كشفت دراسة جديدة للمجلة الدولية للدراسات الكردية، التابعة للمركز الديمقراطي العربي، أن مدينة تادلة، التي تعتبر من المدن المغربية القديمة، ظلت لمدة تنمو خارج القوانين والوثائق المنظمة للتعمير؛ ما فتح المجال أمام مجموعة من الاختلالات التي أصبحت اليوم متراكمة بشكل سلبي.
وأوردت الدراسة ذاتها، التي أعدها هشام شعايبي ومحمد البوشيخي، الأستاذان بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن المدينة المغربية بشكل عام خضعت عبر مراحل تطورها للعديد من السياسات والأنظمة؛ أولاها تلك المتعلقة بمرحلة ما قبل الحماية، ثم فترة تطبيق الحماية، إلى ما بعد الاستقلال، وكل هاته المراحل المختلفة طبعتها ملامح الفوضى والعشوائية في التنظيم بسبب التوسع الكبير الذي عرفته.
وأضاف المصدر ذاته أن الدراسة طرحت في ضوء هذا الإشكال: كيف يمكن جعل قصبة تادلة مدينة مستدامة؟، وهذا التساؤل تتم الإجابة عنه بضرورة استحضار البعد البيئي في التنظيم المجالي لهاته المدينة، خاصة أن هاته المدينة لها من الخصوصيات البيئية والجيولوجية الكثير؛ وهو ما يستوجب استحضاره في جل البرامج التنموية.
وباعتبارها نظاما مكونا من مجموعة من العناصر المتفاعلة فيما بينها، من اقتصاد، واجتماع، وبيئة…، فإن هذا النظام المتوازن تعرض للتهديد في ظل غياب أحد هاته العناصر ضمن عمليات التخطيط الحضري، بسبب توسع مدينة تادلة على حساب النطاقات والمساحات الخضراء، أورد المصدر عينه.
في هذا السياق، واصلت الدراسة، المعنونة بـالبيئة الحضرية بالمدن المغربية الصغرى وإشكالية التهيئة المجالية، النبش في ظاهرة التوسع الحضري بمدينة تادلة وتأثيرها على البيئة؛ وهي الظاهرة التي تهم أيضا جميع المدن المغربية، إذ بينت أن توسع تادلة وباقي المدن المغربية راجع إلى خلل في النمو الديمغرافي، والتحولات السوسيو-اقتصادية، الأمر الذي أثر بشكل واضح على المجال البيئي، حيث تم البناء على حساب مساحات زراعية وغابوية، فيما رصد التلوث عبر وجود النفايات السامة، وتسوء التدبير.
وأكد المصدر ذاته أن ضعف العامل الديمغرافي يعد المحرك الأساس لإشكالية التعمير بمدينة تادلة، حيث ارتفع عدد السكان من 11,766 نسمة سنة 1960 إلى 47,343 نسمة بسنة 2014؛
وذلك بزيادة قدرها 1,39 في المائة، وهي نسبة ضعيفة مقارنة بمدن أخرى. وهذا العامل ساهم نوعا في التأثير على مستوى التنمية بقصبة تادلة.
وبينت المجلة الدولية للدراسات الكردية أن ضعف النمو الديمغرافي، الذي أصبحت تطبعه ظاهرة الهجرة من قبل سكان تادلة، يرافقه خلل على مستوى العقار، إذ تسود على مستوى المجال الحضري للمدينة أنظمة متعددة، كرستها من جهة الوظيفة العسكرية التي أسندت إليها منذ التأسيس، بالإضافة إلى الأنظمة التقليدية التي كانت تحيط بها.
في سياق متصل، كشفت الدراسة ذاتها أشكال التوسع الحضري لمدينة تادلة؛ فقد عرفت، على التوالي، شكل المدينة المغربية القديمة فترة ما قبل الحماية، ثم “شكل المدينة العسكرية” في فترة الحماية، إلى شكل “إعادة التنظيم الحضاري العشوائي والمتداخل” بعد الاستقلال، وهذا الأمر دفع تادلة إلى العيش خارج تصميمي منظم.
في الأخير، عادت الدراسة عينها إلى التشديد على أهمية التوفيق بين جميع المجالات في أي سياسة تنموية قد تشمل مدينة تادلة”، قبل أن يعود إلى الإقرار بأن “تميز هاته المدينة بخصائص سوسيو-اقتصادية ضعيفة يعرقل مسألة التوازنات البيئية والتعميرية.
التعليقات مغلقة.