أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

دور النرجسية في تدمير الحب وإشعال الخيانات

بقلم الأستاذ محمد عيدني

أصوات من الرباط

في عالم العلاقات الإنسانية، تتجلى سمات الشخصية النرجسية بشكل واضح، حيث تؤثر بطريقة مباشرة على قدرة الإنسان على الحب الحقيقي والولاء. فهذه الشخصية، التي تعتمد بشكل كبير على الذات، غالبًا ما تتسم بصفات تجعل من الصعب على صاحبها أن يعي قيمة الشريك أو أن يشعر بالمشاعر النبيلة التي تُبنى على التقدير والاعتراف بالجميل.

تُعرف النرجسية بأنها حالة شخصية تتسم بالاعتمادية المفرطة على الذات، حيث يرى النرجسي نفسه محور العالم، ويميل إلى تقييم ذاته بشكل متضخم، دون أن يمنح الآخرين المكانة التي يستحقونها. من أبرز سماتها هو عدم القدرة على التفاعل المبني على الحب الحقيقي، فهو غالبًا لا يتعرف على طعم المشاعر العميقة، ويقتصر في علاقاته على الاستغلال والمظاهر الفارغة. تفتقر شخصيته إلى الحس الإنساني المتمثل في الإعانة، والتقدير، والاعتراف بالجميل، مما يجعل من العلاقات التي ينشئها سطحية وقابلة للانهيار في أي لحظة.

أما عن الخيانة، فهي سمة أكثر وضوحًا بين بعض النرجسيين، الذين لا يملكون فلسفة الولاء، ويبدو أن مصالحهم الذاتية تتقدم دائمًا على وعودهم وحساباتهم للآخرين. فبالنسبة لهم، العلاقات تتغير وتتبدل بحسب ما يخدم مصالحهم، ويكونون غالبًا غادرين في أوقات الأزمات أو عندما يجدون أنفسهم في موقف يهدد مصالحهم. هذا السلوك يضعهم في دائرة الشك، ويجعل فقدان الثقة أمرًا حتميًا.

وفي النهاية، يتضح أن النرجسية تضعف من قدرة الإنسان على الحب الحقيقي، وتجرده من أدنى معاني الوفاء، مما يؤدي إلى إعاقة بناء علاقات مستقرة ومستدامة. لذا، من المهم أن يعي الفرد هذه السمات ويحاول أن يوازن بينها وبين مشاعر الإنسانية، حتى يستطيع أن يبني علاقات صحية وواقعية تعتمد على التقدير والاحترام المتبادل.

التعليقات مغلقة.