و الحركة ، و الأستاذ المعطي ، و عدة فنانين تقف الريشة إجلالا و احتراما لهم ، ودائما أتكلم عن الفنان الحقيقي ، و ليس المتطفل .

أصوات :

أكيد ، أشكرك على صراحتك ، ما هو اللون المفضل لديك ؟

نجلاء لحبيبي :

أنا حبيبة كل الألوان ، و كل الألوان أيضا تحبني ، فعشقي للأحمر و الأصفر و البرتقالي كعشقي  للأخضر و الأرجواني ، كل لون له ميزته و رسالته .

أصوات :

ما هو الفضاء الطبيعي الذي يستهويك و تحسين بانجذاب أكثر إليه ؟

نجلاء لحبيبي :

أكيد أنني أحب الطبيعة و أحب أيضا الانعزال و الوحدة

هنا توقفت الرحلة الجميلة قسرا لأن مبدعتنا التي واجهت صعوبات صداع الرأس ، (عندي مشكل ألم ديال الرأس خليني حتى لغدا و أتصل بك ، مقدرتش نكمل) ، لم تستطع المقاومة ، رغم جمالية اللحظة ، لتضرب لنا موعدا آخر لإتمام اللقاء .

و واصلنا في اليوم الموالي

أصوات : 

لفن رسالة ، فما هي الرسالة التي تعملين على إيصالها للجمهور من خلال أعمالك الفنية ؟

نجلاء لحبيبي :

كل فن هو رسالة ، سواء كان مسرحا أم موسيقى  ، تشكيلا أو سينما ، رسائلي متعددة ، ففي كل لوحة رسالة ، و في كل فكرة قضية ، و أختزل ظل هذا في كلمة واحدة ، الجمال و الحب ، يمكننا الرقي و تحسين دوق المتلقي من خلال فن راق و جميل .

أصوات :

أشكرك أولا لفتحك صدرك بالحقيقة و الصدق لجريدة و مجلة أصوات ، و نترك لك كلمة حرة أخيرة

نجلاء لحبيبي :

 

في الختام أشكر جريدة و مجلة أصوات جزيل الشكر على فتح صدرها للفن و الفنانين ، و أقول ، إن الصدق في كل شيء هو سر نجاح الفنان و استمراريته و تميزه ، فكلما كان المرء صادقا ، كلما وضحت أمور كثيرة أمامه و فتح طريقه إلى الخير .

التعليقات مغلقة.