ناقش الدكتور عبد اللطيف عادل؛ أستاذ بكلية اللغة العربية، صبيحة يوم السبت 20 ماي 2017 على الساعة العاشرة صباحا، أعمال بحثه لنيل شهادة التأهيل الجامعي في اللغة العربية في موضوع: ” ببلاغة الحجاج وتحليل الخطاب” بمدرج الشرقاوي إقبال.
وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة: د. محمد أزهري، و د. فيصل الشريبي، و د. عبد الواحد بن ياسر، و د.علي المتقي، حيث عرف هذا اللقاء العلمي حضورا وازنا لأصدقاء وأساتذة و طلبة الأستاذ عبد اللطيف عادل، بما في ذلك عائلته الصغيرة…
انطلقت تفاصيل المناقشة بأن أعطى؛ رئيس الجلسة العلمية محمد أزهري- بعد أن قدم ورقة ملخصة لمسار الأستاذ الباحث عبد اللطيف عادل- الكلمة لهذا الأخير، ليقدم أمام الحضور الكريم تقريرا مختزلا في غضون عشرين دقيقة.
بعد أن شكر الأستاذ عبد اللطيف عادل كل من حجوا لحضور مناقشته لنيل شهادة التأهيل الجامعي، قدم تقريرا؛ ضمنه زبدة ما جاء في ثنايا أعمال بحثه، أو بالأحرى مشروعه العلمي، ورصد من خلاله؛ محاولاته في الدراسة والبحث لموضوع البلاغة وتحليل الخطاب منذ التحاقه للتدريس بكلية اللغة العربية سنة2013، عازما على المضي قدما نحو تطوير معالمه مستقبلا؛ وهو يعلم أن هذا الأمر ليس بالسهل، بل يتطلب أن يعد له العدة، ويطلع ما وسعه الاطلاع، ويوسع القراءات في هذا القسم المعرفي من البلاغة، وأن يعمل على الاستيعاب الدقيق لخصائص الخطابات التي ستشكل عنده موضوعا للمتابعة والتحليل، هذا إلى جانب ضرورة الإفادة من ملاحظات وتوجيهات الأساتذة الذين تفضلوا بمناقشة ملفه العلمي. كما تناول في التقرير أيضا أهم الجوانب التي تؤطر مشروعه البلاغي؛ فتحدث عن الجانب التربوي في مسيرته العلمية ، الذي طبعته جملة من الجهود التربوية من تأطير وغيره…، إلى جانب الشق العلمي المتجسد في الأعمال الأكاديمية؛ سواء تلك التي نشرها الأستاذ عبد اللطيف عادل، أو تلك التي لازالت مرقونة إلى حين أن يقدر الله خروجها على الصورة السوية، ثم الشق المتعلق بالمسيرة العلمية الشخصية له… وفي ختام تقريره تقدم مرة أخرى بالشكر لجل الحاضرين؛ وعلى رأسهم الدكتور فيصل الشريبي الذي لم يمنعه عناء السفر ومشاقه من الاعتناء بعمله، كما شكر الدكتور عبد الواحد بن ياسر الذي درسه منذ أول سنة له من سلك الإجازة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش، وخصه بالمتابعة في الدراسات العليا بأن أشرف على أطروحته في سلك الدكتوراه…، هذا وقد أكد على شرف اعتزازه بالانتماء إلى كلية اللغة العربية التي احتضنته وأهلها، ومن تمة تقدم بالشكر الجزيل للعميد الدكتور محمد أزهري على ثقته الدائمة فيه وتحفيزه المستمر له، وللمفضال الدكتور علي المتقي؛ على نبله ورعايته وتوجيهه، وأيضا للدكتور مولاي المامون لمريني، ولأصدقائه بالكلية ومسؤوليها والطاقم الإداري بداخلها، ولعائلته الكبيرة والصغيرة، ولطلبته…
بعد ذلك أعطى رئيس الجلسة الكلمة للدكتور عبد الواحد بن ياسر، الذي قال أن الإنسان يصعب عليه أن يتحدث عن نفسه، أو جزء من ذاته، خاصة وأن الثقافة العربية تقوم على نكران الذات، ومن تمة، وجد نفسه في موقف يعسر عليه أن يُقَوِّم العمل الرصين للأستاذ عبد اللطيف عادل؛ الدَّمُ الجديد بالجامعة المغربية كما يراه هو، لا فقط بجامعة القاضي عياض؛ لهذا، فإن العلاقة التي جمعت الدكتور عبد الواحد بن ياسر بطالبه وزميله ذ.عبد اللطيف عادل، جعلت من إمكانية وضعه للمسافة الموضوعية بين العمل وصاحبه من جهة، وبين العمل من يُقَوِّمُه من جهة ثانية، أمرًا عسيرًا، كما أبان العارف المسرحي -د. بن ياسر- عن سعادته الغامرة، بتمكنه من انتشال هذا الباحث العضوي، والمتعدد، والديناميكي، والحي المثقف… الأستاذ عبد اللطيف عادل؛ رجل القيم في زمن قلت فيه مثل قيمه، بعد أن كادت أن تأخذه منه ” أولاد تيمة “؛ في إشارة منه لمسقط رأس الدكتور عبد الحميد زهيد، كما كان سينتشله النضال الثقافي والبدني والعمومي، وسيضيع العلم. ولم يفت الدكتور بن ياسر أن يعيد عجلة الزمان الجميل، إلى تلك الأمسية الشتوية التي سعد فيها بتقديم أطروحة الأستاذ عبد اللطيف عادل للمناقشة، حيث قال آنذاك ” كل ما في هذا العمل من مزايا فهو لـ: عبد اللطيف عادل، وكل ما فيه من سلبيات- إن كانت – فهي لي ولي (وِبَسْ ) فقط، وأثبت الزمان ما أثبت”، فقد تم اصدار الكتاب المعنون بـ ” بلاغة الإقناع في المناظرة “؛ وهو في الأصل أطروحة للدكتوراه، عن ثلاث دور محترمة للنشر في الشرق العربي والشرق المغربي الغربيين(منشورات ضفاف – دار الأمان – منشورات الاختلاف)، وأن يتوج بترتيبه في اللائحة الكبرى لجائزة الشيخ زايد فهذا دليل قاطع على أنَّ الطالب والأستاذ كانا على طريق قيم العلم والمحبة والتفاني…
