أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حينما تبكي أثينا قتل ترامب للديمقراطية في القرن الحالي.

محمد حميمداني.

صحت “أثينا” ذات صباح لتخبرنا أن الديمقراطية هي “حكم الشعب” ، سارعت أثينا الخطى تبحث عن أخواتها في شوارع برلين و باريس و لندن و سان تياغو و بغداد و القاهرة و بكين و موسكو … فوجدت أخوات بالتبني فقط ، و حينما انتقلت لواشنطن سرت لما رأت هجوم الآلاف على مبنى الكابيتول ، لكنها سرعان ما تاهت و اعتلت ، حينما عرفت من ترامب أن هاته الجموع تطالب بتغيير إرادة الشعب ، و صدمت أكثر حينما علمت أن أربعة أشخاص قضوا دفاعا عن قيم قلب إرادة الشعب .

الديمقراطية في القاموس المكتبي الغربي تعني المساواة في كرامة جميع البشر و حقوقهم ، و حرية تشكيل الرأي ، و حرية المطبوعات ، و حرية التعبير عن الرأي ، و أن الجميع متساوون أمام القانون ، و إجراء انتخابات حرة و نزيهة ووووو و هلم جرا و رفعا لهاته الستائر التي طالما غلفت المشاهد ، و تحدثت عنها المنابر ، و أقيمت لها الندوات و المنتديات تبجيلا و تعظيما حتى في وطننا ، و أوقدت ديباجة موتها ربيعا عربيا باسمها لقتل حق الشعوب في الخيرات ، لتحقق النهب و السلب و القتل و الاستلاب باسم الحرية و الديمقراطية و الحقوق المغتصبة ، ليتحول الربيع إلى خريف أسقط كل أوراق إرادة الشعوب ، و أعادها إلى فترة ما قبل سايكس بيكو .

ماذا تبقى اليوم من هذه التمييزات و التعريفات بين أنظمة الديمقراطية و العدل و المساواة ، و أنظمة الاستبداد ، ما دام الجوهر واحد ، قائم على إرهاب الناس و قلب الصناديق تنفيذا لتعليمات مريض مهووس بالكرسي ، شأنه في ذلك شأن باقي حكام الكراسي بالقوة و الإرهاب .

أن تستفيق واشنطن في صباح يوم جميل ممجد للتاريخ و الجغرافيا التي تغنت بها و جعلت لها تمثالا مطلا على بحرها ، ماذا تبقى من الحرية غير التمثال ، و لكن بعين دامعة ترثي حال من خرجوا و من قتلوا و من اعتقلوا ، و مشاهد النهب و السلب التي شهدها الكابيتول ستبقى راسخة في أذهان البشرية بقبح الصورة الموعودة و المسماة جنة ظلما ، مشاهد أحسسنا عبرها لأول وهلة أننا نحط الرحال في حضن دول و أنظمة الاستبداد ، لولا أن أفاقنا الإعلام أن تصوراتنا و تمثلانا سارت في الاتجاه الخطأ ، و أننا في حضرة عاصمة الحرية و الديمقراطية ، فتهنا و انطفأت إشارات التلفاز .

ماذا سيقول الذين خرجوا لقتل الأمل للأجيال القادمة ؟ و ما الفرق يا ترى بين مهووس برلين بالحكم ، و مهووس واشنطن بالكرسي ؟

ماذا ستروي الجدات لأبناء و حفدة قتيلي و قتيلتي مبنى الكابيتول ؟ ماذا ستحكي الجدة لأبناء و أحفاد آشلي بابيت التي تغذت بالحقد و العنصرية و الهوس بعظمة شخص مريض مهووس بالكرسي ،  حقنها و هي التي عملت في صفوف الجيش مدة 14 سنة ؟ ما الذي أنزلها من كاليفونيا إلى واشنطن تاركة أسرتها ، و عن أي قيم إنسانية كانت تدافع ؟ ما الصور و المشاهد التي سينقلونها لهؤلاء الأبرياء حينما يسألونهم عن سبب غياب ذويهم ؟ هل سيحدثونهم عن قصة الملائكة التي اصطحبت أرواحهم لعالم جميل ، و أنهم ينتظرونهم بالورود ؟ أم عن إجرام ترامب ؟ هل سيحكون لهم عن صور جميلة لواقع قبيح بعد أن يضيفوا لتلك المشاهد مساحيق التجميل لإخفاء أثر الجريمة الترامبية ، ليس في حق الضحايا ، و لا الولايات المتحدة الأمريكية ، بل الإنسانية كلها ، و المطالبة بالتغيير و البحث عن الحرية في فضاء حر غير أمريكا التي مات تمثالها غرقا في بحر الكابيتول .

هل تكفي الإدانة الدولية لجميع رؤساء العالم باستثناء طاغية البرازيل ، أن تمحو الذكرى و الذاكرة ، الأكيد الآني هو تقديم ترامب للعدالة باعتباره مجرم حرب ، و البعيد هو إعادة الاعتبار للإنسان و للقيم التي قتلت و ذبحت تحت مسلخ الكابيتول .

التعليقات مغلقة.