وضع كارثي تعيش تحت وطأته ساكنة “حي الرفايف” بمدينة صفرو، في مقابل لامبالاة من المسؤولين والقائمين على تدبير الشأن المحلي، والساكنة تندد وتستغيث بالمسؤولين لإيقاف نزيف هاته الجراح القائمة.
أوضاع مزرية تسببت فيها لامبالاة المسؤولين المحليين، والممارسات والتهميش المتعمد الممارس على حساب الساكنة المغلوبة على أمرها.
المنطقة تحولت بحكم العشوائية وسوء التدبير واللامبالاة إلى مطرح للنفايات، تواجهها الأزبال في كل ناحية، وتراكمها يعرض الساكنة لكل الأمراض مع انتشار الروائح الكريهة والذباب والناموس “شنيولة”، وما يستتبع كل ذلك من ظاهرة الكلاب الضالة وما تشكله من أخطار على الساكنة، خاصة الأطفال منهم، فهل تحول الحي إلى مطرح لنفايات الأحياء الراقية؟ وأين مسؤولية المسؤولين أمام التوجيهات الملكية التي تحث على الإقلاع البيئي وصيانة الصحة العامة والانكباب على قضايا الناس ومشاكلهم؟ وما هو دور سلطات الوصاية في هذا الباب، أم أن منطق “كم من الأشياء قضيناها بتركها” هو لغة المسؤولين بالمنطقة؟
أسئلة تجد مرجعيتها من الواقع الذي عاينته “جريدة أصوات” مباشرة على أرض الواقع، وحالة التذمر والغضب التي تعلو وجه من حاورتهم الجريدة من ساكنة الحي، والذين نقلوا عفونة المكان التي لا تعكس إلا عفونة تصرف المسؤولين اتجاه قضايا الساكنة ومعاناتها، وحالة التملص بالوعود الكاذبة، فالروائح الكريهة ترحب بكل داخل للحي زائرا، وهي تعكس نمط السلوك الإداري والتدبيري الممارس.
الساكنة المذمرة والمتذمرة نقلت بجرح عميق معاناتها، حيث قال أحد الساكنة “قالونا يجيبو طراكس ينقيو دنيا وماشفنا والو وحنايا مراضين بالضيقة”، وضع يعكس الصورة القائمة والقاثمة، حيث الأزبال تغطي المكان والروائح تزكم الأنوف، والمواطنون يواجهون الروائح والآثار الصحية الخطيرة على الصحة العامة، وصمت المسؤولين عن معاناتهم بعد انقضاء فترة الوعود الانتخابية “لتخرج حليمة ما في عادتها القديمة”.
حي “الرفايف” المعزول، ساكنته تعاني في صمت قاتل، مدخلان يؤديان للحي، كلاهما عبارة عن هيكل قائم من الحفر، لا مجال للعبور بين عظامه لا للسيارات ولا للراجلين، والتهميش والفساد يلف جسد الحي، حيث انتشار المخدرات والفقر متلازمان، حتى الأطفال يجدون صعوبة في ولوج المدرسة خاصة في فترة الأمطار، حيث يطلب منهم أساتذتهم ترك أحذيتهم في الخارج وغسل أرجلهم ليتمكنوا من متابعة الحصص، وهو ما ينمي حالة الهدر المدرسي التي يسجل فيها المغرب نسبا لا تلمع صورته بل تساهم في اشتدادها على الرغم من عمل المستويات المركزية وتوجيهات صاحب الجلالة الجبارة من أجل تمكين الأسر الفقيرة من التمدرس ونحن على أبواب الدخول المدرسي والبرنامج الملكي الكبير “مليون محفظة” الذي هدف في فلسفته مساعدة أبناء الفقراء على التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، لكن كيف يمكن لهاته الفلسفة أن ترى النور والتحقق بمثل هاته اللامسوؤلية وغياب كل إمكانية مواصلة للمدارس أمام بنية تحتية قاتلة، وأين يتجلى دور المجالس إذن أمام هاته الصور القاتمة التي نحاول جاهدين نقلها؟.
الساكنة شبعت من الوعود التي لا تعني إلا استمرار الأزمة، والأطفال محصورون في فضاء التلوث وانتشار الغبار وتردي البنية التحتية ومحاصرة الوادي لا يجدون مكانا للعب والترويح عن النفس، والوعود الانتخابية تبخرت مع جلوس هاته الأنماط التدبيرية على الكرسي، وخدمة مصالح الناس أصبحت خاضعة للمساومة والحسابات السياسية.
الساكنة المحطمة قالت “واش احنا عندنا الزبالة، لا أشغال كل ما يوجد هو التهميش”.
وطفل يصرخ عاليا “يلا ما لبست البوط ما يمكنش ليا نقطع”، وآخر يقول “كيسميونا مور الواد ، يقذف علينا بالأزبال”، “الكل يقذف الأزبال، والنتيجة الروائح والذبان والناموس قتلنا”.
إنها صور حية لمشاهد من مغرب اليوم الذي يغرد خراج سرب التوجهات الرسمية المغربية والفلسفة الملكية السامية لبناء مغرب الإنسان والعصرنة والتربية والتعليم والنماء ومحاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية … التي لا تفهم من قبل المسؤولين المحليين، أو بالأحرى مغيبة لفائدة الاهتمام بالمشاريع ذات المردودية النفعية على حساب التنمية والتنمية المستدامة وخدمة قضايا الناس، وتطالب الساكنة الجهات المركزية والإقليمية والجهوية للنزول لمعاينة واقع العفونة لا المجالية فحسب بل التدبيرية في إطار تفعيل مقتضيات نص الدستور المغربي المؤكدة على ربط المسؤولية بالمحاسبة.
التعليقات مغلقة.