كل هذا وذاك دفع بالدكتور بن ياسر لأن يكتفي ببعض الانطباعات؛ مطمورة ببعض الاشارات والملاحظات؛ حاول من خلالها أن يركز على مزايا العمل الذي كان بصدد مناقشته، واختار أن يقدمها في نقط رئيسة:
1الانزياح عن السائد والمتداول في حقل البلاغة؛ حيث لم يَعْمَد الأستاذ عبد اللطيف عادل لاجترار البضاعة الجاهزة، كما نجد في معظم الدراسات.
2 انتباه الباحث وسبقه المبكر إلى بلاغة الحجاج والإقناع، حيث لا نجد بحوثا متخصصة في ذات الشأن؛ اللهم بعض الإشارات المبثوثة في الكتب من هنا وهناك.
3 اختيار موضوع خطاب المناظرة اختيار ذكي وموفق للأستاذ، ينم عن حذقه وتبصره العلمي والمعرفي؛ كيف لا؟ وقد اتجه بنظره نحو مجال بكر شبه مهجور، فكانت مغامرةً أدت به ذات مساء لمناقشة أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه بكلية الآداب مراكش.
4 توسيع دائرة البحث في بلاغة الحجاج والمناظرة ( الخطاب السياسي، الشعر، القصص القرآن، المسرح…)، وهذا ينم عن اتساع أفق الباحث، لأنه لم يكتف بدراسة البلاغة بالبلاغة فقط، بل تعداها إلى النهل من حقول معرفية وعلمية مختلفة.
5 مزية الاستشراف؛ لأنه يحمل تشوفات علنية ونبيلة، إذْ لم يظل حبيسا لعرض المعلومات الجاهزة؛ بغية تحصيل درجة علمية فحسب، بل أثبت أن له مشروعا مستقبليا أمسك بزمامه…
وقد ختم الدكتور بن ياسر كلامه بقوله :” مزايا هذا الذي نحن بصدد مناقشة تحليل ملفه اليوم، عادل عبد اللطيف هو عادل بنا أو بدوننا… ” بعد أن أشار إلى بعض الملاحظات النيرة لطالبه وزميله المجد.
أما عن الدكتور فيصل الشرايبي، فقد أكد بدوره على أن الأستاذ عبد اللطيف عادل وعمله يتضمنان جملة من القيم العلمية النبيلة، كما أنه يحمل صورة تراثية ناصحة ليست كتلك التي تنفض الغبار عنه، وإنما هي صورة تطبعه بالجدية والجدة؛ صورة أخرجتنا من سراديب السجن والركون تحت أنقاض الماضي، كما أنه يمتاز بالراهنية والاستشرافية وَضِعًا لها أسسا وركائز قويمة. هذا إلى جانب أن الأستاذ جمع في عمله بين الحسنيين؛ تراثي أضفى عليه نوعا من الجدة بالاستناد الى معارف غربية حديثة، فشكل القديم والجديد عنده صورة متكاملة الأطراف، بالإضافة إلى ما أشار إليه الدكتور بن ياسر قبله، في كون صاحب العمل قد أماط اللثام عن موضوع المناظرة، كما أنه جمع بأسلوب حَسَنِ السَّبكِ بين ما كنا نراه بمثابة شُعَب متفرقة (السياسة، الشعر، المسرح…). كما أن له حماسا رائعا وشبابا متقدا أفرغه في البحث العلمي، لكنه طلب منه أن يوجه كل هذه الطاقة بشكل يستحق مكانته ومرتبته العلمية، لأنه كتب كُتَيِّبَين لا يليقان بمقامه ومكانته العلمية، وكان الأجدر به أن يأخذ وقتا كافيا ليخرجهما في كتاب مكتمل الصورة؛ كما وكيفا، وألحَّ أيضا الدكتور فيصل الشريبي على الأستاذ عبد اللطيف عادل بأن يعود إلى مصادر المناظرة في التراث العربي؛ حيث بمقدوره أن يضع مجمعا للمناظرات العربية : ( مروج الذهب للمسعودي، تجارب الأمم وتعاقب الهمم لبن مسكويه، الدخيرة في محاسن أهل الجزيرة لشنتريني، وكتب الجاحظ …)، وهذا من شأنه أن يجعل منه ربانا بلا منازع في بحره؛ أي المناظرة…
وبعد أن أتى دور الدكتور علي المتقي؛ مقرر هذه الجلسة العلمية، أثار مجموعة من الجوانب المتعلقة بالأستاذ عبد اللطيف عادل؛ اعتبارا للعلاقة التي جمعته به، منذ أن كان عضوا مشاركا في مناقشة أطروحته، إلى جانب عباس ارحيلة؛ الذي ترأس جلسة المناقشة آنذاك، ومن هنا أكد هو الآخر أن العمل الـمُنَاقَش غني كما وكيفا؛ ولا غرابة في ذلك، لأن الوقت الذي صَرفَهُ لأجله الأستاذ عبد اللطيف عادل متسلحا بعدة منهجية وأكاديمية؛ أعاناه على ذلك، وقد أشرف على كم هائل من بحوث الاجازة والماستر، وملفه العلمي يشهد على كفاءته، فمقالاته كثيرة، فضلا عن انخراطه في فريق بحث البلاغة وتحليل الخطاب.
