أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

دعائم الدولة الاجتماعية

إعداد : عبد الواحد بلقصري

باحث في مركز الدكتوراه مختبر بيئة، تراب، تنمية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل

 

تقديم عام :

عرفت الأدبيات السياسية والانتروبولوجية في عدة دول أوروبية وشمال أوروبا الدولة الاجتماعية بأنها الدولة التي يلقى عليها واجب تقديم المساعدات والعون للفئات الضعيفة في المجتمع، والتي عليها مسؤولية حماية المواطنين من إمكانية الوقوع ضحية اقتصاد السوق الرأسمالي.*1*

والدولة الاجتماعية، هي التي تضمن التوزيع العادل من خلال الموارد والخدمات بناء على عدد من التشريعات، خصوصا في مجال التقاعد والشيخوخة والتأمين والعجز وغيرها من المخاطر التي تهدد الانسان، وتضع الاسرة تحت حماية قانونية خاصة، وهذه التشريعات يطلق عليها شبكة التأمينات الاجتماعية، ويعتبر النموذج الألماني إحدى أهم النماذج المتميزة في العالم ،حيث مع إعادة توحيد ألمانيا تم البدء في تطبيق نموذج الدولة الاجتماعية وبدأت الحكومة الفدرالية بصرف جزء من تكاليف إعادة توحيد ألمانيا*2*

كما عرفت المانيا اقتصاد السوق الاجتماعي، وهو اقتصاد يتخذ عدة تدابير لخلق توازن بين المصالح المختلفة في المجتمع، وهذا النوع مرتبط أساسا بمفهوم الانسان داخل الدولة، ودور الدولة حاضر بقوة في حماية حقوق الانسان الأساسية وكرامته غير القابلة للتصرف بموجب المادة الأولى من القانون الأساسي الألماني، حيث وضعت لذلك اطارا قانونيا للدولة الاجتماعية حيث ينص في مادته 20 على أن جمهورية ألمانيا الاتحادية دولة اتحادية ديمقراطية واجتماعية، كما نصت المادة 28 على ان دولة القانون التي تسودها العدالة الاجتماعية .*3*

مما سبق نستنتج أن دولة المانيا الاتحادية تعتبر نموذجا رائدا في تكريس دعائم الدولة الاجتماعية حيث، انها حققت مؤشرات للرفاه الإنساني بناء على أطروحة ان التنمية الاقتصادية هي التي تستطيع بناء الانسان عبر إعطائه الفرص والقدرات لينعم بحياة متوازنة وسليمة ، والسؤال الذي يطرح من خلال التجارب المقارنة يتبين لنا أن دعامات الدولة أصبحت حاضرة بشكل قوي لدينا سواء من خلال دستور سنة 2011، أو البرامج الحكومية للحكومات التي أعقبت هذا الدستور، حيث نص الدستور في تصديره ذكر بالعديد من دعائم الدولة الاجتماعية.*4*

إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.

المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.

كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء.

وإدراكا منها بضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها، من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا.

كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم، وتأسيسا على هذه القيم والمبادئ الثابتة، وعلى إرادتها القوية في ترسيخ روابط الإخاء والصداقة والتعاون والتضامن والشراكة البناءة، وتحقيق التقدم المشترك، فإن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير.*5*

كما نص في الفصل الأول على ما يلي:

  • نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية.

  • يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

  • تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي

  • التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة.

كما نص في الفصل 31 على ما يلي:

  • تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في:

–         العلاج والعناية الصحية؛

–         الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛

–         الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛

–         التنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة؛

–         التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية؛

–         السكن اللائق؛

–         الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي؛

–         ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق؛

–         الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛

–         التنمية المستدامة.

ونلاحظ من خلال ما سبق أن دستور 2011، أبرز لنا دعائم وركائز الدولة الاجتماعية الي تنبني على التضامن والمساواة والانصاف والحكامة الجيدة وتوزيع الخدمات العمومية بشكل متساو والاندماج الوطني والحماية الاجتماعية …

ترى هل جسدت البرامج الحكومية هاته الدعائم، سوف أركز على البرنامج الحكومي الأخير حيث ركز من خلال التزاماته العشرة على العديد من البنود تبين لنا محورية السياسات الاجتماعية ودعائم الدولة الاجتماعية ويمكن إجمالها فيما يلي :

  • تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة

  • إخراج مليون اسرة من الفقر والهشاشة *6*

  • حماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي

  • تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية الى اقل من 39 %

  • تعبئة المنظومة التربوية بهدف تصنيف المغرب ضمن احسن 60دولة عالميا

  • تعميم التعليم الاولي

  • رفع سن نشاط النساء الى اكثر من 30%عوض 20%حاليا

  • الرفع من وتيرة النمو الى معدل 4%خلال الخمس السنوات المقبلة

  • تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

نخلص في الأخير إلى أن المغرب استطاع بناء دعائم  للدولة الاجتماعية لكن تكريس بنودها وتفعيلها ما زال بحاجة ماسة إلى إرادة وطنية حقيقية ووعي مجتمعي.

لائحة المراجع والهوامش :

  • انظر سلسلة أوراق بحثية حول القانون والاقتصاد “قراءة في مفهوم الدولة الاجتماعية :النموذج الألماني دراسات حول نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي “

إعداد جميل سالم 6/2018 معهد الحقوق جامعة بيرزيت ،فلسطين

  • نفسه

  • نفسه

  • انظر مقالة حول “المسألة الاجتماعية في برامج الاحزاب السياسية المشكلة للحكومة ” عبدالواحد بلقصري، جريدة بناصا الالكترونية 22/02/2022

  • انظر دستور المملكة المغربية لسنة 2011

  • انظر البرنامج الحكومي 2021/2026

التعليقات مغلقة.