زهران ممداني: اليساري المسلم الذي هزّ عروش السلطة في نيويورك وأقلق تل أبيب
جريدة أصوات
في مفاجأة سياسية هزّت المشهد الانتخابي الأمريكي، فاز المرشح الاشتراكي المسلم زهران كوامي ممداني، ابن المهاجرين الأوغنديين، بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لعمدة نيويورك يوم الثلاثاء 25 يونيو/حزيران 2025، متغلباً على منافسه القوي الحاكم السابق أندرو كومو، الذي دعمته مليارات وول ستريت ونخبة المدينة السياسية.
من هو زهران ممداني؟
وُلد ممداني (38 عاماً) في حي كوينز لأسرة مهاجرة فرّت من أوغندا في ثمانينيات القرن الماضي. درس العلوم السياسية في جامعة مدينة نيويورك (CUNY)، وانخرط مبكراً في العمل المجتمعي، حيث نظّم حملات ضد إخلاء الأسر الفقيرة من منازلها وطالب بتمويل التعليم العام. اشتهر بخطابه الجريء ضد الرأسمالية المتوحشة وتضخم نفوذ الشركات، لكن ما ميّزه حقاً كان موقفه الصريح من القضية الفلسطينية، في وقت يتهرّب معظم السياسيين الأمريكيين من انتقاد إسرائيل.
انتصار المستضعفين على الآلة السياسية
قبل أشهر، لم يكن أحد يتوقع فوز ممداني. لكن حملته الشعبية، التي اعتمدت على تنظيم آلاف المتطوعين من الأحياء المهمّشة، نجحت في تحطيم أسطورة “المال يشتري الانتخابات”. فقد هزم مرشح المؤسسة الديمقراطية كومو، المدعوم من لوبيات العقار والمال، والذي وقف إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مجازر غزة.
هذا الفوز ليس انتصاراً لليسار فحسب، بل صفعة للمنظومة السياسية التقليدية: فهو أول مسلم يتقدم بقوة لقيادة نيويورك، وإذا فاز في نوفمبر/تشرين الثاني 2025 (كما تشير التوقعات في الولاية الزرقاء)، سيكون تحولاً تاريخياً في سياسة المدينة التي تُعتبر قلب الاقتصاد الأمريكي.
لماذا يُقلق ممداني إسرائيل وحلفاءها؟
على عكس معظم الديمقراطيين، لم يتبنَّ ممداني الخطاب المُنمَّق حول “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. بل دان الإبادة الجماعية في غزة علناً، ووصفها بجرائم الحرب، وطالب بوقف التمويل الأمريكي للاحتلال. مواقفه هذه جعلته هدفاً لهجمات وسائل الإعلام الموالية لإسرائيل، لكنها أكسبته تأييد جيل شاب يتوق إلى سياسة أخلاقية واضحة.
تصريحاته الأخيرة بعد فوزه كانت كفيلة بإثارة الذعر في تل أبيب: “نيويورك مدينة للجميع، وسنستخدم نفوذنا لمحاسبة كل من ينتهك حقوق الإنسان، سواء في وول ستريت أو في فلسطين”.
المعركة القادمة
رغم فوزه التمهيدي، ينتظر ممداني معركة شرسة مع الجمهوريين والمؤسسة الديمقراطية المحافظة. لكن صعوده يثبت أن قاعدة الحزب تتغير، وأن صوت المناهضين للحروب والعنصرية لم يعد يُسكت.
الآن، العيون تتجه إلى نوفمبر/تشرين الثاني فإذا أصبح ممداني عمدة نيويورك، فقد يفتح الباب لتحولات أكبر في المشهد السياسي الأمريكي، حيث يصبح دعم فلسطين جزءاً من الخطاب اليساري دون خوف.
التعليقات مغلقة.