هذا وقد أثار الدكتور علي المتقي أيضا غنى الأسس النظرية الفلسفية والبيانية التي استند إليها وعليها الأستاذ عبد اللطيف عادل؛ الأمر الذي أمكنه من التعديد في خطابات موضوع قراءته بين السرد الطويل والسرد القصير، و الخطابة والمناظرة…متجاوزا بذلك النمطية والتكرار في انتاجه العلمي، إلا أنه حصر أفقه في حجاج الدعاية السياسية، وهذا النوع من الخطاب لا يرقى للمكانة التي تستحق أن نخصص له جهدا علميا، نظرا لغياب المصداقية العلمية عنه، كما أن تواضع ولطف الأستاذ عبد اللطيف عادل، دفعا بقراءته للمشاريع الحجاجية للوقف عند الوصف فقط في بعض الأحيان، ولم يتم تجاوزها للنقد والقراءة التجاوزية لبعض الأشياء التي تفرض علينا الضرورة العلمية نقدها… وغيرها من الملاحظات الجادة التي وجهها الدكتور علي المتقي، لأنه يريد من الأستاذ عبد اللطيف عادل أن يحقق ما عجز عنه هو، كيف لا؟ والأب يحب أن يرى دائما ابنه أفضل وأحسن منه…
وضِمْنَ كلمات السادة الأساتذة أخذ الدكتور محمد أزهري الكلمة التي استهلها بالثناء على الأستاذ عبد اللطيف عادل، وإن كانت معرفته به لا تتعدى سنة 2013، عندما أعلنت كلية اللغة العربية عن مباراة لتوظيف أستاذ مساعد؛ التي ترشح لها الأستاذ عبد اللطيف عادل، حيث انبهر الدكتور الأزهري بملفه العلمي قبل أن يراه، وزاد ارتباطه وحبه له عندما تم استدعاؤه للمقابلة، فاكتشف الدكتور محمد أزهري كما قال في عبارته: ” اكتشفت أن في المغارة أسدا”، هذا وقد انتبه إلى أن الأستاذ عبد اللطيف عادل قد وظف جوانب من اسمه في ترتيب ملفه العلمي؛ أي العدل واللطف، فظل بذلك عنوان ملفه خيطا ناظما لجل مكونات ملفه، كما شَهِدَ له بقيامه التطوعي بأنشطة الدعم والتقوية للطلبة خارج الحصص المبرمجة؛ إذ أنه ينظم أنشطة لدعم الطلبة المقبلين على الامتحانات تربويا ونفسيا…، ومن بين ما يحسب له أيضا مزية الاجتهاد في اعتماد مناهج جديدة، واهتمامه بالجانب التطبيقي/ الإجرائي، وأيضا مزية الاستمرارية. أما عن جانب الأستاذ عبد اللطيف عادل الإنسان، فقد منعه تواضعه عن ذكر أعمال خارج الصعيد الوطني، كاستقباله لأستاذة نازحة من كلية الرياض بالسعودية، التي أرسلت بعد عودتها لبلدها رسالة شكر للكلية وللأستاذ نفسه… وغيرها من الأعمال التي لم يسمح المقام بذكرها كاملة.
في الختام أخذ الكلمة الأستاذ عبد اللطيف عادل ليشكر للمرة الثالثة الأساتذة، على توجيهاتهم وملاحظاتهم، التي وعدهم أنه سيجتهد من أجل مراعاتها، والعمل بها، بعد أن اعترف لهم بفضلهم عليه وعلى عمله، إذ قال ” سأستمر مدينا لاحتضانكم وتوجيهاتكم سكان قلبي، شكرا”.
التعليقات مغلقة.