أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

روسيا، هل تاهت لجنتها العلمية في أوكرانيا؟

الحبيب عكي

لا أريد أن أكتب في كل شيء، ولست محللا جيوستراتيجيا يفهم في كل شيء، ولا عسكريا متخصصا في أي شيء، ولا شأن لي بالسياسة البيزنطية التي اعتادها العالم ولا يزال، ولكن فقط، وككل العالمين الأحرار، صدمنا هول الأحداث الرهيبة للعدوان الروسي “البربري الهمجي” المجنون على جارتها أوكرانيا، وفي عز موسم الشتاء القارس، وعز الجائحة الوبائية التي اجتاحت العالم ولا زالت تعدد من خسائرها ومآسيها، وكم كثر الحديث خلالها عن اللجنة العلمية، ومنظمة الصحة العالمية، وتتالي النسخ المتحورة للفيروس التاجي اللعين، ولماما ما أجدت معه كل الإجراءات الاحترازية ولا حتى اللقاحات الطبية التي أقرتها اللجنة الموقرة وطبقتها مرغمة كل دول العالم؟.

 

قلت، كم كثر الحديث عن تلك اللجنة العلمية التي كسر بها الإعلام الببغاء رؤوسنا، وفجر أدمغتنا، وأهلك أرواحنا المتعبة قبل أجسادنا العليلة، وهي في كل مرة تصور لنا الأمور علمية ومحسومة لا جدال فيها، في حين أنها وإلى اليوم لا زالت لغزا محيرا لكل ذي لب ألقى السمع وهو شهيد، فالمنصفون لا زالوا يتلمسون فيها الحقائق والجميع يقر أنهم طالما خلطوا المتمنيات بالأوهام واليأس بالأحلام؟، وكما إن البعض قد ركب على هذه اللجنة ليروج للأخبار الزائفة، فأسوأ منه من ركب عليها ليقرر في حق الآخرين سياسات تضييقية غير حقوقية، هي أبعد ما تكون عن محاربة الجائحة أو حتى محاصرتها لا من قريب ولا من بعيد، وكم غضبت منظمة الصحة العالمية آنذاك لذلك دون جدوى؟.

 

أين اختفت هذه اللجنة العلمية، ومنظمة الصحة العالمية، ومجلس الأمن الدولي، والدب الروسي الكاسر المجنون قد انفلت من عقاله وهاج في صقيعه يغزو جارته أوكرانيا، ضاربا بعرض الحائط كل ما فرضته الجائحة على الناس من احترازات التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامة، والنظافة بالمعقمات، والتلقيح بالجرعات والجرعات؟، هل كان كافيا أن “بوتين” أخذ جرعة من تلقيح بلاده السريري وأعطى أخرى ابنته حتى تحدث كل هذه الفوضى الحربية العارمة؟، هل بلغ التلقيح في روسيا حد المناعة الجماعية وهو لم يتجاوز 40%، هل أخذت عهدا من الجائحة بنهاية النسخ المتحورة من الفيروس الفتاك ولم تعد تعلن عنها وتحذر منها منظمة الصحة العالمية؟، أم أنها هي الفيروس المتحور الجديد “بوتينوس” التي أصاب العالم وهو لا يدري؟.

 

 ما ذنب الصغار والكبار وهم يحشرون رغما عنهم في الأقبية تحت الأرض، وفي الملاجئ دون تباعد ولا معقمات ولا مشروبات ولا مأكولات ولا.. ولا.، وهم في كل لحظة ينتظرون قصفا عدوانيا يسوي بهم الأرض أو يحرق بهم الخيام؟. ما ذنب الطلبة الأجانب يفزعون ويهرعون كل يوم في الفيافي وهم يمتطون الحافلات بالمئات (150) وحمولتها لا تتعدى العشرات (50)، والمحظوظ المحظوظ منهم من يقذف به خارج الحدود محروما من كل شيء في رحلة مع المجهول لا ربط ولا هاتف ولا مؤونة.. لا دراسة ولا إقامة ولا عودة؟، أهذا هو السلم العالمي وحقوق الإنسان التي يقيم الدب الكاسر المسعور بشأنها الدنيا ولا يقعدها لماذا لا يعترف له بها العالم؟.

أية حماقة هذه، أن تخاف روسيا من “الناتو” فتضرب أوكرانيا؟، أن تتضامن مع الصين في استعادة “تايوان” ضدا على أمريكا فتضرب أوكرانيا؟، أن تحن إلى الأحلام القيصرية في الاتحاد السوفياتي اللينيني الستاليني البائد فتضرب أوكرانيا؟، أن لا يكون عندها ولا عليها شيء فتضربها والحرب علي وعلى أوكرانيا.. مع العلم أن الحرب لن تربحها روسيا ولا أوكرانيا ولا أحد؟.

 

في الحقيقة، لا شيء من كل هذا مستغرب، لأن الدب االروسي وحش صقيعي كاسر اعتاد طوال حياته ألا يعيش إلا على الجوارح والولغ العدواني في دماء الجمهوريات الإسلامية القوقازية سابقا و المستقلة والمجاورة لروسيا حاليا ( أذربيجان – أوزبكستان – طاجيكستان – تركمانستان – كازاخستان – قيرغيزستان – جورجيا – أرمينيا – الشيشان..)، والتاريخ يشهد أنها قد كتمت أنفاسها ومنعت دينها 70 سنة مضت قبل أن يمن الله عليها ويفك أسرها من عضته الخانقة خلال انهيار الاتحاد السوفياتي نهاية الثمانينات. بل إن عدوان روسيا الفاشستية قد امتد إلى غيرها من البلدان الإسلامية المجاورة في أفغانستان وغير المجاورة في سوريا وليبيا لتثبيت أنظمة القمع المتهاوية والاسترزاق عنترية في ذلك، ناهيك عن مواقفها المخزية في مجلس الأمن كلما تعلق الأمر بمناصرة قضايا الدول الإسلامية المعتدى عليها؟.

 

وكارثة الكوارث اليوم أن ننتظر منها غير هذه “الدعشنة البوتينية” الرهيبة أو ننتظر من مجلس الأمن منعها وهي فيه عضو لها حق “الفيتو” “أو حق الظلم كما تشاء وعلى من تشاء دون مبررات ولا حتى مساءلات؟”. هذا المجلس الذي يحاول اليوم التحرك ما لم يتحرك في الحرب على اليمن وسوريا وليبيا وفلسطين والعراق.. إنه الكيل بمكيالين.. كارثة الكوارث هو كل هذا الصمت الرهيب والعجز  والفرجة الجماعية من طرف الجميع، رعاة سلام أمنيون وأوصياء حقوق دوليون ومسلمون معنيون..، وكأن أبناء أوكرانيا و خيراتها ومنشآتها وجامعاتها وكل أراضيها “كييفها” و”قرمها” حق مستباح أو هي دولة مستلقة ولكنها تحت “الوصاية الروسية الغادرة”؟، إنه اختفاء اللجنة العلمية والضمير العالمي بعيدا عن أوكرانيا.. فأي متحور تاجي جديد هذا الذي أصاب العالم.. إنه المتحور “بوتينوس والعياذ بالله؟”.

التعليقات مغلقة.