محمد حميمداني
إحالة مشروع قانون تقنين “القنب الهندي” على الحكومة، لا زال يتفاعل ويغطي المشهد السياسي العام داخل مجموعة من التيارات والأحزاب السياسية المغربية، سواء من داخل التحالف الحكومي القائم أو من خارجه، في إطار حرب تراشق كلامي ملون بنسائم “كيف” الشمال.
وهكذا فقد وصلت تفاعلات رائحة “الكيف” إلى قيادة العدالة والتنمية، ومن الممكن أن تزيد في استفحال الشرخ القائم أصلا داخل قيادة الحزب على صعيد الأجنحة والقواعد، ما بين مؤيدي ترسيم النبتة ومعارضيها.
قيادة البيجيدي منقسمة حول الموضوع، وتصريحات قياديي “المصباح” متناقضة إن لم نقل متضاربة، والحرب ضد “العثماني” الموصوف ب “البراغماتي” وائتلافه مستعرة .
نقاش احتد بين القواعد الحزبية التي اعتبرت تمرير المشروع “تطبيعا” آخر مع الممنوعات، فيما وزراء “البيجيدي” المربوطين برابطة المصالح الضيقة، فيرون أن “الترسيم” هو وسيلة لتجفيف منابع تجار المخدرات من هاته النبتة، مستعينين بالقرار الأممي المتصالح مع النبتة، والذي أبعدها عن المخدرات وألبسها ثوب العلاج الصحي.
المجلس الحكومي، الذي انعقد أول أمس الخميس، أنهى اجتماعه دون المصادقة على الوصول إلى اتفاق بخصوص مصير النبتة و زراعتها بمنطقة الشمال، ضاربا موعدا للحسم – غير المنتظر – خلال اجتماع المجلس الحكومي المقبل.
يشار إلى أن مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المقننة لإنتاج “القنب الهندي”، نص على إحداث وكالة وطنية خاصة تتكفل بجمع النباتات من التعاونيات المرخص لها في مناطق الشمال، قصد توزيعها على الشركات المختصة في استخراج المواد الطبية والصيدلانية المغربية منها و الأجنبية.
رئيس فريق حزب العدالة و التنمية بمجلس النواب ، “عبد الله بوانو”، وخلال جلسة الأسئلة الشفهية، قال في معرض رده على وزير الصحة “الحسين الوردي”، إن من يروج لتقنين زراعة الكيف “إنما يبيع الوهم للمغاربة”، معتبرا تقنين زراعة “القنب الهندي”، مشكلا “صحيا و سياسيا في الوقت نفسه”، مشيرا إلى أن “تقنين زراعة الكيف أمر غير ممكن، فهذا يعني أن المغرب كله سيرزعه، و لا يجب أن نبيع الوهم للمغاربة”.
رائحة “الكيف” لم تقتصر على “مداخن” البيجيدي الداخلية بل فتحت صراعات في كل اتجاه، فرئيس الفريق الاستقلالي، “نور الدين مضيان”، قال إن من “يبيع الوهم هو من يقف ضد تقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية و صناعية”، مضيفا “يجب ألا نخلط بين شعبان و رمضان فطلب الفريق لتقنين زراعة الكيف هو لأغراض طبية و صناعية، للقضاء على آفة المخدرات، وهي تجربة قامت بها دول عديدة”.
حرب “الكيف” و “رائحته” امتدت لتعكس ردود أفعال ندواتية، مناصرة لتقنين استعمال النبتة و أخرى رافضة لعملية التقنين، طارت بين كل من طنجة و الرباط، في إطار حرب، مبطنة باسم النبتة والتنمية المستدامة التي تبقى لغة للتخاطب و التجاذب السياسي ليس إلا، في منطقة تعاني الفقر والتخلف والقهر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
ليتحول “الكيف” و رائحته، و”السبسي” الملحق بلهيبه و قوة اشتعاله، إلى مستوى من التعامل النفعي البراغماتي السياسي، البعيد كل البعد عن المفهوم الطبي المرتبط بالنبتة، أو المفهوم الاجتماعي المرتبط بالفلاحين الفقراء في منطقة الريف، لأن التقنين أو عدمه لا يحمل أي جديد لهؤلاء الناس، إن لم يصاحب بحماية فعلية ودعم قوي لهؤلاء الفلاحين الفقراء اجتماعيا وإنسانيا ، والمدخل مصالحة فعلية من خلال ضمان كافة الحقوق الأساسية، وأولها الحق في التنمية العادلة وضمان استدامتها، كمخارج لحلول بديلة، قد تشكل البديل الصحي والواقعي لأزمة منطقة عاشت وتعيش الغبن التاريخي، و دفع عجلة التنمية من خلال مشاريع هامة وواقعية، صناعية و فلاحية، تضمن الشغل للجميع، والخبز للجياع، والكرامة للإنسان في تلك الربوع بعيدا عن المزايدات السياسية التي لا تعني إلا تضاربات وتحولات حالة الطقس المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة ليس إلا.
فالتقنين من عدمه لن يخرج عن خدمة مصالح مافيا التهريب والمخدرات والتي ستجد الملاذ الآمن سواء لممارسة التهريب المقنن للمخدرات أو لتبييض الأموال عبر هاته البوابات المفتوحة باسم التعاونيات، أو شركات الوساطة المحدثة.
التعليقات مغلقة.